تقوم الأم من نومها فزعة علي صوت انفجار رهيب. وبشكل تلقائي تمتد يدها. أول ما تمتد. إلي طفلها النائم إلي جوارها لتطمئن علي وجوده فتجده فعلاً لكنه ليس قرير العين لسبب بسيط.. انه بلا رأس أساساً.. طيرتها القنابل. يحدث ذلك وصمت العالم وتواطؤه مازال مستمراً. يحدث ذلك ومازالت أمريكا تدعي أنها تسعي للتهدئة. في حين أنها. في الوقت نفسه. تنظر بطرف عينها إلي مخازن ذخيرة الصهاينة فتجدها أوشكت علي النفاد. فتسارع إلي تعميرها بالقدر اللازم لإبادة غزة من فوق الخريطة.. غزة بناسها وبناياتها ومزارعها وحتي هوائها. حدثونا إذن عن المجازر. ولا تحدثونا عن جهود التهدئة. حدثونا عن التواطؤ والتخاذل والتآمر.. حدثونا عن قبح العالم. عربياً وأوروبياً وأمريكياً. حدثونا عن لا إنسانيته وبشاعته وجبروته وقدرته علي مشاهدة شلالات الدماء تتدفق حتي صار هواء الدنيا كلها برائحة الدماء دون أن "يعطس" قائد هنا أو زعيم هناك. دون أن "يتشجع" واحد منهم ويصيح: لقد اتعبتنا الرائحة أوقفوا آلات الذبح يا أبناء الخنازير. لم يعد الأمر محتملاً والجميع مدان.. ما يحدث يحتاج طاقة فوق بشرية لإحتماله.. المئات يذبحون كل يوم.. والآلاف يتساقطون جرحي وينزفون حتي الموت أو حتي الإعاقة.. والمستشفي الذي يمكن أن ينقذهم ويضمد جراحهم. مستهدف بالصواريخ والقنابل.. ومن يدمر بيته ويحتمي بمدرسة يضربون المدرسة.. المفروض أن يتبخر الغزاويون حتي لا تعمل فيهم آلات الذبح. إنها الإبادة ولا شيء غيرها.. لا يعنيني هنا أن خنازير الصهاينة حققوا أهدافهم أم فشلوا. ولا يعنيني أيضاً وليغضب من يغضب ويزايد من يزايد أن المقاومة صمدت وانتصرت. أم اندحرت وطاشت ضرباتها.. الذي يعنيني أن هناك شلالات دماء يجب أن تتوقف فوراً وبأي ثمن.. يجب تعليق أي رهانات علي أي شيء. الجيش الصهيوني جيش احتلال ومقاومته واجبة ومشروعة. وفك الحصار عن غزة أبسط ما يمكن أن ينادي به إنسان لديه ذرة واحدة من الإنسانية.. بل إن محو الكيان الصهيوني من علي وجه الأرض يجب أن يكون هدف كل عربي.. مسلماً كان أم مسيحياً.. لكن والدماء تسيل أنهاراً الآن. تؤجل أو حتي تسقط كل المطالب إلا مطلباً واحداً هو وقف آلات الذبح.. وبعدها لكل حادث حديث. هناك أطراف لا يشغلها إبادة غزة ولا تؤثر في جلودها السميكة مشاهد المجازر هناك. لا بأس يُذبح أطفال غزة ونساؤها وشيوخها. المهم ألا تحدث التهدئة بجهود مصرية.. إذن لا بأس.. تسقط المبادرة المصرية.. بل يسقط الدور المصري نفسه إذا كان في ذلك انقاذ لأرواح هؤلاء الأبرياء الذين يتساقطون كل دقيقة. لا بأس سنردد ما تدعيه الجزيرة وأفاقوها عن النصر الساحق للمقاومة.. لقد انتصرت المقاومة فعلاً حسب الجزيرة ووجهت مئات الصواريخ إلي تل أبيب نفسها.. صحيح أنها لم تسفر عن اصابة دجاجة هناك. لكن يكفي أنها انطلقت. كما أن المقاومة وجهت طائرة بدون طيار. صحيح أنها سقطت في مكان خال ولم تجرح حتي عصفورة لكن المهم أنها انطلقت وهذه رسالة جديدة للكيان الصهيوني يؤكد قدرة المقاومة علي استهدافه متي أرادت.. كسبنا صلاة النبي! غزة تذبح كل دقيقة ولا أحد يستطيع لوم الضحية ومطالبتها بالتوقف عن المقاومة فهذا حق مشروع. لكن أرجوكم توقفوا عن ادعاءات النصر.. لا تحدثونا الآن عن نصر بل حدثونا عن المجازر.. احرقوا المبادرة المصرية لو أردتم وأعلنوا فشل مصر وانتهاء دورها في المنطقة لو كان ذلك سيوقف آلة الذبح.. ارفعوا يدي قطر وتركيا عالياً ورددوا عبر الجزيرة أناشيد الولاء والتحية والإشادة لدورهما العظيم في وقف المذابح وانقاذ غزة من الإبادة الجماعية الدائرة الآن.. أوقفوها وسوف ننحني لكم احتراماً.. أوقفوا المجازر ولا تحدثونا عن النصر.. فلا نصر وهناك أكثر من 1400 شهيد حتي الآن وأكثر من 8 آلاف جريح تحت أنقاض المستشفيات.. لا نصر ورءوس الأطفال تقطع وهم نائمون في أحضان أمهاتهم!!