«السياحة»: آخر موعد لتقديم طلبات استثناء الحد الأدنى للأجور الاثنين المقبل    قطع المياه في عدة مناطق بالجيزة لمدة 8 ساعات اليوم.. اعرف الأماكن    محافظ الجيزة: الانتهاء من مشروعات الخطة الاستثمارية للعام الحالي خلال أيام    رئيس «العدل الدولية»: يجب إطلاق سراح الرهائن فورا دون أي شروط    مراسل «القاهرة الإخبارية»: 33 مليار دولار خسائر العدوان على غزة    مباشر مباراة الأهلي والزمالك في نهائي دوري كرة اليد    عاجل.. فليك يستقر على أسماء جهازه المعاون في برشلونة    رد فعل مفاجئ من محمد صلاح بعد الجدل الأخير.. كيف ظهر للجماهير؟    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الشرقية    موجة شديدة الحرارة في ال48 ساعة المقبلة.. هل ترتبط بظاهرة اللا نينا؟    ضبط عامل بتهمة تزوير الشهادات الجامعية في أسيوط    فضول المصريين وموعد إجازة عيد الأضحى 2024: بين الاهتمام بالأحداث الدينية والاجتماعية    مدحت صالح يتراجع عن قراره ويعلن موعد ومكان عزاء شقيقه «أحمد»    قبل انطلاقه.. القائمة الكاملة لأفلام عيد الأضحى 2024    سبب خوف عائشة بن أحمد من الزواج.. «صدمة عملت لها أزمة مع نفسها»    وصول رسولوف إلى مهرجان كان.. وعرض فيلمه «بذور التنين المقدس» بالمسابقة اليوم    «طب عين شمس» تحتفل باليوم العالمي لرتفاع ضغط الدم بحملات توعية    «صحة مطروح» تنظم قافلة طبية مجانية في منطقتي الظافر وأبو ميلاد بعد غد    لماذا يثير متحور FLiRT ذعر العالم؟.. مفاجأة صادمة اكتشفها العلماء    قرار عاجل من جوميز قبل مواجهة الاتحاد السكندري في الدوري    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    بري يؤكد تمسك لبنان بالقرار الأممي 1701 وحقه في الدفاع عن أرضه    بوليتيكو: معظم دول الاتحاد الأوروبي لن تقدم على المساس بأصول روسيا المجمدة    «قنوات أون تايم سبورتس» تحصل على حقوق بث نهائيات بطولة «BAL» لكرة السلة    "الأونروا": في الضفة الغربية حرب لا يلاحظها أحد    مصرع وإصابة 3 أشخاص في الشرقية    دموع وصرخات.. قاع النيل بلا جثث ل ضحايا حادث ميكروباص معدية أبو غالب (فيديو وصور)    بوليتيكو: واشنطن تدرس القيام بدور بارز في غزة بعد الحرب    3 وزراء يجتمعون لاستعراض استراتيجيات التوسع في شمول العمالة غير المنتظمة    رئيس جامعة المنيا يشهد حفل ختام أنشطة كلية التربية الرياضية    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    بفستان مستوحى من «شال المقاومة».. بيلا حديد تدعم القضية الفلسطينية في «كان» (صور)    التموين تستعد لعيد الأضحى بضخ كميات من اللحوم والضأن بتخفيضات 30%    أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    قافلة الواعظات بالقليوبية: ديننا الحنيف قائم على التيسير ورفع الحرج    من صفات المتقين.. المفتي: الشريعة قائمة على الرحمة والسماحة (تفاصيل)    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    مجلس الشيوخ يناقش أموال الوقف ونقص الأئمة والخطباء ومقيمي الشعائر.. الأحد    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    "العد التنازلي".. تاريخ عيد الاضحي 2024 في السعودية وموعد يوم عرفة 1445    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الإسلام الحضاري    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    تعرف على مباريات اليوم في أمم إفريقيا للساق الواحدة بالقاهرة    مران صباحي ل«سلة الأهلي» قبل مواجهة الفتح المغربي في بطولة ال«BAL»    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    "التروسيكل وقع في المخر".. 9 مصابين إثر حادث بالصف    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    «العدل الدولية» تحاصر الاحتلال الإسرائيلي اليوم.. 3 سيناريوهات متوقعة    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    حظك اليوم| برج الحوت 24 مايو.. يوم غني بالتأمل والإبداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكورية الكنيسة

لم يفلح الشيطان في شيء قدر نجاحه في ضرب الإنسان في ذاته، ويقال إن المعركة التي بدأت لم تنتهِ بطرد آدم وحواء من الجنة.. بل بدأت علي الأرض!! فصار المثل الفرنسي المعروف «فتش عن المرأة» شعارا للرجال في كل زمان ومكان، وصارت تهمة النساء للرجال بالخيانة قاعدة يطبقها الرجال لئلا يفقدوا توقعات النساء!!
