منذ صغرها كانت "خضرة" عكس كل البنات تحب العنف والقسوة. تكره الضعف ولا تشفق علي الضعفاء. تحب القوة وتحترم الأقوياء. رباها أبوها الجزار علي هذه الطباع وعلمتها أمها أن الضعيف ليس له مكان في هذه الدنيا.. في العاشرة من عمرها تم فصلها من المدرسة بعد أن ضربت إحدي زميلاتها بقسوة لدرجة أنها شجت رأسها. وهكذا أصبحت الفتاة بعد سنوات قليلة "المعلمة خضرة" التي يهابها أهل حارتها ويتحاشي الجميع الصدام معها نظراً لسمعتها التي اكتسبتها علي مر الأيام. كانت المعلمة "خضرة" جميلة الملامح قوية الجسم وتقدم للزواج منها العديد من أهل الحارة لكنها كانت تنظر إليهم بعدم اقتناع لأنها لم تجد الرجل القوي الذي يستطيع أن يكون نداً لها. لكن بعد فترة أقنعها أبوها بالموافقة علي "مختار" تاجر الفاكهة لأنه رجل "كسيب" يملك المال والقدرة علي "فتح بيت".. اقتنعت "خضرة" بكلام والدها ووافقت علي الزواج من "مختار". بعد الزواج اكتشف "مختار" أنه تزوج من امرأة قاسية ليس لها قلب وتميل للعنف دائماً فلا تعرف التسامح أو العفو.. بينما وجدت "خضرة" زوجها رجلاً قوياً كما تحب لكنه رغم قوته البدنية رقيق القلب عطوف لا يحب المشاكل ولا الصوت العالي.. ولم تعجب "خضرة" بهذه الصفات التي تناقض طباعها وما نشأت عليه لذلك بدأت المشاكل تعرف طريقها إلي الزوجين بعد أشهر قليلة من الزواج بسبب مشاكل "خضرة" مع الجيران ومحاولتها لفرض سطوتها عليهم حتي وصل الأمر لضربها إحدي جاراتها علقة ساخنة بسبب عتاب الجارة لها علي إلقاء "زبالة" في المنور. تذكر "مختار" حديثاً دار بينه وبين خضرة بعد الزواج بأسبوع عندما كانا يشاهدان التليفزيون وكان يعرض حلقة عن امرأة قتلت زوجها وقطعت أجزاءه ووضعتها في أكياس وقذفتها في الصحراء وأراد "مختار" أن يتخذ من هذا الخبر موضوعاً طريفاً للمزاح مع زوجته. لكنه لشدة دهشته وجدها معجبة بالمرأة القاتلة وقوتها وقدرتها علي ارتكاب هذه الجريمة. وهكذا مرت الأيام بين "مختار وخضرة" زوج لا يحب المشاكل ولا الصوت العالي وهمه الوحيد النجاح والتوسع في تجارته. وزوجة لا تشعر بالحياة إلا بوجود الحوادث العنيفة والعنف والقسوة حتي انها صارت ترتكب أشياء لا يتخيل أحد أن يقدم عليها الجنس اللطيف كما نطلق عليه دائماً. وفي يوم من الأيام عاد "مختار" من عمله مرهقاً متعباً ونادي علي زوجته لتحضر له الغداء لكنها كانت منشغلة بمشاهدة المصارعة الحرة الحريمي. وعندما عاتبها علي تأخرها في إحضار الطعام فوجيء بها ترد عليه رداً سيئاً جعل أعصابه تثور وغضب لأول مرة ورد عليها الصاع صاعين وهو يتصور أنها ستخضع له وتصمت.. لكنها قابلت ثورته بثورة مضادة وأغلظت له القول زاد غضب "مختار" وصفع "خضرة" صفعة مدوية حتي أن آثار أصابعه الخمسة ظهر بوضوح علي صفحة وجهها وكان هذا هو الخطأ الأكبر الذي ارتكبه في حياته ولم يسعفه الوقت لتدارك هذا الخطأ. فبدون أن تتبصر بالعواقب ولا أن تراجع نفسها في أن من تزهق روحه هو شريك حياتها وزوج العمر كله. ولكن الشيطان أعماها في هذه اللحظة وقامت الزوجة المفترية بكسر زجاج ترابيزة الأنتريه وطعنت الزوج المسكين في صدره وقدمه مما أدي إلي وفاته متأثراً بجروحه. بعد ارتكاب جريمتها أفاقت "خضرة" من نشوة الانتقام إلي قسوة الواقع الذي ستعيشه والمصير المظلم الذي ينتظرها فقامت بالصراخ في جيرانها لمحاولة انقاذ "مختار" ولكن المسكين فارق الحياة وهو يردد "منك لله يا مفترية.. "خضرة" قتلتني". تم القبض علي القاتلة واعترفت بارتكاب جريمتها فأحيلت إلي المحكمة التي قضت بالسجن المشدد 15 عاماً للتتجرع "خضرة" مرار الوحدة والظلمة في غياهب السجن لعل ذلك يكون سبباً في شفائها من داء القسوة والعنف الذي تعودت عليه منذ صغرها.