ابتليت مصر بثلاثة أوبئة لم تصل إلي علاج حاسم لها حتي الآن: الفساد بسائر أشكاله ومسمياته وفي فئات كثيرة من الشعب وممن ينبغي لهم أن يتنزهوا عنه وأن يقاوموه!! والوباء الثاني التطرف والثالث هو الإرهاب. وهناك فارق بين التطرف والإرهاف وإن اختلط المعنيان لدي الكثيرين وفي وسائل الاعلام.. وتحديد المعني يفيدنا في طريقة المواجهة كما اشار المتحدثون في مهرجان اقامة فرع ثقافة القاهرة برئاسة محمد الشرقاوي وإعداد إلهام واصف في مركز إعلام السلام بحضور اجلال فرج مديرة المركز. قال الأدباء أن التطرف فكر نظري يشط صاحبة وينحرف عن الاعتدال والوسطية والعقلانية والعلم والموضوعية فيرفض أي فكر آخر يخالف موقفه ولا يؤمن بغير اعتقاده ويسفه آراء الآخرين.. والتطرف ليس صفة دينية بل قد يتجه يميناً أو يساراً فنري مثلاً متطرفين من البوذيين ومن الهندوس ومن اليهود ومن المسيحيين كما نري متطرفين ينتسبون للإسلام.. وهنالك تطرف مذهبي لأقصي اليسار والشيوعية وأقصي اليسار القومي كالنازية مثلاً.. ومصر تعاني من هذا النوع من التطرف منذ عام 1928 حين أنشأت المخابرات الانجليزية تنظيم الإخوان في مصر. وجندت له كثيرين من المتطرفين ومن الماسونيين ليقودوه حتي تتعطل نهضة مصر ويتخلف المجتمع المصري. ويتمزق شمل المسلمين في وطننا العربي وفي سائر العالم الإسلامي. وهو ما نراه الآن.. فقد تبنت المخابرات الامريكية بعد تراجع الاستعمار الانجليزي هذا التنظيم الذي فرخ من داخله جميع تيارات التطرف الموجودة حالياً في العالم ولم يكن لها وجود قبل إنشاء تنظيم الإخوان. اشار بعض المتحدثين في الندوة التي شارك فيها د.السيد رشاد وإبراهيم عبدالمنعم مدير قصر ثقافة السلام والشيخ حمدي أمين مدير اوقاف السلام وأدارها كل من محمد الشرقاوي وإجلال فرج إلي أن الإرهاب يختلف عن التطرق في أن التطرف موقف نظري يعتنقه صاحبة. ولا يلجأ إلي "العنف والدموية" وبالتالي فمن الممكن أن تتدخل الثقافة والمثقفون للتحاور مع هذا التطرف وتنوير معتنقية بالحقائق. وتبصيرهم بقيمة الانتماء الوطني والولاء لمصر. واتخاذ الموقف الوسطي الذي يتسم به الإسلام.. أما الوجه الآخر فهو الإرهاب. ولا حوار معه ولا مع من يتخذونه وسيلة لفرض رؤيتهم وتنفيذ مطالب أعداء مصر. وإسقاط الدولة المصرية.. فوسيلة التعامل مع هؤلاء ليست الثقافة والعقل والحوار بل الرد عليهم بوسائلهم الدموية وبعنف أشد من عنفهم لاجتثاثهم من جذورهم. سواء أكانوا في سيناء أو إلي موقع داخل مصر وعلي حدودها. ورأي د.السيد رشاد ومحمد الشرقاوي أنه مع تأكيد أهمية الثقافة في مواجهة التطرف من منابعة بالقري والنجوع لابد من انها ضد الاقتصاد لتوفير احتياجات كل مواطن في المطعم والمشرب والملبس والعلاج والتعليم وكذلك التأكيد علي مفاهيم العدالة والمساواة في مواجهة الفساد والروتين والرشوة والمحسوبية والفئوية.. ولا ينبغي ترك قواتنا المسلحة ورجال الأمن وحدهم في هذه المواجهة.. فمنذ العشرينات من القرن الماضي بعد تأسيس تنظيم الإخوان الإرهابي والمواجهة الأمنية متواصلة في موجهات مع هذا التنظيم. بعد أن اغتال النقراشي باشا والقاضي الخازندار وحاول اغتيال الزعيم عبدالناصر ونجح فعلاً في اغتيال السادات ومئات من المصريين.. لكن المواجهة الأمنية هذه لم تقضي عليه ولن تستطيع وحدها.. نحتاج إلي تجفيف التطرف من المنابع بتوظيف أساليب وآليات الثقافة لنشر الوعي. وكذلك تحسين الوضع الاقتصادي ثم اشاعة روح العدالة والمساواة التي اكد عليها دستور مصر بعد ثورة 30 يونيه في مواجهة الفساد والروتين والمحسوبية. وحول أشكال الروتين والمحسوبية والفساد هذه توقفت ندوة خاصة أقامها فرع ثقافة الجيزة برئاسة د.