في إطارالجدل الدائر قبل إصدار قانون الأحوال الشخصية الموحد للمسيحيين، أعترف أنني كنت أتصور أن مشاكل النساء التي تقودهن لطلب الطلاق أكثر بكثير من مشاكل الرجال، حتي تعرفت علي معاناتهم واستمعت إلي شكاواهم.. فاكتشفت أن ثورتهم لا تقل عن ثورة النساء اللاتي لم يصبهن التوفيق أمام المجلس الإكليريكي للحصول علي تصاريح بالزاوج ثانية، إن لم تكن ثورتهم أكبر، فعدم حصول الرجل علي تصريح بالزواج الثاني في المسيحية نتيجة التطليق أو بطلان الزواج أو كل هذه المسميات يرتبط - غالبا - بمشكلتين محددتين.. فإما أن يكون الرجل مصابا بمشكلة الضعف الجنسي وهنا لا يتجرأ الرجل من الأساس علي طلب تصريح زواج آخر، أو تعرض لمزاعم وافتراءات زوجة كاذبة أساءت إلي سمعته، فلا يستطيع بسهولة التخلص من التهمة التي أساءت إلي رجولته، حتي لو حصل علي تصريح بالزواج الثاني، وإما الخيانة الزوجية وما يتبعها- أيضا - من سوء سمعته التي تعيق زواجه الثاني.. حتي لو حصل علي هذا التصريح.
ذكورية الكنيسة
ورغم العديد من القصص - التي ليس مجالها الآن - والتي تؤكد ذكورية الكنيسة، إلا أننا لا نعلم ما الذي يحكم توجهاتها في هذا الإطار.. أحدهم لجأ للمجلس الإكليريكي طالبا الغاء زواجه نتيجة اكتشافه أن زوجته لم تكن بكرا، ونظرا لقرابة الزوجة لأحد الأساقفة لم يحصل علي شيء، وآخر قام كاهن كنيسة زوجته بكتابة تقرير يؤكد معاناتها الشديدة من جنونه المطبق، وحتي حينما حصل علي تقرير يفيد بعكس ذلك من جهة موثوق بها.. تمت مماطلته ولم يحصل علي شيء ليومنا هذا، ويلخص لنا نموذج آخر الأمر في قصته التي تتكرر كل يوم، لمجرد أن الحياة ليست أكثرمن رجل لا يري في المرأة سوي جمالها، وامرأة لا تريد من الرجل سوي اسمه وحافظة نقوده!، فرغم نصح الكثيرين.. تزوج بمن تصغره كثيرا، ورغم أنه سمع بأذنيه أنها لا تحبه ولا تراه مناسبا لأحلامها ولكنه «راجل والسلام»، إلا أن طمعه في عينيها الخضراوين وبياض لونها وشعرها الأصفر الطويل ألغي عقله وتزوجها، ومنذ اليوم الأول بدأت المشاحنات حتي تطاول أهلها عليه، ثم لجأ للكنيسة التي بعد بضع سنوات ألغت زواجه ومنحته تصريحا بزواج ثان.
فمن قال إذن أن الكنيسة لا تمنح تصاريح بالزواج الثاني؟، وإذا كان تبرير الكنيسة أنها لا تستطيع أن تظلم الطرف المجني عليه، فتمنحه تصريحا للزواج الثاني لأنه ظُلِم في زواجه الأول.. من وجهة نظرها، ما يعني أن الكنيسة تتصرف بسلطتها وبتصرفها، لأنها إذا كانت تتمسك بالنصوص التي تمنع الطلاق إلا لعلة الزني، فمن أين جاء النص بمنح تصريح زواج ثان؟
ورغم أنه لا يوجد نص واحد في العهدين القديم والجديد يقولها صراحة: أن الزواج سر إلهي مقدس، بما يجعل الكنيسة تدرجه ضمن أسرارها (مقدساتها) السبعة الروحية البحتة، حتي نجدها متشددة في اعتبار الطلاق والزواج الثاني نصوصا تخالف العقيدة.. ورغم أنه معروف للجميع أن الزواج- منذ الأزل- ظاهرة إنسانية اجتماعية فطرية، بل إنه حتي «عُرس قانا الجليل» الذي قدسه السيد المسيح بزيارته (يوحنا 2) لم يُذكر أنه قام بأي عمل يترتب عليه اعتبار هذا الأمر سرا من أسرار الكنيسة.. وحتي ما جاء علي لسان القديس بولس بأن الزواج مكرما (عبرانيين 13/4) وأنه بمثابة سر عظيم (أفسس 5) لم يكن يعكس أمرا إلهيا بقدر حرصه علي تأكيد قيمة الزواج في المسيحية الذي أسسه الله منذ بدء الخليقة، وكذلك حرصه علي تأكيد قيمة المرأة في مواجهة الشريعة اليهودية التي كانت توقع عليها فعل الطلاق لأتفه الأسباب.
الموت للخطاة
أما البعض، فجاءت كلمات قداسة البابا شنودة كالصدمة المروعة، حينما أعلن قداسته رفض الكنيسة منح فرصة ثانية لتوبة المخطئ، بحجة أن الكنيسة لا تستأمن الزاني علي الحياة في زيجة ثانية، متسائلين عن سر هذا الجفاء في معاملة الخطاة؟ وأين هذا من غفران السيد المسيح للمرأة الزانية؟ التي بالتأكيد عاشت حياتها بعد ذلك دونما تحمل وصمة الزني طوال عمرها، لأنها لولا شفقة السيد المسيح لأغلقت أبواب الرحمة في وجهها وماتت زانية، أو غيرت دينها!! أو أصيبت بالاكتئاب المؤدي للانتحار.
