«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية.
نشر في محيط يوم 17 - 06 - 2009

تحدثت الشريعة الإسلامية عن حقوق الوالدين، وعن حقوق الأبناء، وحقوق المحاربين والأسرى والذميين، كما تحدثت عن حقوق المرأة، وحقوق الزوجين، وحق الجار، واهتمت اهتماما بالغا بحقوق الطفل، وهو الموضوع الذي سنتحدث عنه بالتفصيل في هذا المقال..قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) (التحريم:6)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " (متفق عليه).
تعريف الطفل:
الطفل لغة: المولود؛ ويأتي بمعنى الواحد والجمع، وهو من الإنسان والوحش(1).
وفي التعريف الشرعي اسم جنس بمعنى الجمع، وقد جاء في القرآن الكريم منعوتا بالجمع كما في قوله تعالى: (.. أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء)(النور:31).
وتحديد عمر الطفولة عند الفقهاء يقف عند الثانية عشرة، أو هو الذي لم يبلغ الحلم، أو لم يراهق الحلم.
وهو الذي لا يتكلم بما يراه، وينقله لغيره، أو لا يصف النساء ولا يفرق بين الشوهاء والحسناء كما ذكره المفسرون عند تفسير هذه الآية كابن كثير والقرطبي وغيرهما.
الطفل في الإسلام
الطفل زينة الحياة الدنيا، وهدية الله على الوالدين، ومنحته لهما، وهو ثمرة الأسرة وأملها في المستقبل، قال تعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا..)(الكهف: 46) وقد أولى الإسلام الطفل عناية فائقة منذ أن كان جنينا في بطن أمه، وحتى يبلغ الرشد.
فقد أوجبت له الشريعة الإسلامية السمحة حقوقا تدل في مجملها على اهتمام الإسلام بالطفل لما له من دور في إعمار الأرض وبناء المجتمع الإسلامي القادر على حماية الإسلامية المتماسكة القوية.
حقوق الطفل
للطفل حقوق شرعية أثبتها له الإسلام؛ وهي ملزمة للوالدين وللقيم عليه، بحيث إذا فرط الوالدان أو أحدهما فإن الدولة ملزمة بإحقاق هذا الحق، أو القيام بواجب النيابة والرعاية محله.
وهذه الحقوق يمكن تقسيمها إلى قسمين : حقوق تتعلق بالطفل قبل ولادته، وأخرى تتعلق بالطفل بعد الولادة.
وأهم هذه الحقوق التالي:
أ‌- حقوق الطفل قبل الولادة:
1- حق الطفل في اختيار أم صالحة له: قد دعا الإسلام إلى اختيار الزوجة الصالحة لما لها من دور عظيم في تربية الأولاد وتنشئتهم، لأن التربية أساسا تعتمد على اختيار الزوجة الصالحة الودود، التي تحسن سياسة أولادها، وتعرف كيفية رعايتهم وإعدادهم، وتحرص على غرس الإيمان في نفوسهم، وتهذيب أخلاقهم، وتنشئتهم على مراقبة الله تعالى، ورعاية حقوقه وحقوق عباده، فالزوجة بمنزلة التربة التي تلقى فيها البذور، فإن كانت صالحة ، أنبتت نباتا حسنا، فيجب البحث عن الزوجة الطيبة الصالحة قال تعالى: (والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) (النور: 26).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها، ولجماله، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك "(رواه البخاري.
2- حق الطفل والجنين: الجنين لغة : هو الولد في بطن أمه وسمي بذلك لاجتنانه أي: استتاره. قال تعالى: (وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم) (النجم: 32)، قال القرطبي: " وإذ أنتم أجنة جمع جنين، وهو الولد مادام في البطن، سمي جنينا لاجتنانه واستتاره"(2).
وقد جعل الإسلام للطفل حقوقا منذ بدء تكوينه في هذه المرحلة وهو في بطن أمه، فحافظ عليه من الاعتداء، واحتفظ له بحقه في الحياة، فحرم إجهاضه إلا لضرورة قررها الفقهاء و على الأم البعد عن المشقة الجسدية والنفسية التي قد تؤثر على الجنين لكي لا يتعرض للسقوط، ولذا أسقط الشارع عن الحامل بعض التكاليف الشرعية حال حملها مثل الصيام إذا خافت على نفسها وولدها.
و أوجب عدم تنفيذ العقوبة الشرعية على الأم الحامل إذا كانت تضر بحملها كما ثبت ذلك في قصة المرأة الغامدية التي حملت من الزنا فقال لها الرسول الكريم الرؤوف الرحيم صلوات ربي وسلامه عليه: "اذهبي حتى تضعي حملك"، كما أوجب الإسلام الدية في قتل الجنين وأوجب له حقوقه المالية من ميراث أو وصية ونحوهما مما فصله العلماء ودونوه في كتب الفقه والأحكام (3).