محمد زيدان. وبحضور مجموعة كبيرة من الأدباء والمثقفين ومديري المواقع الثقافة في الجيزة ومنهم: عبدالعزيز قودة وأحمد مصطفي وطاهر إبراهيم ورجب عبدالتواب ومصطفي إسماعيل وسيد جمعة ومها عبدالعال ونورا سعد ومني التلاوي وكرم محمود.. وكان موضوع الندوة التي قدمها د.محمد زيدان هو "المناسبات والأعياد القومية والوطنية" في ظل تسفيه البعض وخاصة من المتطرفين أن يحتفل الشعب بغير عيدي الأضحي والفطر!! ثم لا يقر هذا البعض مناسبات قومية وطنية عظيمة كانتصار أكتوبر رمضان ثورة يوليو 1952 وثورة يناير وموجتها الثانية في يونيه.. وتساءل د.زيدان: ماذا نحن فاعلون في جدول مناسبات وأعياد ممتليء يرد إلينا وعلينا أن نجاريه وبعض هذه المناسبات تتداخل في التوقيت وتتفاوت في الأهمية. فهنالك مثلاً مناسبة جلوس الخديوي إسماعيل علي العرش!!! وذكري ثورة 19 وسعد زغلول وميلاد ووفاه عبدالناصر أو أم كلثوم أو مصطفي كامل وانتصارات أكتوبر وغيرها.. فهل ندع هذه المناسبات جميعاً تمر بدون التفات أم تختفي ببعضها وندع الآخر؟! ورأي بعض الأدباء أن تحديد عيدين فقط للمسلمين هما الأضحي والفطر لا يمنع قيام أعياد أو مناسبات اخري قومية ووطنية وكل ما من شأنه إدخال السعادة علي الناس وتحقيق قيمة المشاركة الوجدانية والتجمع والالتفاف حول هدف أو مناسبة. وهي نفسها الأهد اف التي ربما شرعت الأعياد دينياً من أجلها..كما أن هناك أعياداً دينية أخري لابد أن تحترم تخص جزءاً من الشعب هي الأعياد المسيحية.. وذكر المتحدثون أن الاحتفال بالمناسبات أمر محبب علي ألا يتخذ وسيلة للكسل والركود إلي "الأجازات" وتضييع الوقت وتعطيل العمل.. فلماذا لا نحتفل بهذه المناسبات بزيادة العمل والانتاج لا يوقفه كما أنها وسيلة لإحياء ذكري شهدائنا الذين سقطوا في ميادين الدفاع عن مصر. وذكري أبطالنا الذين ينبغي أن يعرفهم الشباب ليقتدوا بهم أمثال أحمد عرابي ومصطفي كامل وسعد زغلول وجمال عبدالناصر.. وغيرهم. ورغم أن قضية المناسبات القومية هذه كانت هي موضوع الندوة التي عقدت بقصر ثقافة الجيزة فإن قضية الروتين والتخبط الإداري وبعض مظاهر الفساد قد سيطرت علي الحوار من خلال ما طرحه المشاركون من هذه المظاهر التي مازالت تغرق وزارة الثقافة وهمشت دورها علي المستوي الوطني فلم يعد لها وجود في الشارع رغم كثرة من تضم من مبدعين ومفكرين وأدباء.. ذكر المتحدثون نموذجاً صارخاً للروتين تمثل في حصول فرع ثقافة الجيزة علي "مكتبة البحر الأعظم" علي شاطيء النيل. وكانت تابعة لجمعية الرعاية المتكاملة فخصصها محافظ الجيزة للثقافة منذ حوالي 4 أشهر. وطلب من هيئة قصور الثقافة تجديدها والعناية بها فلم تفعل الهيئة أي شيء منذ ذلك التاريخ سوي تركيب بوابة حديدية!! مما دفع المحافظ للتهديد بإلغاء تخصيصها للثقافة!!. ندوتا القاهرةوالجيزة اقيمتا برعاية د.سيد خطاب رئيس هيئة قصور الثقافة والفنان أحمد إبراهيم رئيس اقليم القاهرة الكبري وشمال الصعيد الثقافي.