لو أن هناك عقلاء في جماعة الإخوان يعتمدون الواقع الذي نعيشه الآن لأعادوا التفكير في الأسلوب والمنهج الذي يمارسونه حالياً ويتخذون الخطط المناسبة التي يندمجون فيها بالمجتمع ويصبحون فصيلاً ضمن فصائله التي تساهم في بنائه للمستقبل. هل تتصور الجماعة أنها تستطيع هزيمة دولة بكل مؤسساتها مهما حصلت علي أموال لا حصر لها ومعدات تدفع بمن يحملها إلي غياهب السجون؟! المظاهرات مهما كانت عنيفة.. ومهما حملت من زجاجات المولوتوف وحتي من أسلحة نارية.. ومهما هددت منشآت حيوية أو غير حيوية.. ماذا سيكون مصيرها بعد ذلك؟! وإذا كانت الجماعة وراء عدد من الأحداث التي يتم من خلالها العدوان علي رجال الشرطة وإيقاع القتلي والإصابة ببعضهم.. هل يمكن أن تجعل الدولة تركع وتهتز وتفقد كيانها؟! هل يمكن لجماعات تتسلل من شرق سيناء أو من البحر أو من ليبيا وغيرها أن تتغلب علي مصر وشعبها بقوامه الذي يبلغ 90 مليون مواطن وتجعل الدولة تتهاوي وتنهار؟! أعتقد أن هذه كلها أحلام يقظة لا تلبث أن يصحو أصحابها علي حقيقة واضحة أن مصر بشعبها وجيشها وشرطتها ومؤسساتها أبعد شيء عن أن يحدث لها ما حدث في أي دولة من الدول المجاورة؟ مصر لو وجدت هناك نوعاً من التحدي علي إرادتها وفرض وصاية عليها لن تتواني عن التوحد خلف هدف واحد يجمعها ولا يفرقها ويوحد صفوفها ويجعلها تستنفر قواها الكامنة وترد العدوان بعدوان أقسي وأشد.. ولنتذكر دائماً كيف قاومت امبراطوريات كان لها شأنها عالمياً وتغلبت عليها بتلك الروح القوية. لقد أعلنت جماعة الإخوان في مؤتمر صحفي عقد بالأمس في العاصمة التركية أسطنبول تدشين ما أسمته "المجلس الثوري" قبل أيام من ذكري فض رابعة العدوية والنهضة بحضور عدد من قياداتها وشخصيات سياسية متحالفة معها. وكان من ضمن الحاضرين صلاح عبدالمقصود وزير الإعلام في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي وجمال حشمت القيادي الإخواني وخالد الشريف المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية والمستشار وليد شرابي. وأعلنت الجماعة عن تكليف هيئة تنفيذية للتواصل مع كل الأطراف الفاعلة في مصر وتشكيل مجلس سياسي للمجلس للتواصل مع القوي المختلفة. وقد رحب تحالف دعم الإخوان بتدشين الجماعة لهذا المجلس الثوري في تركيا وقال في بيان: نتطلع لنجاح المجلس في مهمته بالخارج في ظل الأهداف الواضحة لرؤيته التي أعلنها!! السؤال هنا: هل سيقضي هؤلاء الذين حضروا لقاء المجلس الثوري حياتهم كلها هاربين خارج مصر؟ وهل سينفعهم الفكر الذي اعتنقوه أن يستغنوا عن بلد عاشوا فيه وولدوا فيه؟ وماذا سيفعل المجلس الثوري الذي أنشأوه؟ هل سيدبر عمليات معادية لبلدهم وأهلهم؟ وهل هم واثقون أنه سينجح في ذلك؟ وإذا لم يكونوا واثقين ماذا يفعلون؟ لو كنت منهم لبحثت عن طريقة مثلي للمصالحة مع الشعب قبل السلطة الحاكمة ولعدنا إلي مكاننا الطبيعي نساهم في بنائه ونقله إلي مستقبل أفضل.