افاقد الشئ لا يعطيه الكثير منا لا يدرك معني ومغزي تلك المقولة التي لها شق مادي وآخر معنوي.. الشق المادي: ان من لا يملك الشيء لا يستطيع إعطائه فمثلا كيف نطلب مالا ممن يعيش الفقر؟ أو كيف نأخذ العلم ممن لا يملكه؟ أما الجانب المعنوي و الذي ربما يكون أكثر ما تعنيه تلك المقولة فهو الأحاسيس والمشاعر, وهذا يرجع الي نشأة الإنسان وتربيته, فإذا فقد الإنسان الحب والحنان فهو قد يعطيه أو لا حسب طباعه و مبادئه, وهناك من يري أن خوفنا الدائم من تكرارنا لصورة من قسوا علينا تجعلنا لا شعوريا نحذوا حذوهم, فمن فقد الحنان والحب في الصغر من الصعب أن يكون حنونا, و رأي آخر أن من فقد الحب والحنان يسعي جاهدا أن يكون غاية في الحنان مع كل من يحب. فالإنسان يولد صفحة بيضاء يمتص كل الأنشطة السلوكية والفكرية من البيئة التي يعيش فيها كما تري د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بكلية تربية جامعة عين شمس, مضيفة أن العقل مثل الصندوق لابد أن يملأ بأشياء إيجابية, فإذا كان هناك قسوة وعنف فان من شب علي شيء شاب عليه. ولكن حتي لانفقد الأمل لابد أن نغير السلوك والعادات السيئة التي تعود عليها الإنسان في فترة طفولته عن طريق الخضوع لمقررات سيكولوجية وتعليمية بمساعدة الأسرة التي لديها الوعي لتقوم بغسل عقله, فمثلا تقوم الزوجة بدور الأخصائية الإجتماعية والنفسية و توجه نظر الزوج بهدوء لأجل أبنائها, أما اذا كانت المرأة هي التي تحتاج للتغيير فعادة تكون أكثر مرونة من الرجل وأسهل في التأثير عليها ممن يحيطون بها. و من وجهة نظر د.محمد المفتي أستاذ المناهج واستراتيجيات التدريس بكلية تربية جامعة عين شمس فالمقولة تعتمد علي الموقف ومستوي تعليم وتربية الأبوين وفهمهم لمعني الأبوة, فالشخص الذي يصل إلي مستوي عال في التعليم يستطيع أن يغير من السلوك الذي كان يراه قاسيا مع أولاده لأنه يعرف أن لكل زمن ظروفه و معاملاته, وأن القسوة التي عاشها بسبب ظروف المجتمع حينها لن يكررها مع أبنائه إذا كان معدنه طيب بل سيمنحهم المشاعر التي حرم منها, و هنا تظهر مهمة الإعلام بكافة صوره من ندوات و برامج تليفزيونية واستضافة متخصصين في السلوكيات وعلم النفس لتوجيه الحديث إلي الآباء عن خطورة القسوة في التربية وكيف أنها تنقلب إلي العكس بتذكرتهم بغضبهم وعدم رضاهم عن أسلوب تربيتهم, فكيف يكررونه مع أبنائهم.