نجح البنك المركزى خلال الأشهر الماضية فى السيطرة على أسعار الدولار بالسوق الرسمية والنزول بها إلى مستويات 7,15 جنيهًا و7,1801 جنيهًا بعد أن سجلت مستويات تصل إلى نحو 7,7 قروش بالبنوك فى وقت سابق، لكن الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى لم تفلح فى السيطرة على أسعار الدولار فى السوق الموازية ليظل نقص المعروض عقبة أمام القضاء على السوق الموازية. ويسجل الاحتياطى النقدى الأجنبى نحو 16,8 مليار دولار بنهاية أغسطس وهو فى مستويات مستقرة مقارنة بالفترات السابقة، إلا أنه يظل فى الحاجة للتدعيم بمزيد من الموارد للسيطرة على أسعار السوق الموازية فضلاً عن سداد الدولة للبمالغ التي يُستحق اجل استردادها ومنها 500 مليون دولار لقطر خلال أكتوبر المقبل. ومع بدايات شهر سبتمبر سجلت أسعار الورقة الخضراء فى السوق الموازية نحو 7,35 جنيهًا وكانت لا تزال مستقرة منذ فترة، وأعلن البنك المركزى عن مبادرة صاحبت طرح شهادات قناة السويس لتشجيع المواطنين على استبدال الدولار بالبنوك مقابل الجنيه لشراء شهادات القناة ذات العائد المرتفع، وظهرت توقعات حول تأثير إيجابى لتلك المبادرة على أسعار الدولار فى السوق الموازية. ورغم نجاح المبادرة فى تحويل نحو 1,5 مليار دولار من المواطنين واستبدالها بالجنيه المحلى، إلا أن تأثيرها على السوق الموازية ظل وقتيًا ولم يدم طويلًا، فمع بداية الأسبوع الماضى شهد الدولار فى السوق الموازية ارتفاعًا بقيمة تتراوح بين 6 - 8 قروش بفعل الطلب المتزايد عليه، ليسجل 7,44 جنيهًا مقابل مستويات 7,35 و7,38 جنيهًا قبل طرح شهادات قناة السويس. متعاملون فى السوق الموازية أكدوا أن الطلب المُتزايد على الورقة الخضراء هو السبب الأساسى فى ارتفاعها خاصة من قبل تجار الذهب الذين يسعون فى أوقات معينة لجمع كميات كبيرة من الورقة الخضراء لاستيراد الذهب من الخارج، مع اختلاف أسعاره بين السوق المحلية والسوق العالمية، وهو ما يتسبب ذلك فى سحب السيولة من السوق وبالتالى ارتفاع أسعاره. طارق حلمى، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، يري أن استقرار أسعار الصرف يتحدد بحجم التدفقات الدولارية للدولة، وفى ظل استمرار نقص التدفقات الدولارية واقتصارها على قناة السويس واستمرار انخفاض موارد السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة يظل عدم الاستقرار هو الغالب على سعر الصرف. وأشار إلى أن البنك المركزى نجح خلال الفترة الأخيرة من خلال العطاءات الاستثنائية فى تلبية طلبات الاستيراد المعلقة، فى إطار متابعته لسوق الصرف وإحكام سيطرته عليها والقضاء على السوق السوداء، إلا أن الوضع الاقتصادى العام يحد من أثر تلك الإجراءات على أسعار الصرف. وتوقع أن يكون لنجاح مشروع قناة السويس الجديدة أثرًا مباشرًا فى زيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى وتأثيرًا إيجابيًا على أسعار الصرف. فى سياق متصل قال عمرو يوسف، نائب رئيس قطاع الخزانة ببنك بيريوس مصر، أن الارتفاع الذى تشهده أسعار الدولار فى السوق السوداء، يرجع إلى استمرار انخفاض موارد الدولة الدولارية مقارنة باحتياجاتها الشهرية وطلبات الاستيراد التى لا تتوقف على مدار العام. أشار يوسف إلى أن مستوردى السلع الاستفزازية يلجأون للسوق الموازية لتلبية احتياجاتهم وهو ما يدفع الأسعار للارتفاع فى ظل عدم قدرتهم الحصول على الدولار من بنوك القطاع المصرفى. وقال هيثم عبد الفتاح، رئيس قطاع الخزانة ببنك التنمية الصناعية والعمال، أنه رغم الارتفاع الذى شهدته العملة فى السوق الموازية خلال الأسبوع الماضى إلا أنها تعتبر مستقرة مقارنة بالأشهر الماضية التى شهدت ارتفاعًا كبيرًا للطلب مقابل العرض. وأوضح أنه رغم نجاح الإجراءات خلال الفترة الماضية فى تحقيق استقرار للسوق الرسمية إلا أن العرض من العملة الخضراء لم يكن كبيرًا، ويظل الطلب أكبر بكثير من المعروض وهو ما يؤدى إلى استمرار نشاط السوق الموازية، لافتًا إلى أن السوق الموازية لن تختفى إلا مع وجود تدفقات دولارية كبيرة للدولة وبصفة دورية من القطاعات الاقتصادية المختلفة ليكون لدى الدولة سيولة كافية تلبى احتياجات السوق وبالتالى يحجم الناس عن السوق الموازية. قالت بسنت فهمى، الخبيرة المصرفية ورئيس شركة المشورة للاستثشارات المالية، أن مبادرة البنك المركزى التى أعلن عنها لتشجيع المواطنين على عدم التعامل مع السوق الموازية لاقت نجاحًا وجمعت نحو 1,5 مليار دولار، إلا انها في الوقت نفسه نوهت إلى أن هذا الرقم يمكن أن يستهلك فى وقت قياسى لتلبية طلبات الاستيراد واحتياجات القطاعات المختلفة وهو ليس كبير. وأكدت عدم تأييدها لدعم الجنيه أمام العملة الأمريكية وضرورة ترك الأمر للعرض والطلب والسوق الحر حتى ولو أدى ذلك إلى تراجع مستويات الجنيه، مشيرةً إلى أن قيمة العملة هى المعبر الحقيقى عن نشاط الاقتصاد وقوته وبالتالى فالقيمة الحالية للجنيه المحلى أعلى بكثير من قيمة الاقتصاد المتدهور. وأوضحت أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من الطلب على الورقة الخضراء فى ظل اقتراب نهاية العام واحتياج الشركات لإنهاء قوائمها المالية بالإضافة إلى ارتفاع طلبات الاستيراد من قبل المستوردين للعام الجديد وهو ما يزيد الطلب على العملة ويجعلها عرضة للمضاربة فى السوق الموازية من جديد