ب – حقوق الطفل بعد الولادة:
1- حق الحياة: قد أثبت الإسلام للطفل حقه في الحياة كغيره من المخلوقات، بل حذر الخالق في كتابه العزيز قتل الأولاد لأي سبب من الأسباب، قال سبحانه وتعالى: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا مارزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين) (الأنعام: 14).
وقال: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا) (الإسراء : 31).
2- حق التسمية: الاسم يدل على صاحبه ويعرف به، وله وقع كبير في نفس صاحبه.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي أبناء أهله وقرابته وأصحابه، ويختار لهم من الأسماء كل ما هو جميل المعنى، طيب الوقع على السمع، بل إنه صلى الله عليه وسلم لم يتوقف عن ذلك، حيث ثبت عنه أنه غير أسماء بعض أصحابه ممن كانوا يحملون أسماء غير حسنة في زمن الجاهلية معتبرا أن إسلامهم ولادة جديدة، ومن هنا أوجب رسول الله صلى ا لله عليه وسلم حق التسمية للمولود فقال: " كل غلام مرتهن بعقيقته} رواه أبو داود ، وصححه الألباني "؛ " كل غلام مرتهن بعقيقته يذبح عنه يوم سابعه ويحلق شعر رأسه، ويسمى" (رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة) (4).
فيستحب أن يختار له اسما حسنا في لفظه ومعناه، في حدود الشريعة، وقوالب اللغة الفصيحة، فيحرص على أن يكون اسمها سهلا واضحا، حفيفا عل اللسان، عذبا في الأذان، حسن المعنى، جميلا في المحتوى، ملائما لحال المسمى خاليا مما دلت الشريعة على تحريمه وكراهته.
3- حق الانتساب: من حق الطفل أن ينتسب إلى أبيه وأمه لما يترتب على ذلك من جملة حقوق شرعية كحق النفقة والرضاع والحضانة والإرث وغيرها. وقد أثبت الإسلام حق انتساب الطفل لأبويه حفاظا له من الذل والضياع والعار، كما أثبت ذلك أيضا للأب لكي يحفظ نسله وولده، وأبطل دعاوى الجاهلية في إفساد النسب، وأقر البنوة الشرعية، قال تعالى : (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم) (الأحزاب : 5).
4- حق الرعاية: ويشمل هذا الحق الرضاعة والحضانة والنفقة.
ومن تحديد الشريعة لذلك قوله تعالى : (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة..) (البقرة: 233).
وقد أوجب الإسلام هذا الحق للطفل حتى في حال انفصال الوالدين، قال تعالى : (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ..) (الطلاق: 6).
أما الحضانة وهي القيام على تربية الطفل ورعاية شؤونه وتدبير احتياجاته فهي حق على الوالدين لطفلهما أو الأقرب فالأقرب. يقول ابن قدامة : " والحضانة ولاية لا تثبت لكافر على مسلم كولاية النكاح والمال، ولأنها إذا لم تثبت للفاسق فالكافر أولى لأنه ضرره أكثر لكونه يفتنه عن دينه ويخرجه عن الإسلام بتعليمه الكفر وتربيته عليه " (5).
وكما أن النفقة حق واجب أقرته الشريعة الإسلامية للطفل على والديه مادام الطفل صغيرا لا يستطيع الكسب وليس له مورد ليعيش منه.
حتى يبلغ سن الرشد إن كان ذكرا وإن كان المولود أنثى فتجب النفقة على والدها حتى تتزوج.
قال تعالى : (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا) (الطلاق: 7).
وقال تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها..) (البقرة: 233).
5- حق الميراث: وهو حق متبادل بين الآباء والأبناء وذوي النسب، وضحه الشرع الإسلامي بدءا من القرآن والسنة الشريفة ثم الفقه الإسلامي المبني عليهما كما هو مفصل في كتب الفقه.
كما أوصى الإسلام بكفالة الطفل اليتيم، ولم يسمح للكفيل أن يسلب الطفل نسبه الشرعي ثمنا لكفالته، قال تعالى : (ادعوهم لآبائهم) ( الأحزاب: 5).
وحرم التبني ، وصاحب ذلك اعتناء واهتمام بالأمومة ورفعة لقدرها، قال تعالى : (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا..) (الإسراء: 23).
بناء عقيدة الطفل: وهي تمد الطفل في طفولته وفي مراحله المقبلة بزاد قوي، ومن أهم وأبرز وسائل تربية الطفل على العقيدة الصحيحة أمور:
1- تعليمه القرآن الكريم: قال الحافظ السيوطي: " تعليم الصبيان القرآن أصل من أصول الإسلام فينشئون على الفطرة ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل أن تمكن الأهواء منها وسوادها بأكدار المعصية " (6).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم " (رواه البخاري) وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين" (رواه مسلم).
