* يسأل محمد عبدالحليم تاجر مصوغات : ما هي الحقوق التي كفلها الإسلام للطفل؟ ومتي تبدأ هذه الحقوق؟!. ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالأزهر: لقد كانت حقوق الطفل في الإسلام شاملة لكل احتياجاته الإنسانية من احتياجات جسدية وفكرية ونفسية. كما كانت أيضا شاملة لمراحل حياته المختلفة منذ وجوده في بطن أمه جنيناً حتي يصبح رجلاً يتحمل مسئولية طفل آخر أو مؤهلاً لذلك. أما حقوق الطفل في الإسلام منذ وجوده في بطن أمه جنيناً. حينما أمر كل من الزوجين بإحسان اختيار الآخر. والقاعدة الأولي في ذلك هي قاعدة الدين. وقد أرشد النبي صلي الله عليه وسلم إلي هذه القاعدة في حق الزوج فقال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض". وأرشد إلي هذه القاعدة أيضاً في حق الزوجة عندما قال: "تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها. فاظفر بذات الدين تربت يداك". القاعدة الثانية: هي الاختيار علي أساس الحسب والأصل. وعندما قبل الشرع الشريف أن يكون الأصل والحسب أساسين من أسس اختيار الزوجين فقد كان ذلك لحكمة يمكن أن نستشفها من خلال معرفتنا بأن تجارب الحياة الكثيرة تقطع بأهمية البيئة والوراثة في الأخلاق. حيث يبدو أن شيئاً من الأخلاق والصفات النفسية يورث من الآباء إلي الأبناء. ولذا ذكر النبي صلي الله عليه وسلم هذه القاعدة كأساس للاختيار. فقال صلي الله عليه وسلم "لحسبها". القاعدة الثالثة: أن تكون الزوجة علي قدر من الجمال بحيث تعجب زوجها ويرضي بها. وليس في هذا الجانب قدر محدود عند جميع الناس يتفقون عليه. حيث يتفاوت الناس في تقديرهم.. ولذا وجَّه النبي صلي الله عليه وسلم الصحابي إلي النظر لوجه من يريد زواجها فقال صلي الله عليه وسلم: "انظر إليها فإنه أحري أن يؤدم بينكما". والقاعدة الرابعة: الود وحسن الخلق. وقد ذكر النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث السابق لوناً من ألوان حسن العشرة في قوله صلي الله عليه وسلم: "وإذا أمرها أطاعته". وهذا كله مما يكلف به الزوجان. لأنه تبارك وتعالي قال: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" "البقرة: آية 228". ولقد حث الإسلام علي إحسان الخلق بعامة فقال الرسول صلي الله عليه وسلم: "خياركم أحسانكم أخلاقاً". وبهذا العرض الموجز يتبين أن التشريع الإسلامي عمل علي توفير ظروف شرعية مستقرة لتنشئة الأولاد وذلك من خلال وضعه ضوابط وقواعد ومعايير لاختيار الزوجين وجعل هذا حقاً من حقوق الأطفال والأولاد. ويدل علي هذا قصة الرجل الذي جاء يشكو عقوق ولده لعمر بن الخطاب أمير المؤمنين فاستدعي عمر ولد الرجل. فجاءه ثم ذكر لعمر أن أباه لم يحسن اختيار أمه. فقال له عمر: عققت ولدك قبل أن يعقك. يعني أسأت إليه في هضمك حقوقه قبل أن يسيء إليك. وتمثلت إساءة الرجل في حق ولده في عدم إحسانه في اختيار أم ولده. حيث كانت مجوسية خرقاء.. أما أهم حقوق الطفل بعد ولادته فهي أن يحسن اختيار اسمه وأن يحسن أدبه. وقد سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم يا رسول الله. عَلِمنا ما حق الوالد علي الولد.؟ قال صلي الله عليه وسلم: "أن يحسن اسمه ويحسن أدبه". ومن حق الولد علي أمه أن تقوم بإرضاعه من حليب ثديها الذي جعله الله غذاء كاملاً له. فقال تعالي: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة" "سورة البقرة: آية 233". فالطفل أمانة كبيرة بين يدي والديه يُسألان عنها يوم القيامة وما أشد السؤال عن الأمانة: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".