كتاب مثير للجدل يناقش ما حققته المرأة المعاصرة بعد مرور ما يزيد علي أربعين عاما علي مولد الحركة النسوية الحديثة، الكتاب تحت عنوان : ( خطايا تحرير المرأة ) للكاتبة الأمريكية كاري . إل . لوكاس، وترجمه إلي العربية وائل محمود الهلاوي . والكتاب يسلط الضوء علي دراسات ذات أهمية حاسمة في حياة المرأة المعاصرة في نواح مهمة مثل الحب والجنس والزواج، والعمل، والطلاق، والأمومة. صحيح أن الكتاب يتناول بالدراسة قضايا وشئون المرأة الأمريكية، ولكنه في نفس الوقت يتناول ما آلت إليه الحركة النسوية المعاصرة عبر العالم .. فبعد أن كان هدف رائدات الحركة النسوية هو مساواة النساء بالرجال فقد تطورت النسوية إلي مفاهيم مختلفة، حيث تشير كاري لوكاس إلي أن الحركة النسوية الآن ربما تعمل ضد المرأة! وهو الأمر الذي يبعث علي الاهتمام ويثير الانتباه لكل من يهتم بالشأن النسوي وأوضاع المرأة بصفة عامة في عالم أضحي بحق قرية صغيرة بفضل انتشار تكنولوجيا الاتصالات ووسائل الإعلام والفضائيات. - الحركة النسوية المعاصرة ركزت الموجة الأولي من رائدات تحرير المرأة في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين بشكل رئيسي علي اكتساب حقوق المرأة في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، والتأكيد علي اكتساب حق التصويت للمرأة، أما الموجة الثانية من النسويات فقد تكونت أثناء الستينيات والسبعينيات عندما بدأت النساء الضغط من أجل إحداث تغييرات اجتماعية وقانونية تسمح لهن بالمشاركة بشكل أكبر في المجتمع والاقتصاد، وقد طالبت الموجة الثانية بالقضاء علي ملامح التمييز علي أساس الجنس كما تطلعت لتغيير التوقعات المتوارثة لدور المرأة في المجتمع، وبعض تلك التغييرات كان مجرد تشجيع النساء للالتحاق بوظائف وأداء أدوار كانت مقصورة علي الرجال، ومن ناحية أخري قامت بعض النساء بالتطلع إلي خطوة أبعد فأصبحن عدائيات بشكل واضح للأدوار التقليدية التي لعبتها النساء بمجملها ومنها التشكيك في قيمة الأسرة . أما الموجة الثالثة فقد تطورت إلي كيان منظم وضخم وذي ثقل سياسي كبير له تأثير هائل علي مفردات الثقافة السائدة وبينما ركزت الموجة النسوية الثانية علي مخاطبة مصالح المرأة البيضاء حسنة الحال ذات الميول الجنسية الطبيعية في أمريكا أصبحت النسوية المعاصرة تركز بشكل كبير علي السحاقيات ونساء الأقليات والنساء الفقيرات كما تقول الكاتبة التي تتهم الحركة النسوية المعاصرة بأنها أصبحت ضحية نجاحاتها، وأن الرؤية النسوية التي تفرض علي المرأة الآن ما تريده غالبا ما تكون علي عكس حقيقة آمال ورغبات النساء علي أرض الواقع، بل إنها تهدف كما تقول في كتابها إلي تناول المعلومات المزيفة التي يتم إطعامها للنساء، فلزمن طويل احتكرت الحركة النسوية تحديد ما يجوز الكلام عنه وما يعتبر خطوطا حمراء لا ينبغي تجاوزها فيما يتعلق بالقضايا التي تؤثر علي حياة النساء، والتي ضرب حولها دائما سور من الصمت مثل : الجوانب السلبية للجنس العابر (الكاجوال)، والعلاقة بين الخصوبة وتقدم سن المرأة وآثار الرعاية البديلة والطلاق علي الأطفال. إنها صرخة امرأة في وجه الحرية الجنسية للنساء، وتحلل الكاتبة الأنماط السائدة بين النساء والرجال في مجتمعها فتقول : النمط الأول هو ما يعرف ب ( تيك أواي ) ويعتمد علي إقامة تواصل جنسي، لكنه يقوم علي قاعدة أساسية من عدم الالتزام، والنمط الآخر هو ( المصاحبة ) وقد تتطور فتصبح إما أكثر رومانسية أو أن تصبح جسدية تندرج تحت نمط ( تيك أواي ) أو علاقة (الظل )، وهي عادة علاقة بين شريكين رجل وامرأة يعيشان معا ويلتزمان بعلاقة جسدية . وتقول الكاتبة : ولكن معظم الدراسات كانت تؤكد غياب منظومة القواعد من جميع تلك العلاقات وعدم احتوائها علي مفاهيم واضحة عن توقعات كلا الطرفين، وغالبا ما تتساءل النساء في مثل هذه العلاقات : إذا كان الرجل سوف يأخذ أية خطوة جدية، وما إذا كانت تلك العلاقات قد تتطور إلي شيء أكثر عمقا! وتتساءل الكاتبة : ما الذي جنته النساء من تلك الأنماط الجديدة من العلاقات التي تصورتها النساء أنها أكثر مساواة ؟! ثم تجيب : بالرغم من أنه من المقبول في عالم ما بعد الثورة الجنسية أن تتصرف النساء كالرجال فقد منحت النساء قدرا كبيرا من السيطرة مرة أخري إلي الرجال فقد أصبحت المرأة فريسة للانتظار حتي يحدد الرجل ملامح العلاقة .. هل هي مجرد شيء ( تيك أواي )، أم هي فقط (مصاحبة ) ؟، كما تتردد النساء في الضغط علي الرجال من أجل توضيح طبيعة العلاقة، والرجال في تلك الأنماط المستحدثة من العلاقات مازالوا يتمتعون بالحرية لاستكشاف فرصهم في حال ظهور منافسة من نساء أخريات بحثا عمن قد تكون الأفضل . ( الأجمل، الأذكي، الأصغر سنا)! - ليس مغرما بك بما فيه الكفاية ! ونتيجة لذلك وجد كثير من الفتيات الأمريكيات أنفسهن في علاقات تتجه نحو لا شيء! وقد دفع هذا اثنين من مؤلفي مسلسل ( الجنس والمدينة ) المسلسل الأمريكي الشهير إلي تأليف كتاب يطالب النساء برفع مستوي توقعاتهن من الرجال وعدم اختلاق الأعذار لأولئك الرجال الذين لا يعاودون الاتصال بالمرأة أو الذين يعاملونهن بطريقة سيئة أو يرفضون جدية الارتباط، وقد صدر الكتاب تحت عنوان : (ليس مغرما بك بما فيه الكفاية ) ليصبح الكتاب من أكثر الكتب مبيعا . - خريطة طريق ! وتلقي كاري لوكاس الضوء علي المحاولات التي بذلت لحل مشاكل النساء والفتيات في المجتمع الأمريكي علي أساس أن الرجال صاروا يملكون نسبة أكبر من أوراق اللعبة في المواعدة الحديثة، فالنساء أكثر رغبة في الزواج، وبسبب عوامل الخصوبة الضرورية للإنجاب فإنهن تشعرن بمزيد من الضغط والرغبة في الزواج مبكرا عن نظرائهن من الرجال وكنتيجة لذلك فغالبا ما تشعر النساء بفقدان السيطرة علي مجريات الأمور فصدرت كتب نجحت نجاحا مدويا ومنها كتاب «القواعد: أسرار مجربة للحصول علي حب الرجل الصحيح»، واحتوي الكتاب علي إعطاء النساء خريطة طريق لاستعادة اليد العليا في العلاقات وبالتالي الفوز بزوج. وقد انتقدت الحركة النسوية والذين توجسوا خيفة من نجاح هذا الكتاب والذي قدم للنساء نصائح «أنتيكة» قديمة مثل: «لا تبادري بالاتصال»، «لا تقبلي موعد يوم الأربعاء بعد موعد يوم الأحد» والتي اختزلت الحب إلي مجموعة من «افعل»، و«لا تفعل»، وتعلق الكاتبة علي ذلك فتقول: وفيما لا تبدو تلك الوصايا صالحة للتطبيق اليوم فإنها بشكل أساسي تشجع النساء علي استعادة السيطرة علي الموقف بجعل أنفسهن أصعب منالا علي الرجال ولكنها تشير إلي أن السيطرة علي الرجل وتشجيعه علي بذل ما يتطلبه الزواج من التزام ومسئولية مرهونة بقدر ما يتوافر أمامه من جنس خال من الالتزامات تمنحه النساء الأخريات! - رسائل التحرر الجنسي وتشير كاري لوكاس إلي أن الثقافة السائدة التي باتت تبعث الرسائل التي تجسد التحرر الجنسي وتصوره كجزء شائق ومكمل من الحياة