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه" (رواه البخاري).
وذكر السيوطي في طبقات الحفاظ قول الإمام الشافعي رحمه الله : " حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر" (7)، وهذا صلاح الدين الأيوبي كما ذكر ابن شداد يشجع طفلا صغيرا على تلاوة القرآن، قد اجتاز عليه صغير بين يدي أبيه وهو يقرأ القرآن، فاستحسن قراءته فقربه، وجعل له حظا من خاص طعامه، ووقف عليه وعلى أبيه جزءا ن مزرعته (8).
أما الرحالة ابن جبير فيسجل في كتابه الرحلة عن مشاهداته فيقول: " وتعليم الصبيان القرآن بهذه البلاد المشرقية كلها إنما هو تلقين، ويعلمون الخط في الأشعار وغيرها تنزيها لكتاب الله عز وجل عن ابتذال الصبيان له بالإثبات والمحو" (9)، ويقول ابن خلدون : " تعليم القرآن للولدان شعار من شعائر الدين، أخذه به أهل الملة ودرجوا عليه في جميع أمصارهم، لما يسبق إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده بسبب آيات القرآن، ومثوبة الأحاديث " (10).
2- تعويده محبة الرسول صلى الله عليه وسلم : وهذا الصحابي الجليل أنس رضي الله عنه الذي خدم النبي صلى الله عليه وسلم وترعرع في أحضانه، يفرح فرحا شديدا بمحبته صلى الله عليه وسلم إذ بها يحشر معه.
روى الشيخان وأحمد عن أنس رضي الله عنه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى الساعة؟ فقال رسول الله صلى ا لله عليه وسلم :"وما أعددت لها؟ " فقال : لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله، فقال صلى الله عليه وسلم : " أنت مع من أحببت ".
وفي رواية البخاري قال: نحن كذلك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " نعم "، قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنت مع من أحببت " وقال أنس : فأحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم.
ومن اهتمام أطفال الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا من شدة محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم يحفظون أحاديثه ولا ينسون مواقفه معهم، مع صغر أعمارهم ويروونها لمن بعدهم فمن ذلك: أخرج البخاري عن محمود بن الربيع رضي الله عنه قال: عقلت (أي حفظت) من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو.
وأخرج الترمذي عن أبي الحوراء السعدي ربيعة ابن شيبان قال: قلت للحسن بن علي رضي الله عنهما : ما حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: حفظت منه: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة ".
3- تعليمه الاستعانة بالله تعالى والإيمان بالقضاء والقدر: الاستعانة بالله تعالى والإيمان بالقضاء والقدر من أهم وأعظم مسائل العقيدة وأمر في غاية الأهمية وضرورة ملحة، ويجب أن يعلم أطفالنا هذه الأمور من الصغر وأن يفهموا أن من يحمل لواء الدعوة الإسلامية ونشرها في أرجاء المعمورة يجب أن يتحمل من أجلها أشد العناء وأن يجتاز أصعب العقبات لكي يحقق أروع الانتصارات في أحلك الظروف وأسوأها، فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بإيمانهم بالقضاء والقدر والاستعانة بربهم قد حققوا انتصارات عظيمة في معارك غير متكافئة مع أعدائهم، غير عابثين بما واجههم ولا مبالين بما اعترض طريقهم من عناء ومشقة، مؤمنين بأن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم، وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم، وبأنه لن تموت نفس إلا وقد استوفت رزقها وأجلها وأن ما من مصيبة في الأرض ولا حدث ولا خير إلا وقد جف القلم في سابق علم الله به.
وقد أخرج الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال: "يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت الله فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ".
4- تعليمه العبادة: مما لا شك فيه أن عبادة الله عز وجل، ذات أثر فعال في تكوين الطفل، وهي المؤثر على صحة بناء عقيدته، وتقوية صلته بربه عز وجل، أخرج الترمذي عن سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه قال: قيل للحسن بن علي : ما حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: الصلوات الخمس.
وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر:" اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت.. "، وأخرج الإمام مالك في الموطأ ومسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي راكبا بالروحاء (مكان يمر به الذاهب إلى بدر من المدينة المنورة) فقال: " من القوم؟" قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: "رسول الله " فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت: ألهذا حج؟ قال: " نعم ولك أجر " قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : " قال ابن التين : أجمع أئمة الفتوى على سقوط الفرض عن الصبي حتى يبلغ إلا أنه إذا حج به كان له تطوعا عند ا لجمهور" (11).
