في اعقاب العطاء الدولاري الثالث للبنك المركزي المصري خلال الأسبوع الجاري وقيمته 40 مليون دولار سجلت أسعار دولار البنوك زيادة جديدة قدرها خمسة قروش بإجمالي 15 قرشاً خلال الأيام الثلاثة الأخيرة ليفقد الجنيه نحو 2.1% من قيمته وتراوحت أسعار الدولار الرسمية بين 730 قرشاً للشراء و733 قرشاً للبيع. من جانبها دخلت السوق الموازية في سباق مع البنوك وسجل سعر الدولار فيها زيادة جديدة ليتراوح سعر الشراء والبيع بين 790 و795 قرشاً وذلك وفقاً لمصادر بسوق الصرافة. وفيما لم يحدد البنك المركزي سقفاً يستهدفه لسعر الدولار في المدي القصير توقع مصرفيون أن يتم تثبيت السعر عند مستوي 8 جنيهات قبيل مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي وقد أثار القرار المفاجئ لتخفيض قيمة الجنيه بعد نحو سبعة شهور من الثبات حالة من الارتباك والترقب في سوق الصرف خارج نطاق البنوك وفيما رحب خبراء اقتصاد مصرفيين بالقرار تحفظ آخرون علي آثاره السلبية علي سوق السلع بينما حذرت شعبة المستوردين ومواد الغذاء من موجة ارتفاعات الأسعار علي خلفية خفض الجنيه. يري إسماعيل حسن محافظ البنك المركزي الأسبق ان قرار المركزي جاء في ضوء تراجع موارد النقد الأجنبي خاصة موارد السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة مشيراً إلي أن القرار يستهدف تقليل الفجوة بين السوقين الرسمي والموازي إلي أن تتلاشي أو حصرها فيما لا يتجاوز قرشين أو ثلاثة. وقال حسن إن المركزي لا يستطيع استهداف سعر معين للدولار إلا إذا كان لديه الموارد الكافية لتلبية احتياجات السوق مؤكداً ضرورة زيادة الإنتاج لدعم سعر العملة المحلية واستعادة ما فقدته. وفي الوقت الذي توافق فيه الدكتورة عالية المهدي عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة علي خفض قيمة الجنيه في ظل تراجع موارد النقد الأجنبي تؤكد ضرورة اتخاذ إجراءات أخري تساند إجراءات السياسة النقدية مثل ضبط الأسواق وترشيد فاتورة الواردات وتقلل المهدي من تأثير قرار خفض العملة المحلية علي زيادة الصادرات لافتة إلي أن الصادرات المصرية لا تتمتع بالمرونة الواجبة التي تستجيب لمثل هذا الإجراء ولذلك لابد من تحسين جودة المنتج المصري لدعم قدرته علي المنافسة في الأسواق العالمية وتتوقع المهدي أن يواصل المركزي رفع أسعار الدولار لكنها لا تتوقع ان يصل السعر إلي مستويات السوق السوداء لأن جانباً من تعاملاتها عبارة عن مضاربة علي سعر الجنيه. يري هاني توفيق رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر ان قرار تخفيض الجنيه خطوة في الاتجاه الصحيح تأخرت كثيراً رغم المطالبة بها منذ ان تراجع الدولار أمام العملات الأجنبية وتوقع ان تؤدي هذه الخطوة إلي زيادة تنافسية وجاذبية المنتجات الوطنية القابلة للتصدير إلي جانب ترشيد استهلاك السلع المستوردة وإحياء الصناعة الوطنية فضلاً عن الوصول للمؤتمر الاقتصادي بسعر موحد. وحذر الدكتور شريف قاسم أستاذ الاقتصاد ونائب رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية البنك المركزي من الاستمرار في تنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي سواء علي مستوي أسعار السلع أو العملة الوطنية متوقعاً آثاراً سلبية لتخفيض الجنيه علي مستوي معيشة المواطنين. من ناحيته أكد أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية ان رفع البنك المركزي سعر الدولار سيؤدي إلي زيادة أسعار السلع خلال الفترة المقبلة مشيراً إلي عدم توفر الدولار بالبنوك يدفع المستورد لشرائه من السوق الموازية بسعر يقترب من الجنيهات الثمانية مشيراً إلي ان ارتفاع دولار البنوك سيعمل علي زيادة أسعاره بالسوق السوداء خلال الفترة المقبلة مما يرفع أسعار السلع. طالب شيحة الحكومة بتوفير الدولار للمستوردين بالسعر الرسمي للحفاظ علي مستويات الأسعار دون زيادات كبيرة مشيراً إلي ان ارتفاع الدولار بالبنوك لن يؤثر علي قطاعات الأدوية أو المواد الخام أو القطاعات التي توفر البنوك لها احتياجاتها الدولارية بينما تتأثر بشكل مباشر الشركات العاملة في استيراد السلع الاستهلاكية والمنتجات الغذائية والتي توفر الدولار من السوق السوداء. يتوقع أحمد صقر سكرتير غرفة الصناعات الغذائية ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنحو 10% علي خلفية زيادة الدولار مشيراً إلي أن الزيادات المتتالية في أسعار السلع خلال الفترة الماضية نتيجة ارتفاع دولار السوق بما أسهم في زيادة قيمة الجمارك وتكلفة الشحن والموانئ مؤكداً ان ارتفاع الدولار سيؤثر علي المستوردين ويحول دون تحقيقهم أي مكاسب وقد يسبب لهم خسائر كبيرة.