يستميت الإعلام الغربي "الميديا" المكتوب والمرئي في خلق صورة بديلة للصورة الفعلية التي عشناها في الأيام الثلاثة التي شهدت "حدث" الانتخابات الرئاسية الكبير ووقائعه التي مرت بهدوء وسلاسة رغم بعض الأخطاء التي أشارت إليها تقارير لجان المراقبة. ومن يتابع المقالات التي نشرتها صحف غربية كبيرة والتي بدأت حتي قبل أن تبدأ الانتخابات يكتشف أن الاستعداء لنحت "الصورة البديلة" يندرج ضمن العداء المبيت لهذا البلد مصر. العداء صار مُركباً ليس غريباً خالصاً وإنما مزيج من الغربي العربي إذا اعتبرنا أن الإخوان الإرهابيين عرب أو أنهم مصريون منتمون بالمعني المعنوي والأخلاقي والوطني. ومنذ زمن استخدموا السينما لتكريس صورة العربي الهمجي البربري والمتخلف فارغ الدماغ وسيطرت هذه الصورة لفترة حتي حلت محلها صورة الإرهابي خاطف الطائرات قاتل الأبرياء وهادم اللذات الحضارية التي بناها الغربيون. واليهود منذ اختراع الصور المتحركة فعلوا ذلك بوعي وحضور ذهني يقظ كإحدي الأدوات التي تمهد لإقامة وطن قومي لليهود. سيطروا علي هوليوود وخلقوا من خلالها وعبر مئات الأفلام صوراً ذهنية بديلة ليس فقط للعربي البليد وإنما للياباني والنازي والمكسيكي وأستطيع أن أقول إنهم فعلوا ذلك لأسباب تخدم السياسة. وصناعة "الصورة الذهنية البديلة" مؤثرة جداً في تمرير السياسات الاستعمارية للغرب. وتعتبر بمثابة حرث للعقول يمهد لاستيطان فكري وأيدولوجي مثل الاستيطان السياسي والمادي. وطوال حقب عديدة لم يتوقف هذا التوظيف الممنهج للصور البديلة حتي جعلوا البعض يؤمن فعلاً بأننا هذا الإنسان المتخلف الأبله والمتوحش. ويضاعف هذا الإحساس التخلف الفعلي الذي صنعه الاستعمار نفسه بخلقه واقعاً بديلاً علي الأرض وعبر طرق متعددة. التشويه الغربي للعرب والتشكيك في قيمة الإنسان في هذه المنطقة وتجريده من جذوره الحضارية أو تشكيكه في هذه الجذور أصلاً يعتبر جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية الغربية المتنمرة أبداً للسطو علي مقدرات العرب بل وعلي عقول أبنائهم أو توظيف هؤلاء الأبناء أنفسهم في تنفيذ مخططاتهم وخدمة مصالحهم. هذا التنمر الدءوب لا يتوقف فقط علي المواجهات العسكرية ولا علي تربية العملاء المستعدين للخدمة وإنما يطول مراكز الأبحاث الغربية وواضعي السياسات والسيناريوهات اللازمة لتقويض أي قوي وطنية من شأنها أن تتصدي وتنبه وتقود حركة وطنية مضادة تتصدي لمشاريعهم الكبري ومنها "إسرائيل" التي تجسد أكبر استيطان ثم زرعه في بدن الأمة كي تؤرقها وتوقف مسيرتها نحو التقدم والاستغناء. إن المشروع الأحدث الذي ظهر مؤخراً لكي يقلب المنطقة رأساً علي عقب هو مشروع "الجماعة" ولد وتربي وترعرع سراً في أحضان الغرب الاستعماري كما بات واضحاً ولأسباب ليست مخالفة من حيث الجوهر للمشروع الإسرائيلي. واللافت حتي لغير المتخصصين أمثالي أن أساليب هذه الجماعة لا تختلف كثيراً عن "الصهاينة" في الاتكاء الكبير علي الإعلام الذي أصبح ضارياً من حيث التأثير. قادراً علي تزييف الصورة وإبدالها بصورة أخري تخدم مصالح التنظيم ومن يستخدمه ناهيك عن استخدام "المال". الصورة الذهنية البديلة التي جري تصنيعها حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة استخدمت سلاح "الإشاعة" التي كرستها الفضائيات المصرية التي روجت لفكرة "المشاركة الضئيلة" ثم تمديد مدة التصويت إلي جانب أصوات بعض المذيعين الغوغائيين الزاعقة التي صارت تحث الناس علي النزول للتصويت. ثم "الهيستيريا" التي أصابتهم حسب وصف واحد منهم. وهو مذيع دميم الروح ومتحول وبالمناسبة يلعب دوره السلبي بوعي واضح ومعه نفر قليل من نفس الفئة التي تلعب الدور المطلوب منها بإخلاص. المثير للأسف فعلاً الكتابات التي ظهرت لبعض المصريين الهاربين العملاء التي تتبني الخطاب الإخواني الغربي في خلق الصورة البديلة فهؤلاء مسكونون بالعمالة وبضاعتهم الاستعمارية لن تفلح في تغيير مواقف المصريين ولا في تغيير الصورة التي التقطوها بحسهم الفطري وانتمائهم الأصيل.