ماذا نكتب وقد سالت الدماء في كل أنحاء مصر أنهاراً؟! ماذا نقول وقد باتت مصر كلها من أقصاها إلي أقصاها حزينة مكلومة.. لأول مرة في التاريخ يقتل أبناء مصر بعضهم بعضا.. علامات الحزن خيمت علي كل البيوت والشوارع.. لزم الناس بيوتهم وفرغت الشوارع منهم تماما!! عاصرت العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 والعدوان الاسرائيلي عام 1967 وكانت طائرات الأعداء تحلق في سماواتنا. وتنطلق صفارات الانذار محذرة ومنبهة. ولم يكن الشعب يكترث لهذا العدوان أو ذاك.. حتي في ساعات النكسة التي انكسرنا فيها لم يكن الحزن يكسو وجوهنا ويملأ قلوبنا بهذا القدر الذي شهدناه بالأمس والذي نشهده اليوم. من يتحمل مسئولية هذه الدماء التي نزفت من أبناء شعبنا؟! ومن أطلق الرصاصة الاولي التي فجرت المواقف؟! كيف وبيد من سقط القتلي من أبناء الشعب ومن رجال الشرطة.. الاتهامات متبادلة من هذا الجانب وذاك الجانب ولا أحد يعرف الحقيقة علي وجه التحديد. لماذا العدوان علي أقسام الشرطة واحراقها وقتل رجالها؟! لماذا حرق الكنائس والعدوان علي المستشفيات وقطع الطرق؟! لماذا تعذيب المواطنين في محيط رابعة؟! ومن المسئول عن الجثث المتفحمة التي خلفها المعتصمون وراءهم قبل ان يغادروا الميدان؟ هل كان لابد أن يحدث كل هذا؟ لماذا لم تستجب جماعة الإخوان إلي النداءات التي وجهت اليها بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة؟! وماذا لو استجابوا؟! لو فعلوا لكانوا قد جنبوا مصر كل هذه الآلام.. لو فعلوا لما فقدت الشرطة 49 فردا بين ضباط وجنود.. لو فعلوا ما فقدت مصر 149 مواطنا سالت دماؤهم في كل انحائها.. لو فعلوا.. لما أصيب آلاف المواطنين المدنيين ومن رجال الشرطة. ماذا كسبت الجماعة من وصول الموقف مع الدولة إلي هذه الدرجة؟! هل كان اعتصامهم سلميا كما ادعوا؟ ومن أين جاءت كل هذه الاسلحة التي استخدموها؟ وهل قتل رجال الشرطة في الاقسام بأسلحة ثقيلة يعتبر تصرفا سلميا؟ هل ظنت قيادات جماعة الإخوان انها سوف تهزم الدولة بكل أجهزتها؟ وهل ظنت أنها عندما تضع اتباعها في مواجهة مع ابناء الشعب سوف تكون لهم الغلبة؟ وهل كان التخطيط هو ان تتحول مصر إلي ما تحولت إليه سوريا أو غيرها إرضاء أو تنفيذا لمخططات خارجية؟! أبدا.. لن تستطيع جماعة مهما كانت قوتها أن تهزم دولة وشعبا.. التاريخ ضدها.. والواقع ضدها.. وكل الشعب ضدها.. ورب العزة لن يقبل افتراءاتها. مصر باتت حزينة علي الدماء التي سالت.. وستبقي هذه الدماء وصمة في تاريخ الجماعة تلاحقها إلي يوم الدين.