ندعو السلطة الفلسطينية الي عدم المبالغة في الحديث عن الآثار المتوقعة لانضمامها إلي ميثاق روما. الذي ينظم قواعد المحكمة الجنائية الدولية.هناك مبالغات عديدة يصور بعضها الانضمام وكانه سلاح فتاك ضد اسرائيل. لقد هدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقيام بملاحقات قضائية بتهمة ارتكاب جرائم حرب والتي قد تؤدي إلي إدانة المسؤولين الإسرائيليين. ولكن الطريق محفوفة بالعقبات القانوني. لكن الحقيقة ان السعي الي ادانة اسرائيل عبر هذه المحكمة ستكون عملية مضنية ولن يكتب لها النجاح. هذا فضلا عن ان قبول عضوية فلسطين ليس فوريا ولا تلقائيا بل يحتاج الامر شهرين للبت في الطلب وقد تنتهي بالرفض وهو المتوقع الي حد كبير. و وحتي لو تم قبول الطلب الفلسطيني فانه في أفضل الاحوال من المتوقع أن الشكاوي التي سيتقدم بها الفلسطينيون ضد مسئولين إسرائيليين ستكون فقط مجرد مصدر إزعاج لسمعتهم. لا اكثر. فالسلطة الفلسطينية لا يمكنها مقاضاة إسرائيل أمام المحكمة ومحمود عباس لا يمكنه مهاجمة إسرائيل أمامها . فهي محكمة جنائية. وهو ما يعني أنها فقط المدعي العام. المدعي العام للمحكمة وهي الجامبية فاتو بنسودا. هي من يقرر ما إذا كان من المناسب توجيه الاتهام لاسرائيل. في المقابل فإنه يمكن للفلسطينيين تقديم شكاوي إلي المحكمة. وهو ما قاموا به بالفعل منذ سنوات. وتزعم المحكمة انها ليس لها اختصاص علي الأراضي التي وقعت فيها الجرائم المزعومة. وعندما يتقرر أن فلسطين أصبحت فعلًا عضوًا في المحكمة. وعند تقديمها شكاوي ضد الإسرائيليين. وقتها سيكون من حق المدعي العام اختيار فتح أو عدم فتح تحقيق أولي في هذه الاتهامات. وهي ليست ملزمة للقيام بذلك. وربما تقرر عدم النظر في هذه الشكاوي اصلا حتي لا يطيح بها من يسيطرون علي ذلك الكيان الهزلي الذي قام لتحقيق اهدافهم كما فعل ويفعل مع الرئيس السوداني. ومن المحتمل جدًا أن تكتفي فاتو بنسودا بفتح تحقيق اولي لتحديد ما إذا كان هناك -أساس معقول لمتابعة القضية- ولن يوجد هذا الاساس المنشود بكل تاكيد. إذ إن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية يغطي فقط الجرائم التي ارتكبت علي أراضي دولة عضو من لحظة انضمامها إلي المحكمةالتي لم تنضم لها السودان. وبعبارة أخري. فإن فلسطين لن تكون قادرة علي تقديم شكوي إلي لاهاي بشأن الغزو الإسرائيلي خلال صيف 2014» لأن فلسطين لم تكن عضوًا وقتها في المحكمة. ويمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تنظر في الأحداث قبل الانضمام. بشرط أن تكون هذه الأفعال ذكرت صراحة عند التصديق علي نظام روما الأساسي. ولكن حاليًا. لم تتضح بعد محتويات الوثيقة الموقعة من قبل محمود عباس وسيكون تقديم شكوي حول غزة أكثر تعقيدًا» إذ يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تقرر أن هذه الأراضي كانت تحت سيطرة حماس وليس الدولة الفلسطينية. وبالتالي فإن قطاع غزة لا يدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. كما سيكون من الصعب تحديد حدود الاختصاص الإقليمي للمحكمة الجنائية الدولية. فإسرائيل ايضا ليست عضوا فيها ليست عضوًا فيها. وهناك نقطة اخري وهي حدود الدولة الفلسطينية. ولن تحاول بن سودا المجازفة بالنظر في أي منها. وبحسب ديباجة نظام روما الأساسي. فقد أنشئت المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الأشخاص الذين يزعم أنهم ارتكبوا -فظائع لا يمكن تصورها وهزت ضمير الإنسانية-. وسيكون من الصعب علي المحكمة بكل تأكيد العثور في الضفة الغربية وحتي في غزة علي فظائع إسرائيلية مطابقة لهذا التعريف!! فلن يمكن اعتبار المستوطنين اليهود مسئولين عن اقامة المستوطنات والتهجير القسري للفلسطينيين!! في عام 2004. قد أصدرت محكمة العدل الدولية رأي استشاري يفيد بأن جدار الفصل الذي بنته إسرائيل في الضفة الغربية غير قانوني. ومن وقتها يخشي كثير من الإسرائيليين محاكمة محتملة من قبل المحكمة الجنائية الدولية. غير أن المحكمة أظهرت عدم معاداتها لإسرائيل. في مارس 2012. رفضت المحكمة أن تأخذ بعين الاعتبار أكثر من 400 شكوي ضد إسرائيل. علي أساس أن فلسطين ليست دولة. وبالتالي لا تدخل ضمن اختصاصها القضائي. وفي نوفمبر الماضي وبعد التحقيق الأولي في الغارة الإسرائيلية ضد سفينة تركية في طريقها إلي غزة. مما أسفر عن مقتل تسعة مواطنين أتراك. قضت فاتو بنسودا بأنه بالرغم من -كفاية الأدلة- للحديث عن جريمة حرب. إلا أن هذا الحادث ليس خطيرًا بما يكفي لتبرير تدخل المحكمة الجنائية الدولية.