ومن ناحية أخري.. نقترح أن تقوم الكنيسة بمراجعة رؤيتها لمفهوم الزني، وما قيل عن الزني الحُكمي والزني الوضعي وكل هذه المسميات التي لا يدركون كم يجلبون لنا ولأنفسهم المزيد من التعب، والقهر.. فعن أي زني نتساءل؟ وهل كان السيد المسيح من السذاجة بحيث يرشد البعض لارتكاب هذا الفعل للخلاص من الطرف الآخر، فتنتهي المشكلة؟ أم أنه كان يقصد بالزني: فعل الخيانة في أشكاله المتنوعة؟ وخاصة خيانة عهد الزاوج الذي يتعهد به كل طرف للآخر أمام الله علي الحب، والتقدير، والوفاء، والمشاركة.. إلخ، وكل هذه القيم التي بالتأكيد يؤدي عدم الالتزام بها لشرخ كبير يُعرف بالخيانة الزوجية؟
قساوة القلب
أما قسوة القلب التي علل بها السيد المسيح منح موسي كتاب طلاق للشعب، فما أكثرها اليوم إن لم تكن أكثر، فأي قساوة في عصرنا أكثر من قسوة امرأة فعلت الشر عن عمد للحصول علي الخلاص من الشريك غير المرغوب فيه، بعد ما أدي الدور المطلوب منه؟ والحالات التي قهرها الضعف والمذلة حتي تعمدت أن يضبطها الشريك متلبسة فيما يشبه الزني للتخلص منه ومن إدمانه (وهو ما نتوقع أن نراه بتوسع أكبر - أيضا - في حالة العمل بمعايير الزني الحكمي والوضعي بالقانون الجديد)، وحالات الزواج طمعا في ثروة الشريك وموارده. ونموذج آخر من القسوة التي عانتها إحدي النساء التي حاولت الحصول علي الطلاق لصعوبة التعايش مع قذارة الزوج الجسدية المصحوبة بعنف شديد، وبخل أشد، وفساد ضمير وأخلاق يتحول للنقيض تماما في وجود بعض رجال الكنيسة، الذين يغيب روح التمييز والإفراز عنهم وخاصة ما إذا كانوا رهبانا ليست لديهم خبرة الحياة الزوجية، فلم تجد- هذه السيدة- علي يديهم سوي المزيد من القهر والقسوة عليها وعلي مثيلاتها، واثقين تمام الثقة أن أمثالها من النساء هن السبب في كل ما وصل إليه حال الأزواج الذين يلجأون للخيانة والعهر بسبب نسائهم (وهكذا تتكرر قصة المرأة التي أمسكت في الزني).. والقساوة في حالة إجبار المرأة علي قبول خيانة الرجل ومطالبتها بالعيش للأبناء، أو مطالبتها بالعيش كما لو أنها لم تتزوج في حالة اليأس من شفاء الرجل جسديا أو حتي سلوكيا لأنه لا طلاق إلا لعة الزني.. كل هذا لا تراه الكنيسة زني بعهد الزواج وهكذا.. ستتكرر حالة «وفاء قسطنطين» وغيرها، وتتكرر مواقف النصح والإرشاد الآمر بأن تحمد النساء الله علي أزواجهن ويحمده الرجال علي نسائهم.
صحيح أن القانون الموحد سينصب علي الجنسين، إلا أنه من المتوقع أن تتم لجان الرأفة بالرجال أكثر، حيث صعوبة إثبات عفتهم، وبرغم ما ينالونه من بعض التعاطف الذكوري من بعض الكهنة!! لا يستطيع أحد أن ينكر أن وقوع الخطاة- من وجهة نظر رجال الدين- فريسة في براثن المجلس الإكليريكي يعني أنه لا حل ولا رجاء إلا قبول الحكم بالعفة الجبرية والترغيب المزيف في التبتل وقبول الصليب الذي يراه المجلس مناسبا لهم، وعليهم أن يحملوه ويتحملوه في الحياة، دون أدني دراية بعلوم النفس البشرية التي لا يمكن تحميلها ما لا تطيق دون إرادتها.
الله يغفر.. فلمَ لا تعيد الكنيسة تفكيرها فيما يعرف ب«الغفران المشروط» للمخطئين؟ كأن تمنحهم قانونا روحيا لمدة زمنية يلتزمون به تحت إشراف كهنة الكنيسة، مع توفير ما يحتاجون إليه من علاج نفسي وسلوكي، وتأهيل اجتماعي وثقافي، يخضعون بعده لعدة اختبارات تكون نتيجتها العودة للحياة والزواج لمن يشاء، ولمن يجد شريكا جديدا يقبل به زوجا أو زوجة في مسيرة الحياة، أويقبل التبتل الاختياري بحق بدون ضغط ولا تحقير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.