ارتفاع أسعار مواد البناء مؤخراً بسبب سياسة الاحتكار التي تمارسها الشركات الخاصة المنتجة يضرب سوق البناء في مقتل ويعطل انطلاق المشروعات القومية الكبري التي تنفذها الدولة وكذلك الاستثمارات الضخمة التي بدأها القطاع الخاص بعد مناخ الاستقرار الذي بدأت مصر تعيشه. المنتجون الكبار أو الحيتان الذين يحتكرون السوق قاموا مؤخراً برفع سعر الحديد بمقدار يتراوح بين 140 إلي 150 جنيهاً في الطن ليصل ثمنه تسليم المصنع إلي 5000 جنيه وللمستهلك 5280 جنيهاً.. وكسر طن الأسمنت حاجز ال 900 جنيه رغم أن تكلفته الفعلية لا تزيد بأي حال من الأحوال علي 250 جنيهاً وكذلك أسعار الزلط والطوب والرمال بنسب متفاوتة. الخبراء أكدوا أن القطاع الخاص الذي يسيطر علي السوق يحقق مكاسب طائلة من وراء سياسة الاحتكار التي نتجت عن عدم وجود عقود مع الحكومة تراعي مصالح الدولة والمواطنين. قالوا: إن تدخل الدولة لمواجهة تحكم المنتجين ضرورة بزيادة الاستثمارات وإنشاء شركة قابضة تشارك فيها الدولة بنسبة 60% وتطرح ال 40% الباقية للمواطنين. أكدوا علي أهمية أن يراعي في الاستثمارات الجديدة الشروط العادلة التي تجعل الأسعار تحت السيطرة من خلال مجلس أعلي للسلع الاستراتيجية لتحديد الأسعار وزيادة المعروض الذي يمثل كلمة السر في ضبط السوق وفتح الباب للاستيراد المنضبط. * أحمد الزيني رئيس الشعبة العامة لمواد البناء باتحاد الغرف التجارية يري أن استمرار سياسة الاحتكار التي تمارسها الشركات المنتجة يضرب سوق البناء في مقتل ويجعل الشركات المنتجة تحقق أرباحاً باهظة علي حساب جموع المواطنين فليس معقولاً أن يزيد سعر طن الأسمنت 50 دولاراً عن الأسعار العالمية وكذلك سعر طن الحديد يزيد 100 دولار. أضاف أن استمرار هذا الوضع سوف يجعل هذه الشركات تعطل انطلاق المشروعات العملاقة القومية الجديدة التي سوف تشهدها مصر مثل شبكة الطرق العملاقة ومحور قناة السويس الذي يتضمن إنشاءات غير مسبوقة كما أعلن مؤخراً وهذا التحكم يعود إلي أن القطاع الخاص يتحكم في السوق والأسعار فهناك 20 شركة خاصة بالأسمنت معظم ملاكها من الأجانب وحتي المصريون منهم يتضامنون معهم لتحقيق المكاسب الطائلة وكذلك في الحديد هناك منتج رئيسي يتحكم في 60% من الإنتاج الكلي ويحرك الأسعار وفقاً لإرادته وباقي الشركات تتبعه بينما لا يوجد لدينا سوي مصنع حلوان الذي يعاني من تهالك الخطوط وعدم قدرته علي المنافسة. أوضح أن استمرار الاحتكار يؤثر سلبياً أيضاً علي السوق الأهلي للبناء فقد بدأ السوق يتحرك بسبب الاستقرار الذي بدأت مصر تشهده حيث زادت حركة الشراء والبيع بشكل كبير وأصبح هناك رغبة لدي الكثير في استمرار مدخراتهم في هذا المجال ولكن ليس معقولاً أن تقوم في هذا الوقت برفع الأسعار حتي نعيد الركود مرة أخري للأسواق فقد وصلت تكلفة المتر المسطح من الخرسانة إلي 1300 جنيه والتشطيب يتراوح من 2000 إلي 3000 حسب نوعية التشطيب. يقترح مجموعة من الخطوط للحد من هذا الاحتكار وتبدأ بإنشاء