أمضت "المساء" يوماً كاملا في البورصة ورصدت الوضع علي الطبيعة في قاعات التداول وبدا الأمر علي عكس المتوقع حيث باتت البورصة أكثر هدوءا واختفي الصوت العالي عند البيع والشراء. الجميع يتحدث بلغة الأرقام ولا شيء سوي كلمتي البيع والشراء والكبار يعرفون بالأمور وبين الربح والخسارة حكايات شهدتها قاعات التداول منها ان عميلا كسب 3.5 مليون جنيه ومات من الفرحة والورثة حصلوا عل الأموال.. وهناك طبيب ترك مهنته وباع كل ما يملك وضارب بقيمته في البورصة وخسر كل شيء. قال محمود ياسين بإحدي شركات تداول الأوراق المالية: نحترق شوقاً أمام شاشة التداول ومراقبة الأسهم صعودا وهبوطا لنشتم راحة "الأدرينالين" الممزوجة بالسعادة والخوف بل والحزن والسعادة أيضاً أثناء الذروة.. وذلك رغم ان مجال عملنا يتسم بالتوتر طيلة جلسات التداول.. موضحا ان التداول بالبورصة عالم مليء بلغة الأرقام وقليلاً ما نسمع غير كلمتي "البيع والشراء". أضاف ان جلسة التداول تبدأ في العاشرة صباحا وتنتهي في الثانية والنصف وفي تلك الساعات تسحر البورصة العاملين بها بصعودها وهبوطها ولا يستطيع أحدهم أن يمنع نفسه من مشاهدة شاشات التداول وإن لم يكن لديهم الكثير من الأسهم.. مشيرا إلي أن المتعاملين في البورصة سواء كانوا مستثمرين أو تجارا أو موظفين يدمنون مطالعة شاشة البورصة حتي إن حصلوا علي اجازة يتابعونها عبر الهاتف. أضاف ان البورصة مجتمع مغلق وكل المتعاملين يعرفون بعضهم جيدا ويطلق علي "الكبار" "الميكرات أو الهامور" باللغة الخليجية. أكثر هدوءاً التقط أطراف الحديث أحمد عبدالرحمن: سعدت اليوم لصعود أسهم الشركة التي أعمل فيها.. مشيرا إلي أن البورصة تغيرت عن الماضي وأصبحت قاعات التداول أكثر هدوءا واختفي الصوت العالي عند بيع وشراء الأسهم وبات الحوار يدور بيننا وبين شاشات الكمبيوتر أمام كل منفذ عمليات بالقاعة وتسود علامات القلق والتوتر داخلها وإن اتسم الجو خارج القاعة بالهدوء سواء في الشارع السياسي أو الاقتصادي. أضاف انه لا شك في ان الأحداث الساخنة محلياً وعربياً ودولياً تؤثر بشكل كبير علي حركة التداول ولكن الارتفاع الدائم للأسهم لا يكون دائما علامة صحية للسوق. إذ يجب أن يصاحب ذلك جلسات هبوط تعرف ب "جلسات جني الأربحا" لتصحيح الأوضاع وتبادل المراكز المالية بين الأسهم لالتقاط الأنفاس وحتي يتحقق للسوق اتزانه. أشار إلي أن عالم البورصة مليء بالأرقام والمصطلحات التي لا يفهمها إلا من يعيش داخل هذا العالم وان المتعاملين بداخله ليسوا نوعا واحدا ولكن منهم أفراد ومؤسسات وأجانب عرب ومصريين ولكل منهم دور في البيع والشراء بالجلسة وهناك دوافع لذلك تتوقف علي التحليل الفني للسهم والتحليل المالي لمركز الشركة التي يتبعها السهم مع ملاحظة وجود نقاط دعم ومقاومة تكون أمام أعيننا.. فالدعم يتمثل في السعر الذي يغرق أغلبية المضاربين بالبورصة للشراء وهو تلك النقطة التي يصعب انخفاض السهم عندها وإذا انخفض يسمي ذلك ان السهم غير من سلوكه مما يضطر المضاربين لبيعه. أما المقاومة فهي السعر الذي يغري أغلبية المضاربين بالبيع في مرحلة ما يكون من الصعب أن يواصل صعوده وإذا ارتفع يكون قد غير من سلوكه وهنا يقوم غالبية المضاربين بشراء السهم ويستطيع العميل أن يحتفظ ويتابع ويقوم بالمتاجرة وذلك معناه ان العميل يمكنه امتلاك أسهم بعد التعامل عليه بالبيع أو الشراء حتي إشعار آخر. والمتاجرة أن يبيع أو يشتري السهم الآن ويعيد شراءه أو بيعه حينما لا يوجد اتجاه للسهم وهنا يجب مراقبة السهم حتي اننا نلاحظ وجود رمزي "الدب يواجه الثور" فالثور يرمز إلي الرواج أي المشترين أما الدب فيرمز إلي الكساد وهم "البائعون". لغة خاصة يقول عبدالرحمن ان هناك لغة خاصة يتحدث بها العاملون في البورصة وتلتبس علي البعض موضحا ان التداول الحر يكون علي الأسهم المطروحة المتاحة للبيع والشراء من إجمالي عدد أسهم الشركة وان الشراء الهامشي يعني