خطوة جريئة وجادة أقدمت عليها الجمعية الوطنية للتغيير لإنقاذ مصر من الجدل العقيم الدائر حالياً حول وضع الدستور أولاً أم إجراء الانتخابات.. والخوف من اكتساح الإخوان للانتخابات القادمة ثم انقلابهم علي الديمقراطية وتحويل مصر إلي دولة دينية يتم فيها التمييز ضد غير المسلمين واضطهاد الأقباط. هذه الخطوة كشف عنها السياسي اليساري المحترم عبدالغفار شكر عضو الجمعية في تصريحات أدلي بها عقب جلسة مشاورات عقدتها الجمعية وحضرها بعض قادة الإخوان الذين هم شركاء في الجمعية الوطنية للتغيير. قال شكر في تصريحاته التي نشرتها "الشروق" أمس إنه اقترح إضافة فقرة إلي البيان التأسيسي الثاني للجمعية ينص علي استكمال أهداف ثورة 25 يناير ومن بينها تأسيس الدولة المدنية وتحقيق المساواة بين المواطنين دون تمييز وإرساء العدالة الاجتماعية. وأضاف أن تحقيق تلك الأهداف يتطلب القيام ببعض الإجراءات من بينها وضع برنامج عمل مشترك يتضمن مهام محددة وفق أولويات يتم الاتفاق عليها وتناقش خلال الفترة المقبلة بالإضافة إلي بحث إمكانية إجراء تنسيق بين جميع القوي السياسية قبل الانتخابات لضمان تمثيل متوازن لها في البرلمان.. وسوف نبحث إمكانية الاتفاق علي قائمة موحدة بين جميع القوي السياسية ومن بينها جماعة الإخوان.. من تلك الإجراءات الاتفاق علي اختيار عدد من الشخصيات العامة ذات الكفاءة لترشيحها لعضوية اللجنة التأسيسية التي سينتخبها البرلمان المقبل لتضع الدستور الجديد. ومعني هذا الاقتراح أن الإخوان سوف يوقعون علي وثيقة إذا حدث التوافق تنص صراحة علي الالتزام بالدولة المدنية التي تحقق المساواة بين جميع مواطنيها بصرف النظر عن اللون أو الدين أو الجنس رجل أو امرأة أو العرق..ودون تمييز وإرساء قواعد العدالة الاجتماعية. كما أن الإخوان سينخرطون في حوار جاد مع التيارات والأحزاب الأخري لضمان تمثيل متوازن للجميع في البرلمان القادم للحد من هلع الاكتساح ودخول الانتخابات في قائمة واحدة. أكثر من ذلك سوف يتم الاتفاق من الآن علي الشخصيات التي سينتخبها البرلمان القادم للجمعية التأسيسية للدستور حتي لا يتخوف البعض من هيمنة الإخوان علي هذه الجمعية إذا ما هيمنوا علي البرلمان. في تصوري أن هذه ضمانات إيجابية وعملية بدلاً من صراع الديكة الذي نشاهده الآن.. ويقيني أن الإخوان لديهم من الذكاء السياسي ما يسمح لهم بالاستجابة لهذه الاقتراحات وأكثر منها ما دام الأمر يتعلق بالأداء الديمقراطي لإقامة دولة مدنية عصرية تقوم علي التعددية الحزبية وتداول السلطة والخضوع لإرادة الأمة الممثلة في صناديق الانتخابات. وتقتضي الأمانة أن أذكر هنا أن الإخوان كانوا قد طرحوا فكرة التوافق والقائمة الموحدة قبل أن يظهر حوار الدكتور يحيي الجمل ومؤتمراته التي كان الهدف الوحيد لها هو الالتفاف علي نتيجة استفتاء 19 مارس الذي شهد الجميع بأنه أول وأهم استفتاء حر ونزيه أجري في مصر. نحن نريد من الأطياف السياسية ألا تأخذنا إلي صراع الأسماء والمسميات والمصطلحات.. والجدال طوال الوقت بلا فائدة حول الدولة الدينية والدولة المدنية.. نريد اتفاقات وتعاقدات مكتوبة ومضمونة من الجميع وفي المقدمة الإخوان بأن مصر بعد ثورة 25 يناير ستكون دولة ديمقراطية يحكمها دستور مدني يحدد المسئوليات ويخضع كل صاحب سلطة للمساءلة ويضمن حقوق كل المصريين بشكل متساو ودون أدني تمييز.. ويضمن التعددية السياسية وسيادة القانون وتداول السلطة. إذا اتفق الجميع علي ذلك فلن يختلف علي المسميات.. يسميها الإخوان دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية بمقتضي المادة الثانية من الدستور لا بأس.. يسميها العلمانيون دولة مدنية علمانية لا بأس.. المهم المحتوي والمضمون. تبقي هناك نقطة أشار إليها د.وحيد عبدالمجيد في حوار مع قناة "النيل للأخبار" حيث طالب بتوقيع الأحزاب والإخوان علي ضمانات بألا يغير أي حزب برنامجه الذي تقدم به في الانتخابات وحصل به علي أصوات الناخبين سواء في الحكومة أو المعارضة علي الأقل طوال الدورة البرلمانية وحتي يحين موعد الانتخابات التالية حتي يتقدم ببرنامج جديد.. وهذا يضمن عدم تنصل أي حزب من برنامجه أو الإنقلاب عليه. هذه ضمانة أخري جيدة تدعم مسيرة الإطمئنان العام.. بعيدا عن الاتهامات المتبادلة وحالة التربص القائمة .. حتي تنطلق إلي الأمام.