قرأت كل أنواع الهموم علي وجهها الحزين الشاحب وجسدها الهزيل عندما جاءتني مستغيثة تروي محنتها الكبيرة في استسلام البائس المحبط. فقد رحل زوجها منذ حوالي 6 سنوات عندما سقط من مكان مرتفع أثناء عمله في طائفة المعمار وترك لها مسئولية ثلاثة أطفال ولداً وبنتين. خرجت إيمان نبيل للعمل في البيوت سعياً عليهم حتي أصيبت بطلق ناري طائش في مشاجرة أمام بيتها أدي إلي تهتك بجدار البطن واجريت لها عملية جراحية لتركيب شبكة بها ومنعها الأطباء من بذل أي مجهود زائد لكنها لم تقدر علي اتباع نصيحتهم وواصلت عملها لينتظم أولادها في تعليمهم فأخذت حالتها تتدهور مما اضطرها للعمل يومين فقط في الأسبوع.. خرج ابنها الوحيد للعمل بجانب دراسته لكنه لم يصمد طويلاً بسبب مرضه المتكرر الذي لم تعرف تشخيصا محددا له فكلما توجهت به لمستشفي حكومي يعطونه بعض المسكنات حتي قبل الكشف عليه. تراكم عليهم إيجار الشقة فطردهم صاحب البيت بلا رحمه ليعيشوا مشردين في الشارع أكثر منذ شهرين فساءت حالتها وابنها الذي اكتشفت أنه يعاني من تليف بالكبد في مراحله المتأخرة عندما عرضته علي طبيب خاص اكد لها ضرورة حجزه في مستشفي متخصص والحصول علي علاج مكثف.. لم يمهله القدر ومات بين يديها علي الرصيف فدفنت معه ما تبقي من آمالها واستسلمت للشعور بالذنب والذل والمهانة لموت ابنها الوحيد في الشارع كالحيوانات الضالة دون أن يجد من يرق لحاله. حضرت للجريدة بعد أسبوع من وفاته عندما استطاعت ان تقف علي قدميها وهي تستغيث بنا للوقوف مع ابنتيها عندما شعرت بأنها لن تعيش طويلا بعد ابنها. سددنا عنها الايجار المتأخر لتعود لشقتها التي سينتهي عقدها بعد شهر واحد فقط فهل نتركها تعود للشارع مرة أخري لتلحق هي وابنتها بابنها المسكين أم سنجد من بين المسئولية بمحافظة القاهرة وأهل الخير من يرحمها.