في نوفمبر الماضي تناولت همستها وحاجتها الماسة لمسكن مستقل تعيش فيه وابنتها.. وكيف أنها اضطرت تحت وطأة المرض وفقد الزوج وانعدام الدخل إلي بيع شقتها والاقامة عند والدتها وابنتها الوحيدة "هبة"..؟!.. لكن تلك الظروف لم تشفع في تزكية طلبها عند المختصين باسكان محافظة بورسعيد وما أن يأتي ذكر حصولها علي شقة من قبل حتي يتوقف كل شيء.. مثلما يتوقف المسئولون عن الافادة أو الرد!! ومن يومين تلقيت مكالمة من مواطن صالح يوصيني بها خيرا وأعطاني رقم هاتفها المحمول لأتواصل معها وأعرف المزيد تحدثت إليّ "عبير سمير رشاد" وجاءني صوتها ليشعرني بأنني استمع لسيدة خالية الذهن والبال صوتها يجلجل في الفضاء الفسيح رغم أن كل شيء حولها لابد أن يلزمها الصمت الطويل فما أشارت اليه سابقا عن ظروفها لا يمثل واحدا علي عشرة مما تعاني منه بل يعطي لها الحق في مسكن ثان من المحافظة تتساوي في ذلك مع أصحاب الحالات الخاصة. انطلقت السيدة تتكلم عن الوضع المأساوي الذي تعيش فيه وابنتها فالمشكلة أكبر من ثلاثة يقيمون في شقة مساحتها أقل من ستين مترا بل مطلوب ضرب هذا العدد في اثنين!!.. فبعد وفاة شقيقتها الصغري انتقل أولادها الأربعة ليسكنوا مع جدتهم بعد أن أخرجهم أبوهم من شقة أمهم وتزوج بأخري!! ضاق بهم المكان فأسرعت للمسئولين بالمحافظة تطلب حلا وصارحتهم بأمر الشقة الأولي ولم تخف عنهم شيئا وجاءها باحث كتب تقريره عن كيف يسكن "سبعة" في شقة أشبه بعلبة السردين.. ومضي ما يزيد علي العامين دون أن يصلها رد من المحافظة وهي نفس المدة تقريبا التي توقفت فيها عن علاج الكبد فهي إن كانت ورثت عن والدها متاعب القلب وانسداد الشرايين.. فقد أصابتها أيضا عدوي الفيروس الكبدي من شقيقتها الصغري التي رحلت مبكرا وتركت في عنقها رعاية أولادها الأربعة!! تنهي "عبير" كلامها معي قائلة: انني لا أطمع سوي في شقة صغيرة ولو حجرة وصالة أعيش فيها وابنتي لنوسع علي أمي وأبناء شقيقتي الذين من بينهم من يحتاج لرعاية صحية خاصة لا أريد سوي التخفيف عن أمي التي تحملت من أجلنا الكثير لم نعد نزاحمها في المكان فحسب إنما نقاسمها في معاشها عن أبي.. فهل أنا بذلك أنشد الكثير؟!! أليس من حقي أن أجد راحتي وأهرب من الضجيج الذي بات يسكن الشقة الصغيرة ولم تعد تتحمله صحتي.. دلوني ماذا أفعل حتي يتعاطف معي المسئولون بالإسكان والمحافظة وينهون مأساتي؟!. أسئلة "عبير" أتمني ألا تمضي هذه المرة دون اجابة وأن يصل صوتها لمن بيده الأمر!!