شركة قابضة لمواد البناء تشارك فيها البنوك وبعض الجهات السيادية والحكومة بنسبة 60% وتطرح 40% من أسهمها للاكتئاب العام وهذه التجربة مطبقة في تركيا وتحدث التوازن المطلوب في الأسواق والخطوة الثانية إنشاء مجلس أعلي للأسعار خاص بالسلع الاستراتيجية كالحديد والأسمنت لا يمكن تحريك مصر أي سلعة منها إلا بعد الرجوع إليه. طالب بأن يتم إلغاء الدعم بالكامل عن مصانع الحديد والأسمنت والأسمدة فليس معقولاً أن نقدم لها أسعار طاقة مدعمة وعمالة منخفضة التكاليف وأسعار طفلة لا تتجاوز 20% من السعر العالمي وهم يحتكرون الأسواق فقد آن الأوان لإلغاء الدعم عنهم نهائياً وساعتها يجب إجبارهم علي البيع بالأسعار العالمية التي تقل كثيراً عن السعر المحلي وهو ما سيكون في النهاية في صالح الاقتصاد الوطني. الارتباك الشديد * المهندس محمد أبوالعينين أمين عام اتحاد التشييد والبناء يؤكد أن الارتفاع المستمر في أسعار مستلزمات البناء يصيب السوق بالارتباك الشديد حيث تتراجع الاسثتمارات بشكل كبير ويجعل هناك حالة من الترقب في انتظار تأثير ارتفاع الأسعار خاصة أن كل الصناعات المرتبطة بسوق البناء والتي تزيد علي 60 صناعة تقوم هي الأخري بدفع قيمة المنتج الخاص بها. أضاف صحيح أن تأثير ارتفاع الأسعار لا يظهر خلال 24 ساعة وأن علي المدي الطويل الذي قد يصل إلي شهرين أو ثلاثة يمكن أن نري ارتفاعاً كبيراً في أسعار الوحدات السكنية بشكل مغال فيه وهو ما ينعكس تباعاً علي حركة البيع والشراء والتأثر السلبي لكل الصناعات المرتبطة بالعقارات. أوضح أننا نعاني من تراكمات سابقة أدت إلي ما تعانيه من احتكار فالأسمنت مثلاً هناك شركة أجنبية تمتلك 8 مصانع في مناطق مختلفة تمار س أسوأ أنواع الاحتكار فعلي سبيل المثال تكلفة طن الأسمنت وفقاً للعديد من الدراسات الاقتصادية لا تتجاوز 270 جنيهاً فيما يتم بيعه بما يزيد عن 800 جنيه وهذا راجع إلي أن العقود التي أبرمت مع هذه الشركات عقود مغلقة بمعني أنها تعطيها الحق في تحديد السعر الذي تريده دون أي ضوابط من الدولة أو تدخل من جانبها وحتي لو لجأنا للتحكيم الدولي فلن نحصل علي شيء بل سنتحمل خسائر أكبر لأن العقد شريعة المتعاقدين ونحن الذين فرطنا في حقوقنا من البداية. أوضح أنه لا سبيل أمامنا في هذه المرحلة إلا إقامة مصانع جديدة من خلال جذب استثمارات سواء وطنية أو أجنبية لإحداث التوازن في السوق بشرط أن تتضمن العقود مع الدولة شروط عادلة للطرفين تضمن تحقيق هامش ربح معقول للمنتج وفي نفس الوقت تمنع التحكم والاحتكار من جانبه وتعطي الدولة الحق في التدخل عندما تجد أن هناك شبهة احتكار. وفي نفس الاتجاه يجب الاعتماد علي الإنتاج المحلي قدر الإمكان في تلبية احتياجات السوق والعمل علي تنمية الصناعة الوطنية أما إذا لم يكن الإنتاج المحلي كافياً فليس أمامنا إلا اللجوء للاستيراد وعدم الخضوع لضغوط بعض المنتجين الذين يحاربون هذا السلوك لتحقيق المزيد من الأرباح حتي لو أدي ذلك إلي ارتباك في