الشيخ خالد الجندي من الدعاة المتميزين الذين لا يخشون في الحق لومة لائم وهذا ما يميزه عن غيره بالإضافة إلي أنه يتميز بالوسطية والاعتدال في آرائه ولديه طريقة إلقاء جذابة يستطيع من خلالها إقناع الآخر بكل سهولة ويسر. التقي "المساء الديني" الداعية خالد الجندي وناقش معه العديد من القضايا التي تشغل بال المسلمين في الفترة الحالية.. وهذا نص الحوار: * بداية ما رأيكم في فوضي فتاوي الفضائيات والقانون المقترح بتجريم الفتوي الصادرة من غير المتخصصين؟ ** أرفض هذا القانون لأنني أريد للمجتمع أن يفرز.. هل هناك قانون ينظم العلاقة بين الإنسان وبين الدواء النافع.. الإنسان يستطيع أن يعالج نفسه بالأدوية المغشوشة وغير المدروسة كالأعشاب وسيضر نفسه بلا شك.. لكن الناس وحدها تذهب إلي الطبيب المتخصص والصيدلية.. بدليل أن الناس لفظت ظاهرة "حلاق الصحة" أو الداية أو الحجام هذه الظواهر انقرضت إلي حد كبير من الذي لفظها؟ إنهم الناس وليس القانون.. لابد أن تفهم الناس أن المصلحة هي أن يختار الناس الفتوي التي تتلاءم مع شئونهم وأحوالهم دون أن يتدخل فيها إنسان ودون أن يسطو علي حقك في الاختيار واحد من الناس.. وأظن أه هذا الأمر لو صنعنا له قانونا سنصنع أساطين للفتوي.. نعم سنتخلص من الدخلاء لكن الذين سنصرح لهم بالفتوي سيتحولون إلي "دهاقنة" وأباطرة وطواغيت.. هذه كارثة ومصيبة أن نحمي سلطة النفس في التسلط علي الآخرين بالقانون.. أنا لا أريد أن يكون للشيخ سلطة ونفوذ قانون نحن لسنا أوصياء علي الناس أو مخبرين أو شرطة ونرفض أن نكون هكذا فمن فضلكم اتركوا الشيوخ يعملون بغير وصاية. * مشروع الهاتف الإسلامي الذي تبنيت فكرته إلي إين وصل؟ ** مازال المشروع قائما إلي الآن منذ حوالي 12 عاما وأصبح مصدر ثقة وطوال السنوات الماضية لم نسمع عنه شكوي واحدة بل إن دار الإفتاء قامت باستنساخ التجربة وقامت باستخدام نفس آلية عمل الهاتف الإسلامي حتي الاسم. قضايا موسمية * أهم القضايا التي تتلقاها من خلال الاتصالات عليه؟ ** القضايا التي تأتي علي الهاتف الإسلامي قضايا موسمية يعني تارة تجد العالم كله كما هو الحال الآن يسأل عن الإرهاب وداعش ومنذ شهرين مكثنا عدة شهور نرد علي فتاوي الإلحاد وقبلها في عصر الإخوان كان الحديث كله عن خلط الدين بالسياسة وإقحام السياسة في المنابر والمساجد. * كيف نحمي شبابنا من التغرير بهم للدخول في الإلحاد؟ ** لابد من معرفة وظيفة الدين.. فهي تنظيم العلاقة بين الإنسان وربه وعقد علاقة خاصة بين الإنسان وبين الله لا يشترك معها إنسان آخر.. وظيفة الدين منع وسائظ العباد عن العباد وإخراج الإنسان من ظلم الإنسان إلي عدل الرحمن ومن جور الأديان إلي سعة الإسلام والرحمن أما عدا ذلك فإن الدين يصبح تسلطا علي رقاب العباد قال تعالي "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله" وقال تعالي "ولا يتخذ بعضنا بعضنا أربابا من دون الله" فالحقيقة أن العالم الاسلامي يمر بأزمة وهي خلط الدين بالسياسة التي أدت إلي أثار شديدة الخطورة كنا نحذر الناس من وقوعها ولكن لم يستمع إلينا أحد.. قلنا لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين كلاهما ينفصل عن الآخر إنما لم نقل لا دين في الدولة ولا دولة في الدين الاسلام دين ودولة إنما الإسلام ليس دنيا وسياسة. * يطلقون عليك لقب شيخ الأثرياء أو شيخ الطبقة الراقية فكيف ترد علي من يقول ذلك؟ ** صدقوا ورب الكعبة فكل من يتبع القرآن والعلم فهو من الأثرياء.. الفقير هو من افتقر إلي الأدب والعلم.. والثري هو الذي تربي وعلم وتعلم وتخلق بأخلاق النبي صلي الله عليه وسلم.. وكل من يتبع طريق الله هو من الطبقة الراقية وكل من يترك طريق الله هو من الطبقة "الواطية".. لا شك في ذلك. أما إذا كانوا يقصدون الثراء المادي علي الأقل إذا قمت أنا بمساعدة الأغنياء علي صلاح الأحوال فليتفرغوا هم للفقراء.. علي الأقل أنا فعلت شيئاً.. وكان لي شيخ علم الناس الطهارة في المسجد فمر عليه رجل وقال له أنت ما زلت تعلم الناس الطهارة والأمريكان وصلوا القمر قال له نحن والأمريكان أجدع منك لأنك لم تطلع معهم القمر ولم تتعلم معنا الطهارة.. فمن يقول إننا شيوخ الأغنياء فلا هم وعظوا الأغنياء ولا وعظوا الفقراء.. كما أن الغني إذا انصلح حاله دفع زكاة وصدقة وكفانا الله شره ووظفت طاقته لصالح المجتمع والناس وهذا خير وبركة أم أن الأغنياء رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. * هناك اتهام للأزهر بأنه تقاعس عن دوره في الفترة الأخيرة فهل تؤيد هذا الرأي؟ ** نعم أؤيد بشدة فالأزهر يعاني من مشكلات كثيرة واختراق رهيب.. وهذا الكلام كان مقصودا منذ بدايات قانون تطوير الأزهر.. إلهاء الأزهر بالكليات العلمية التي ليست من تخصصه انشغل الأزهر بسببها عن الكليات الشرعية استنفاذ الكليات العلمية لميزانية الأزهر ساهم في ضعف الكليات الشرعية وعدم إخراج الأكفاء الذين يقومون بالذود عن حياض الدعوة.. عدم ترشيح شيخ الأزهر من هيئة كبار العلماء تسبب في وجود شيوخ أزهريين عرفوا بالتعيين وليس باختيار العلماء. * معني ذلك أنت تؤيد انتخاب شيخ الأزهر ** أنا لا أؤيد بل أصر إن عدم انتخاب شيخ الأزهر مصيبة.. والنص علي تأبيد منصب شيخ الأزهر وعدم جواز عزله هذه مصيبة أخري لأن شيخ الأزهر في النهاية بشر يصيب ويخطئ له ما لهم وعليه ما عليهم. * هل تؤيد أن يكون شيخ الأزهر غير مصري؟ ** نعم إذا كنا صادقين أن الأزهر مؤسسة عالمية فيجب أن نصرح ونسمح بذلك وكان الشيخ الخضر حسين من تونس وتولي مشيخة الأزهر ولم يضيره ذلك ولم يفرط في حق الأزهر..أنا أظن أن غير المصريين سيكونون أحرص علي الأزهر من المصريين. بناء الكنائس * طالبت الدولة بتخصيص مساحة من الأرض لبناء الكنائس أسوة بالمساجد فهل تشعر بأن المسيحيين مضطهدون في مصر؟ ** نهائيا.. المسيحيون يعيشون أزهي عصورهم في مصر ولو كان المسيحيون مضطهدون ما سمعنا عن حالات ردة من المسلمين الذين يتجهون إلي المسيحية هل قام أحد بقتل أحد من المسلمين لأنه اتجه للنصرانية هذا لا ينقص من الإسلام في شيء.. والذين يدافعون عن الكنائس هم المسلمون مع إخوانهم من المسيحيين ليست عندنا أية حزازات ولدي أصدقاء مسيحيون يتمتعون بكافة حقوق المواطنة من غير من ولا أذي من أحد. * أصدرت وزارة الأوقاف منذ أيام حق الضبطية القضائية لمفتشيها بحجة التصدي للمتطرفين والمتشددين.. ما رأيك؟ ** أنا لا أتصور شيخا يحمل الضبطية القضائية فأنا من واجبي ألا أقدم الناس للشرطة لست عليهم بمسيطر إن عليك إلا البلاغ "إن أنت إلا نذير" إنا إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم.. أنا لا أريد من الناس أن تخاف من الشيخ ويصبح الشيخ مصدر تهديد أمني هذا كلام كارثي وفيه قضاء علي العلاقة بين الشيخ والإنسان فالشيخ يجب أن يكون مصدر طمأنينه وحب وراحة. * تقوم وسائل الإعلام بتشويه صورة المسجد ورجل الدين التقليدي في نظر الشباب فكيف نواجه هذا التشويه؟ ** هذا تعميم مرفوض.. هناك بعض الفضائيات تفعل ذلك إما بحسن نية أو بسوء نية الله أعلم بخفايا القلوب لكن أعتقد أنه يجب أن تستفد من عدوك بالإنصات له والانتباه لمكامن النقد الموضوعية في كلامه وبالسيطرة علي حالة الغضب التي قد أتسبب في أزمة بسببها إذا لم أسيطر عليه.. استفد من عدوك إذا قتل فيك غرورك.. عدوك يعتمد علي إهانة الكرامة وتنزيل وترخص النفس.. علي الأقل لن يصاب المرء بحالة من حالات النرجسية والانتفاخ في الذات عندما يجد من يهاجمه.. عدوك يبين أنك علي الحق.. ولذلك كنت في جنازة وقال من بجواري عن المتوفي رحمة الله عليه لم يكن له أعداء قلت له إنك بهذا تشتمه لأن معني ذلك أن المرحوم كان تافهاً.. فمن لا أعداء له رجل تافه.. قال تعالي وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين هل رأيت نبيا أكل أموال الناس أو اعتدي علي أعراض الناس ومع ذلك كان له أعداء.