5- تعويده سنة السلام: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الصبيان السلام بطريقة غير مباشرة وذلك أن يبادئهم بالسلام حتى يتعودوه، وقد أخرج البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه أنه مر بصبيان فسلم عليهم وقال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله" قال الحافظ ابن حجر: " قال ابن بطال: في السلام على الصبيان تدريبهم على آداب الشريعة، وفيه طرح الأكابر رداء الكبر، وسلوك التواضع ولين الجانب" (12).
6- تربيته وتأديبه: قال الحافظ ابن حجر في الفتح : " الأدب : استعمال ما يحمد قولا وفعلا، وعبره عنه بعضهم بالأخذ بمكارم الأخلاق، وقيل الوقوف مع المستحسنات.. " (13).
وجعله الرسول صلى الله عليه وسلم حقا للابن على أبيه، لذلك وجه خطابا للآباء جميعا : فقد روى ابن ماجة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم "، وأخرج الترمذي عن سعد بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى ا لله عليه وسلم قال: " ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن ".
ويقول ابن الجزار القيرواني حول تأديب الطفل في كتابه " سياسة الصبيان وتدبيرهم" : " لأن الصغير أسلس قيادة وأحسن مواتاة وقبولا" (14).
ومن حقوق الطفل تعليمه أدب الاستئذان وأدب الطعام، يقول الله تعالى: (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم..)(النور: 59)، قال ابن عباس رضي الله عنهما : " فالإذن واجب"، وروى البخاري في الأدب عن عطاء قال: سألت ابن عباس،فقلت: استأذن على أختي؟ فقال: نعم، فأعدت فقلت: أختان في حجري، وأنا أنومهما وأنفق عليهما، أستأذن عليهما؟ قال :نعم، أتحب أن تراهما عريانتين: ثم قرأ : (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات..) (النور: 58).
كما يجب تعليمهم آداب الكلام، والاستماع، والمجالسة، وقضاء الحاجة، والسير، وتوقير الكبير، ورحمة الصغير، وحب المساكين، ومساعدة المحتاجين، واحترام العلماء، والبعد عن سفاسف الأمور، ومساوئ الأخلاق من الظلم والإيذاء والفحش والبذاءة، والهمز واللمز، والغيبة والنميمة..(19).
7- تشجيعه على طلب العلم: معلوم أن أول سورة نزلت في القرآن الكريم تحض على القراءة والتعلم: (اقرأ باسم ربك الذي خلق..) (العلق : 1). ففي هذه الآية الكريمة أمر للنبي صلى ا لله عليه وسلم ولكل فرد من أمته أن يقرأ ويتعلم أي علم يكون له ولغيره نفع في دينه ودنياه.
واهتمام الرسول صلى ا لله عليه وسلم بتعليم الأطفال يبدو واضحا وجليا، فأولى مراحل العلم، تعلم القراءة والكتابة، وهذا ما فعله صلى الله عليه وسلم فيروي ابن سعد في طبقاته : " أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل من أسارى بدر أن يعلم كل واحد منهم عشرة صبيان من الصحابة القراءة والكتابة" (15). وكان الحسن بن علي يقول : " تعلموا تعلموا صغار القوم اليوم، تكون كبارهم غدا، فمن لم يحفظ منكم فليكتب " (16).
قال تعالى:( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) (المؤمنون:12-14).
8-تجنيبهم قرناء السوء: مما يجب الاهتمام به السعي لتجنيب الأطفال من القرناء السوء فإنهم يهدمون ما يبنيه الوالدان في سنوات، والمرء على دين خليله، وكل قرين بالمقارن يقتدي، وليس أضر على الطفل من صاحب السوء، حيث حذر النبي صلى الله عليه وسلم من جليس السوء بقوله : " مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة" (متفق عليه).
قال أبو حاتم بن حبان : " فالواجب على العاقل أن يجتنب أهل الريب، لئلا يكون مريبا، فكما صحبة الأخيار تورث الخير، كذلك صحبة الأشرار تورث الشر " (20)
. ولعل الاهتمام بأداء حقوق الطفل وحسن تربيته آكد في هذا العصر الذي تكثر فيه المغريات والمفاسد بمصاعبها وأخطارها فتؤثر على سلوك الطفل ، وتغير فطرته وتصده عن إتباع المنهج القويم فتفقد الأمة بذلك أهم أسس وجودها وحضارتها، فيجب العناية بتنشئته وتربيته على أسس صحيحة وتوجيهه نحو الخير ونهيه عن الشرور.
وينشأ ناشئ الفتيان منا * على ما كان عوده أبوه
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر: موقع الفقثه الإسلامي.. الكاتب : فضل الله ممتاز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.