يتردد تاريخياً أن هناك اقتراحات طرحت لإقامة دولة لليهود في أوغندا والأرجنتين وروسيا وقبرص. قبل أن تستقر الحركة الصهيونية علي فلسطين.. لكن مدونة المكتبة البريطانية العريقة أفرجت في مطلع أبريل الماضي عن وثيقة مهمة تتضمن عرضاً قدمه الدكتور م.ل روثستين الطبيب الروسي اليهودي. المقيم في فرنسا إلي وزير الخارجية البريطاني أرثر جيمس بلفور في 12 سبتمبر 1917 لإقامة دولة لليهود في الخليج العربي. تشمل منطقة الإحساء شرق السعودية إلي جانب دولة البحرين. دلالة هذه الوثيقة وخطورتها أنها تكشف أن الأطماع اليهودية في أرضنا العربية قديمة وواسعة.. لا تقتصر فقط علي فلسطين ولاعلي دولة إسرائيل الكبري من النيل إلي الفرات. وإنما تمتد أيضاً لشاطئ الخليج.. هناك. حيث البترول واللؤلؤ والكثبان.. حتي لا يظن أحد أنه بمنأي عن الجشع اليهودي. وردت أول إشارة عن الوثيقة في مقال للكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد بصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية. التي تصدر في لندن باللغة العربية يوم 12 أبريل ..2014 وفي 10 مايو 2014 نشرت نفس الصحيفة تقريراً مفصلاً علي صفحة كاملة حول الوثيقة والأبحاث والدراسات العلمية التي كانت قد تناولت مشروع الدولة اليهودية في الخليج في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.. والتي قام بها باحثون مصريون وفلسطينيون.. كما قدم التقرير تعريفاً شاملاً للدكتور روثستين الذي أعد مشروع الدولة. والآن.. وبعد أربعة أشهر انتشر خبر "الدولة اليهودية في شرق بلاد العرب" علي شبكات التواصل الاجتماعي الإلكترونية. كما تنتشر النار في الهشيم.. البعض يحذر. والبعض يهدد. والبعض يسخر ويستبعد.. تستوي في ذلك المواقع العربية والإسرائيلية. ولنبدأ القصة مع رسالة د.روثستين اليهودي إلي بلفور. وزير الخارجية البريطاني والتي يقترح فيها بأن يحشد جيشاً بقيادته تقوم القوي المتحالفة. بتجهيزه وتنظيمه لاحتلال منطقة الإحساء التركية "السعودية حالياً". والبحرين.. ويستطرد قائلاً: "سأقوم خلال الربيع المقبل بجمع فرقة عسكرية يهودية مقاتلة قوامها 120 ألف جندي من الرجال الأشداء.. وسيتضاعف عدد هذه الفرقة التي ستتعاون وبسرعة وفق بعض الشروط مع القوات المتحالفة التي تخوض الحرب "يقصد الحرب العالمية الأولي". ويعترف روثستين في رسالته الممتدة علي أربع صفحات والمكتوبة بالفرنسية بقوله: "قد لا تكون الخطة واقعية. ولكن هذه النظرة ستتلاشي حينما يصل الألف الأول من الجنود لأخذ مواقعهم.. فالرجال سيتوافدون علي البحرين.. وحين يصل عددهم إلي ثلاثين ألفاً سيشنون هجوماً يحقق احتلالهم للمنطقة التركية من الإحساء قرب الخليج التي ستصبح دولة يهودية.. وهنا ستعلن تركيا الحرب وستشتبك معها القوات اليهودية حتي يأتي النصر أو الانكسار. تقول الوثيقة إن بريطانيا رفضت خطة روثستين رفضاً قاطعاً.. وكتب سكرتير بلفور رداً يعلمه أن الحكومة البريطانية لن تمنح مشروعه أي جدوي.. وقد قدم الباحثون أسباب هذا الرفض في ثلاث نقاط كما يلي: * إن منطقة الإحساء في 1917 لم تكن تابعة لتركيا كما تصور د.روثستين وإنما كانت تابعة للأمير عبدالعزيز بن سعود. أمير نجد الذي احتلتها قواته عام 1913. وقد عقد بن سعود معاهدة صداقة وتحالف مع بريطانيا في ديسمبر .1915 * البحرين أيضاً لم تكن خاضعة لتركيا.. وكان حكامها من آل خليفة قد ارتبطوا بمعاهدة حماية مع بريطانيا منذ عام .1820 * بعد رفض مشروع روثستين بشهر واحد تبين أن هناك اتفاقاً آخر كان يطبخ علي نار هادئة مع الحركة الصهيونية العالمية. وعند نضوجه كتب بلفور بنفسه الوعد المعروف لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. هل انتهت فصول القصة؟!! لا أعتقد.