الخامس من يونيو 1967 مناسبة حزينة. جاوزناها بانتصار أكتوبر 1973. وإن استعادت الذاكرة أحداثاً مؤلمة. في تلك الأيام القاسية من 1967. وهي المذابح التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية ضد الجنود المصريين في سيناء. المذابح المروعة لا تحتاج إلي إعادة تحقيق. بل إلي تحقيق علمي وعملي. يضع كل شيء في موضعه الصحيح. للأسف. كان الإعلام الصهيوني الذي كشف سر المذابح. ووثقها بصورة قاسية: عشرات الجنود المصريين يقذف بهم الإسرائيليون أحياء في حفر عميقة. ويهيلون عليهم الرمال. دبابات تدهس الجنود رغم رفع الأيدي استسلاماً. جثث الشهداء في الخلاء تنهشها الكلاب والكواسر. إلخ.. وحين اتصل المسئولون الإسرائيليون بحسني مبارك يحتجون علي الحملات التي شنها الإعلام المصري ضد المذابح الصهيونية. صارحهم مبارك وصارحنا. لأن ما قاله بثه التليفزيون بأنهم هم الذين فجروا القضية. وعليهم أن يتحملوا تبعاتها.. وتكثفت الاتصالات بين القاهرة وتل أبيب. وطلبت الخارجية المصرية أن تتسلم الملفات. وقيل إن الحكومة المصرية تسلمت الملفات بالفعل.. وانتظر المصريون نتائج التحقيقات التي ستجريها حكومة بلادهم.. لكن الملفات ظلت حبيسة الأدراج حتي قيام ثورة 25 يناير لتعيد طرح قضايا ومشكلات كثيرة. حرص النظام السابق أن تظل في العتمة. ومن تلك المشكلات ملفات المذابح الصهيونية ضد الأسري المصريين. جعلت إسرائيل من ادعاء المذابح النازية لليهود الألمان تابو. يعاقب من ينكره أو يشكك في أرقامه.. وهو ما واجهه المفكر الفرنسي الكبير روجيه جارودي. والعديد من كبار المؤرخين الأوروبيين.. الهولوكست النازي مبعثه تقديرات إسرائيلية. ومع رفضنا لقتل أي إنسان. أو تعذيبه. فإن الهولوكست النازي. لكن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في سيناء. وفي صبرا وشاتيلا وقانا وبحر البقر ودير ياسين وكفر قاسم وغيرها من مدن وقري الوطن العربي. وجدت التوثيق من الإعلام الإسرائيلي.. هو الذي صور المذابح البشعة. وذكر الأرقام. وحلل الدوافع والنتائج. إذا كان الحاكم السابق قد سكت عن الوقائع الدامية التي جرت علي أرض سيناء. بل وأسهم في إخفائها. فإن مصر الثورة مطالبة بأن تفتح الملفات. وتدرس ما حدث من كل أبعاده. وتأخذ الخطوات التي تستهدف الحصول علي حقوق شهدائها. جرائم الحرب لا تسقط بالتقاد.