كالعادة انتفضت الدولة عقب حادث البحيرة الأليم الذي أودي بحياة 19 شخصا بينهم 11 طالبا من طلاب مدرسة الأورمان الفندقية بالاسكندرية نتيجة تفحم الاتوبيس المدرسي الذي كانوا يستقلونه فضلا عن مصرع نائب مأمور مركز الدلنجات وأربعة من أفراد أسرته وهو الحادث الذي هز مصر صباح الأربعاء الماضي وأدي الي استنفار كافة أجهزة الدولة لوضع حد لحوادث الطرق التي ارتفعت معدلاتها في الآونة الأخيرة! لعلها هي المرة الأولي التي تتخذ فيها الدولة إجراءات رادعة للحد من تلك الحوادث المروعة باجراء تعديلات في قانون المرور تقضي بحبس السائق المخمور أو الذي تحت تأثير المخدر وإلغاء رخصة قيادته وأيضا حبس كل من يتعمد السير عكس الاتجاه داخل المدن أو خارجها فضلا عن تشديد العقوبة علي كل من يتجاوز الحد الاقصي للسرعة وكلها تعديلات لو تم تطبيقها بصرامة وحزم لانخفض معدل حوادث الطرق في مصر بشكل كبير. وفي الواقع يمكن القول من خلال المشاهد اليومية التي نراها بشكل متكرر انه لا يوجد قانون رادع يحكم منظومة المرور في مصر او علي أقصي تقدير يوجد قانون إلا أنه لايتم تطبيقه.. فالفوضي المرورية تعم الشوارع والميادين والطرق السريعة بلا ضابط أو رابط ويكفي ما يفعله سائقو الميكروباص من مخالفات وتجاوزات تحت مرأي ومسمع الجميع بمن فيهم القائمون علي تنظيم العملية المرورية! لقد تصدرت مصر خلال السنوات الثلاث الأخيرة دول العالم في معدلات حوادث الطرق حيث أشارت أحدث احصائية لمنظمة الصحة العالمية الي أن 12 ألف شخص لقوا مصرعهم في حوادث السيارات العام الماضي وأن 62% من ضحايا هذه الحوادث كانوا يستقلون سيارات النقل والاتوبيسات ومن المعروف اسباب هذه الحوادث التي يتصدرها الاهمال والتسيب ورعونة السائقين وإدمان البعض منهم والسرعة الزائدة وسوء حالة الطرق أضف الي ذلك غياب رجال المرور في كثير من الاحيان واهتمام بعضهم بالحصول علي "رشوة" مقابل السماح للسائقين بكسر قانون المرور!! لقد سافرت إلي العديد من بلدان العالم المتحضر منه والنامي لم أر في حياتي هذا التسيب المروري الذي تعاني منه شوارع مصر المحروسة.. سيارات تسير بدون لوحات معدنية وكذلك الدراجات النارية.. كسر إشارات المرور.. السير عكس الاتجاه.. إرهاب الميكروباصات وسيارات النقل الثقيل.. فوضي اتوبيسات النقل العام.. صبية تقود التوك توك.. أطفال يذهبون إلي مدارسهم في سيارات نقل.. مشاهد غريبة وعجيبة نشاهدها كل يوم ونتحدث عنها باهتمام فقط كلما وقعت مصيبة ثم سرعان ما تسير الأمور علي ما هي عليه حتي نصحو مرة أخري علي مصيبة وكارثة جديدة.. الحل يكمن في سرعة انجاز التعديلات الجديدة في قانون المرور والأهم من كل ذلك تطبيقه علي الكبير قبل الصغير.