قد أورثت النساء تأثيرات سلبية بل وأكدت أن ذلك قد نقل الأمر من عصر ما بعد الثورة الجنسية إلي عصر الهيمنة الجنسية والذي أصبحت فيه أجساد النساء متاحة بشكل أسهل أمام رجال أكثر مما دفع بعض النسويات إلي القول: «إن ما حققته النساء في عصر ما بعد الثورة الجنسية لم يكن بالفعل ما أملناه من تحرير المرأة فلقد كانت الثورة الجنسية سلاحا ذا حدين حيث تركت النساء أكثر حرية جنسيا لكنها جعلتهن أكثر حيرة حول الدور الصحيح للجنس فقد تم تسليعه وتفريغه من أي معني أكثر عمقا». - «العودة إلي الحشمة» وتعرض كاري لوكاس إلي ما ذكرته الكاتبة ويندي شاليت في كتابها وعنوانه: «العودة إلي الحشمة» فتقول: تزيد الحشمة ومبدأ الاحتفاظ بالجنس حتي الشعور بالحب الحقيقي من الشعور بأن شيئا مهما للغاية يحدث، تلك الأهمية المضاعفة تجعل الحشمة أكثر إيروتيكية وإثارة من الجنس العابر المتاح للجميع. فالفتيات المحاصرات بالمناخ الجنسي المنفلت واللواتي تشبعت عقولهن برسائل تصور الجنس العابر «الكاجوال» كجزء مهم من كونهن نساء عصريات ينبغي عليهن تأمل بعض التجارب الواقعية للنساء إذ تندم كثير من النساء علي ممارسة الجنس العابر ليس فقط ندما لحظيا ومؤقتا ولكن علي امتداد سنوات عديدة قد تمتد إلي ما بعد الزواج أو إنشاء علاقة حب مستقرة. - الجنس العابر! ولاتقتصر مخاطر الجنس العابر علي المخاطر النفسية بل تمتد إلي المخاطر الصحية أيضا، ويؤكد بعض الباحثين أن زيادة الوعي وتوافر وسائل الحماية ومنع الحمل قد سارع من انتشار الأمراض المنتقلة جنسيا فتحرر الفتيات الشابات - في المجتمع الأمريكي - من القلق من حدوث الحمل غير المرغوب قد يدفعهن للتورط في مزيد من النشاط الجنسي مما أدي إلي ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المنتقلة جنسيا بشكل رهيب وتشير الكاتبة إلي تقرير المعهد القومي للحساسية والأمراض المعدية والذي أشار إلي أن إجراءات الوقاية كاستخدام العازل الطبي «الكوندوم» لم تنجح في تخفيض احتمالية التقاط فيروس «البابيلوما» أو منع انتشار أمراض القرح التناسلية مثل الهيربس التناسلي والسيفيليس، ولم ينجح العازل الطبي إلا في تخفيض معدل احتمالية العدوي بفيروس الإيدز إلا بنسبة 85% وهو معدل لا يمكن اعتباره آمنا. ويثير هذا الأمر مشكلة أخري حول محتوي مناهج الثقافة الجنسية المدرسية التي تحولت إلي ساحة معركة سياسية، فالمحافظون يسعون لتحويل كثير من المدارس العامة من التعليم الجنسي المتمركز حول وسائل الحماية ومنع الحمل إلي تعليم جنسي يرسخ قيمة العفة إذ يري مؤيدو التعليم المتمركز حول العفة أن التعليم الجنسي الشمولي يشجع علي مزيد من الاستكشاف الجنسي، ويري آخرون أن ترك التلاميذ جهلاء حول وسائل حماية أنفسهم يجعلهم أكثر عرضة للتورط في سلوكيات جنسية خطرة. - الزواج والمساكنة ويشير كتاب: «خطايا تحرير المرأة» إلي العوامل الكثيرة التي أدت إلي تراجع الزواج ومنها: الثورة الجنسية، التغييرات التي طرأت علي قوانين الطلاق، وتزايد الاستقلال الاقتصادي للنساء، والهجوم المستمر لنشطاء الحركة النسوية علي الزواج، وهذا ما دفع «بيتي فريدان» - والتي يري كثيرون أنها مؤسسة الحركة النسوية الحديثة - بمطالبة الحركة النسوية بإعادة النظر إلي الدور الإيجابي الذي يلعبه الزواج والأسرة في حياة كثير من النساء وأن تتخطي الحركة ردة الفعل العدائية نحو الزواج، وتؤكد كاري لوكاس أن تجاهل