شراء الأسهم بنسبة من المبلغ الكلي اللازم للشراء وهنا يقوم السمسار بإقراض العميل الجزء المتبقي نظير عمولة متفق عليها بالإضافة للفائدة علي المبلغ وان البيع علي المكشوف هو الدخول إلي السوق كبائع لأسهم ليست ملكه الآن علي أمل أن ينخفض سعر السهم فيقوم بالشراء مرة ثانية وان السهم النشط هو سهم لديه كمية بقيمة أعلي من معدلاتها لغالبية الأسهم خلال فترة محددة. أضاف ان كمية التداول تعني عدد الأوراق المالية التي تم التداول عليها وان حجم التداول هو قيمة تلك الأوراق التي تم التداول عليها وان هناك أسهما يتم التداول عليها داخل "المقصورة" وهي الأسهم التي تجتار شروط البورصة المصرية موضحا ان الأسهم خارج المقصورة هي التي لا تجتاز شروط البورصة المصرية ولكنها أكبر خطر لعدم خضوعها للحدود السعرية. قال ان هناك تساؤلاً لدي الكثيرين كيف يتم تحديد قيمة السهم مشيرا إلي أن ذلك لا يتم بطريقة عشوائية ولكن يخضع إلي التحليل الفني بالتطورات علي السهم والتحليل المالي للشركة وان هناك أسبابا قد تؤدي للتأثير علي قيمة السهم منها الأخبار بنوعيها الجيدة والسلبية والمعلومات غير الصحيحة والشائعات وان أكبر خطرا يتعرض له العميل هو الانفراد بوجهة نظره دون استشارة خبراء السوق ولذلك عليه أن يميز بين السمسار ومنفذ الحسابات.. فالسمسار هو الذي يقوم بتنفيذ الحساب علي الشاشة ومنفذ الحسابات هو المستشار الاستثماري. ليس حكراً علي الرجال ولفترة كبيرة ظل هذا العمل حكراً علي الرجال ولكن استطاعت نجلاء فراج أن تقتحمه حيث تعمل منفذة عمليات بإحدي الشركات وتقول: منذ الثامنة صباحا وقبل بدء الجلسة تجد 160 منفذ عمليات بقاعة التداول يجلسون علي مكاتبهم وفي اتصال مع شركاتهم لمعرفة رغبات العملاء ثم يدق جرس بدء الجلسة والجميع يتوجه بنظره إلي شاشات التداول بالقاعة أو علي شاشات الكمبيوتر وهناك أكثر من 20 شركة مدونة بالبورصة علي 4 مؤشرات والمؤشر يعد بمثابة مقياس الحرارة للسوق فإذا ارتفع فإنه يدل علي ان السوق في حالة جيدة والعكس تماما وان هناك مؤشرا رئيسياً للبورصة "egx 30" يحتوي علي أكبر 30 شركة تتعامل بالبورصة من حيث السيولة والنشاط ثم يليه المؤشر "egx 20" و "egx 70" وهو الخاص بأسهم الشركات المتوسطة والصغيرة ثم المؤشر "egx 100" الذي يجمع بين المؤشرين "30 و100" وان عملية تداول الأسهم لا تتم بوجود عنصر بشري بل جميعها الكترونيا. قصص وحكايات أضافت نجلاء ان احد العملاء اشتري ألف سهم بقيمة 20 جنيها للسهم الواحد ثم سافر للعمل بإحدي دول الخليج وفي أول زيارة للقاهرة وجد قيمة السهم ارتفعت إلي 70 جنيها وربح 50 ألف جنيه دفعة واحدة وبالطبع لم يصدق نفسه إلا وهو يستلم أمواله وهناك عميل آخر كانت محفظته 100 ألف جنيه وفي أقل من شهر ونصف الشهر تضاعفت إلي 750 ألف جنيه وهناك عملاء آخرون أصابهم الطمع فسقطوا سريعا مثل الطبيب الذي ترك مهنة الطب واتجه للتعامل بالبورصة بأمواله وفي بداية الأمر ربح أرباحا كبيرة فأغراه الأمر وباع شقته وسيارته وسكن في شقة ايجار قانون جديد أملاً في توفير سيولة زائدة للمضاربة بها ولكنه خسر كل شيء حتي انه لم يجد ايجار شقته التي يسكن فيها. تنصح نجلاء المواطنين بألا يضاربوا بأموالهم دفعة واحدة وأن يتعاملوا مع شركة سمسرة ذات سمعة جيدة بالسوق وأن يستمعون للنصيحة. قال فيها محمود ياسين جاءني أحد العملاء مقاول وأراد أن يضارب في البورصة لأول مرة ولا يعرف كيف؟ وهناك من نصحوه بأحد أسهم الشركات فرفضت ذلك السهم واقترحت عليه شراء 100 ألف جنيه أسهم بشركة الزيوت المستخلصة بقيمة 5 جنيهات للسهم الواحد وقلت له اتركه هكذا في عودتك من العمل بإحدي الدول وبعد عام عاد الرجل وطلب الكشف عن أسهمه وكانت المفاجأة ان قيمة السهم ارتفعت إلي 35 جنيها دفعة واحدة ووصلت محفظتها إلي 3.5 مليون جنيه حتي انه لم يصدق ذلك وأغمي عليه وتم استدعاء الاسعاف وفارق الحياة حصل الورثة علي الأموال.