السوق وزيادة الأسعار بشكل غير طبيعي. ضرر المستهلك * غريب جودة تاجر مواد بناء يؤكد أن هناك تخوفاً كبيراً لدي العاملين من إصابة السوق بالركود بسبب ارتفاع الأسعار بشكل دائم والأكثر تضرراً من ذلك هو المستهلك وشركات البناء فنحن كتجار نحقق هامش ربح محدد أما المستهلك فهو الذي يتحمل أي زيادة في الأسعار ولذلك لن يلجأ إلي الشراء في هذه الظروف إلا الشخص المضطر بالفعل أما باقي الجهات فهي تتوقف تماماً عن العمل في ظل تلك الظروف. أضاف أن المصانع الكبري المنتجة لمستلزمات البناء تلجأ دائماً إلي تقليل الكميات المنتجة ولا تستخدم الطاقة القصوي للمصنع فإذا كانت مثلاً 100 طن في اليوم تلجأ فقط لإنتاج 30 طناً حتي تعطش السوق وتعجل هناك تراجع في المعروض ومن ثم تفرض شروطها والسعر الذي تريده.. أوضح أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل إن الشركات المحتكرة تحارب أيضاً الأنواع المستوردة التي تقل في كثير من الأحيان عن الأنواع المحلية في السعر وتلجأ إلي محاربة المستوردين بشتي الطرق حتي تظل هذه المتحكمة في السوق وتفرض شروطها. أكد أن السبيل لكسر حالة الاحتكار هذه زيادة المصانع التابعة للدولة حتي تكون منافساً حقيقياً يضبط السوق ويمنع تحكم الكبار فيه وفي نفس الوقت السماح بالاستيراد الرشيد المدروس لتلبية احتياجات السوق وبأسعار معقولة فهذا هو أفضل الطرق بشرط أن يكون مدروساً حتي لا يؤدي إلي استنزاف المزيد من العملة الصعبة. حالة ركود * المهندس فؤاد شهاب صاحب شركة مقاولات قال: لقد عانينا في السنوات الماضية من حالة ركود غير مسبوقة وعندما بدأت الكثير من الأنشطة الاقتصادية ومنها المقاولات تتحرك فوجئنا بتحريك الأسعار لما يجعلنا تعود مرة أخري إلي دائرة الركود وتراجع الاستثمارات. أضاف أن المتضرر من زيادة الأسعار لن يكون القطاع الخاص فقط ولكن أيضاً الدولة بأكملها فهي تخطط الآن لإقامة مشروعات ضخمة سواء مصانع أو بنية تحتية أو مشروعات قومية مثل محور قناة السويس وتكلفة هذه المشروعات سوف تزداد بالتأكيد نتيجة زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج. أوضح أنه لابد من وجود أكثر من بديل أما المستهلك للسلعة سواء كان قطاع خاص أو حكومي حتي لا تستطيع جهة ما احتكار السلعة والتحكم فيها كما هو حادث الآن في الكثير من المنتجات ولن يتحقق ذلك إلا بزيادة أعداد المصانع المنتجة بشرط أن تكون من خلال ضوابط محددة تراعي عدم المغالاة في الأسعار ونحن لدينا في هذا الإطار تجربة هامة وهي المصنع الذي أقامته القوات المسلحة في العريش لإنتاج الأسمنت حيث يوفر جزءاً من احتياجات السوق بأسعار منخفضة عن الشركات الخاصة ولكن المشكلة في قلة إنتاجه ويمكن أن تطبق التجربة بتوسغ أكبر حتي لا يكون هناك احتكار. أوضح أن أسعار باقي مستلزمات البناء ترتفع مباشرة فور رفع أسعار الحديد والأسمنت فمؤخراً زاد متر الرمال والطوب بمقدار 8 جنيهات دون داع ومن ثم يجب أن يكون هناك ضوابط لهذا السوق الحيوي.