الدوافع الذاتية لدي النساء والتأكيد علي أن رغبتهن في الزواج هي مجرد رد فعل للهيمنة الذكورية المناهضة للمرأة يعكس قدرا من ملامح العنصرية المضادة المناهضة لرغبات النساء، كما تشير إلي أن اعتقاد بعض الفتيات أنه لا حاجة للزواج - فالمساكنة - وهي معايشة الرجل والمرأة لبعضهما دون زواج - تؤدي نفس الغرض مثل الزواج هو اعتقاد خاطئ فأولئك الذين يميلون إلي البدء بالمساكنة بدافع الرغبة في تجنب الطلاق والانفصال لاحقا قد يصطدمون بالواقع عندما يعرفون أن الدراسات تشير إلي أن المساكنة ترفع من احتماليات وقوع الطلاق فيما بعد فالذين يعيشون معا قبل الزواج هم أكثر احتمالية للطلاق بمرتين من الذين يتزوجون دون مساكنة، هذا بالإضافة إلي تعبيرهم عن قدر أكبر من الجدال، وقدر أقل من الإشباع ومستوي أقل من التواصل، بل إن المساكنة قد تقود بعض الرجال وبعض النساء إلي الزواج بدافع من الإحساس بالذنب أو الخوف أكثر منه بدافع الحب. - الطلاق والأطفال! ويتعرض الكتاب أيضاً لمشكلة الطلاق فوصفته الكاتبة بأنه استبدال لمجموعة من المشكلات بمجموعة أخري، وأن الطلاق لا يعني محو المشكلات التي دمرت حياة الزوجين سابقاً فإن كلا الوالدين سوف يستمر بقدر ما في رعاية الأطفال وبالتالي سوف يتفاعلان معا وسوف تكون بينهما علاقة ما بعد الطلاق ويعني هذا غالباً أن المشكلات التي سادت في مرحلة الزواج تظل جزءاً مهما من العلاقة بعد إنهاء الزواج، وفي استطلاع للرأي شمل نساء مطلقات في نيوجيرسي أن ما يقرب من نصفهن تمنين أنهن وأزواجهن حاولوا بشكل أكثر جدية التعامل مع اختلافاتهم بل إن الأطفال الذين كانوا غالبا علي وعي بعدم سعادة والديهم أو عراكهم أحياناً، تمنوا بقاء الوالدين معا وبقاء الأسرة متماسكة وحتي الأطفال الذين كان زواج والديهم غير سعيد بشكل ملحوظ فقد تعرضوا لصدمة عند الطلاق واستمروا فيما بعد يأملون أن يعود والداهم لبعضهما بل قد يمتد هذا التأثير السلبي للطلاق علي الأطفال عندما يكبرون فيذهبون إلي تكرار كثير من أخطاء والديهم، وينتهي بهم المطاف أنفسهم إلي الطلاق رغم وجود الرغبة القوية في داخلهم نحو زواج مستقر إلا أن بعض الدراسات قد أشارت إلي أن بعض الأطفال أشاروا إلي بعض فوائد التجربة مثل التحول إلي شخص أكثر استقلالا واعتمادا علي النفس، وتقول الكاتبة: ليس هذه معناه أن تتجنب النساء الطلاق بأي ثمن فلا شك أن هناك حالات تكون فيها الانعكاسات الإيجابية لإنهاء الزيجة ذات عائد نفسي أفضل علي المرأة والأطفال. - حق الحياة وحق الاختيار ويشير كتاب «خطايا تحرير المرأة» إلي قضية الإجهاض التي تنظر إليها الدراسات النسوية علي أنها حق اختيار للمرأة وتقف هذه الدراسات ضد أنصار حق الحياة وتعتبر أن موقفهم نزعة شريرة لقمع النساء، ويؤكد الكتاب أنه فيما يخص الإجهاض فإن الدول الأوروبية غالبا ما تمتلك سياسات حظر أكثر شدة من تلك الموجودة حاليا بالولايات المتحدةالأمريكية. الإجهاض غير قانوني في أيرلندا ما لم تكن هناك خطورة علي حياة الأم، وفي السويد يسمح بالإجهاض فقط حتي الأسبوع الثامن عشر بعدها يقتصر السماح به علي الظروف غير الاعتيادية، وفي فرنسا يسمح بالإجهاض حتي الأسبوع الثاني عشر من الحمل، وفي أمريكا تتعرض ما بين ثلث ونصف النساء إلي الإجهاض قبل بلوغهن سن الخامسة والأربعين، وواحدة من بين كل خمس عمليات إجهاض تجري لفتاة مراهقة وتري كاري لوكاس أن الإجهاض ليس فقط مسألة أخلاقية، ولكنه يتعلق بقضية صحية تؤثر علي صحة المرأة وتنتقد الكاتبة ما يقدم من معلومات تتلقاها النساء الشابات - خاصة في الجامعات في فصول الدراسات النسوية - وهي تقدم فقط حجج أنصار حق الاختيار علي حساب فكرة أن الجنين أو طفل ما قبل الولادة لديه حقوق هو الآخر. - أدوار النساء: لعبت الحركة النسائية دوراً كبيراً في تشجيع تغيير الأدوار التقليدية للمرأة فقد طالب كتاب بيتي فريدان الشهير وعنوانه «السر النسوي» بأن تتخذ النساء أدوارا غير تقليدية تختلف عن ربة البيت والأم ولكن استطلاعات الرأي ومنها ما أجراه منتدي المرأة المستقلة في أمريكا قد بينت أن ثلث النساء اخترن العمل بدوام جزئي، وثلث آخر من النساء قد فضلن البقاء في المنزل لرعاية الأطفال، واختارت 20% من النساء العمل التطوعي ليتبقي 15% فقط اخترن العمل بدوام كامل وتستنتج كاري لوكاس أن الضغط النسوي علي صانعي القرار من أجل تدعيم البرامج والسياسات الهادفة لدفع النساء إلي القوة العاملة يتناقض مع حقيقة ما تريده غالبية النساء، وهي تري أن عمل المرأة يرتبط بما يحصل عليه الأطفال من رعاية فالحركة النسوية تنظر إلي الأعراف الاجتماعية التي تضع النساء في مركز رعاية الأطفال هي فرضية ناشئة عن تفكير خاطئ وغير طبيعي ومناهض للمرأة بينما تؤكد الدراسات أن الأطفال الذين يتلقون الرعاية من والديهم هم أفضل حالاً فيما يخص سلوكياتهم وعلاقاتهم مقارنة بنظرائهم من الأطفال في الرعاية البديلة خاصة عندما تكون جودة تلك الرعاية متواضعة بل إن استطلاعات الرأي ومنها استطلاع شمل 815 من الآباء والأمهات لأطفال تحت سن الخامسة أكد أن 70% من المشاركين في الاستطلاع رأوا أن الأفضل هو أن يظل أحد الوالدين في البيت، و14% اعتبروا الأفضل هو أن يعمل الوالدان لساعات مختلفة من اليوم بحيث يتواجد أحدهما في كل وقت، 6% فقط فضلوا أن يوضع الطفل في مركز متخصص للرعاية البديلة. وتشير الدلائل إلي أن الأطفال الذين يلتحقون بمراكز رعاية بديلة لفترات طويلة هم أكثر تعرضاً للمعاناة من مشكلات بما فيها المشكلات السلوكية والاضطرابات مقارنة بنظرائهم الذين تتم تنشئتهم في البيت، ومع ذلك فإن الأطفال الملتحقين بدور رعاية علي مستوي عال من الجودة هم أقل عرضة للمعاناة من الآثار السلبية كما قد يستفيدون من التفاعل الاجتماعي الأكبر. وتخلص كاري لوكاس إلي أن الدراسات السلبية عن الرعاية البديلة لا تعني أن علي النساء ترك وظائفهن والعودة للبيت فهناك فوائد ملحوظة لوجود الأم في القوة العاملة مثل تحقيق دخل أعلي يمكن من توفير مستوي أعلي من المعيشة علي سبيل المثال ولكن يجب مقارنة تلك الفوائد بالسلبيات المحتملة للرعاية البديلة. إن جوهر ما ينادي به كتاب «خطايا تحرير المرأة» هو توفير المعلومات اللازمة وطرح الحقائق أمام النساء ليخترن مصائرهن بعيداً عن المعلومات المزيفة ومن خلال تجارب الواقع. وتتحدث كاري لوكاس عن نفسها في كتابها فتقول: أبلغ من العمر الثانية والثلاثين، متزوجة وأنجبت للتو طفلي الأول، أعرف الصعوبات التي تواجهها النساء في مرحلة العشرينيات والثلاثينيات وهن أمام قرارات قد تؤثر علي بقية حياتهن، أشعر بأني محظوظة أن انتهيت إلي ما انتهيت إليه، لكنني بالتأكيد أتمني لو كنت حصلت مبكراً علي معلومات أفضل وأكثر صدقا عن المقايضات التي لابد للمرأة من تقديمها في الحياة». .. إنها صرخة امرأة ضد عصر ما بعد الثورة الجنسية.