بدأت جلسات الحوار الوطني.. وبدأت المناقشات والخناقات والمداولات الجانبية.. وبدأت أيضا التسريبات الصحفية.. وأهم ما تم تسريبه حتي الآن من المداولات والمناقشات عنوان كبير يقول: "اتجاه قوي لإلغاء مجلس الشوري". وتحت هذا العنوان تفاصيل مهمة منقولة عن مصادر قريبة الصلة من الحوار الوطني مفادها أن هناك اتجاها قوياً لإلغاء مجلس الشوري وإلغاء الباب الخاص به في الدستور الجديد.. وهو ما أثار حفيظة العاملين في المجلس الذين يتمتعون بامتيازات مالية خاصة تفوق ما يحصل عليه موظفو الأمانة العامة بمجلس الشعب.. وقد بدأ معظم هؤلاء العاملين يبحثون عن مواقع ينتقلون اليها قبل الإلغاء.. كما بدأ اعضاء سابقون بالشوري يستعدون لخوض انتخابات مجلس الشعب بعد أن اصبح مصير الشوري غامضا. وفي التفاصيل أيضا ان الغاء مجلس الشوري سوف يوفر علي خزانة الدولة مالا يقال عن 500 مليون جنيه سنوياً. وكنت قد كتبت في هذه الزاوية يوم السبت 19 فبراير 2011 أي بعد أسبوع من تنحي الرئيس السابق مقالا بعنوان "ازاحة الديكورات الزائفة" طالبت فيه بالغاء المؤسسات والمجالس والمراكز التي أنشئت لتكون ديكورات للديمقراطية الزائفة وأنفق عليها ببذخ من ميزانية الدولة بدعوي أنها تعمل لتعميق الحرية وتعزيز الممارسة الديمقراطية.. بينما هي في الحقيقة ضد الديمقراطية والحرية.. ولم تقدم لهما شيئا بل كانت عبئاً ثقيلا علي الممارسة السياسية. وقلت أيضا: "من هذه الديكورات الضارة جدا بالديمقراطية مجلس الشوري الذي يجب أن نستغني عنه تماماً وباقصي سرعة.. ويرفع اسمه من الدستور في التعديلات المنظورة حاليا.. فقد اثبتت التجارب أن هذا المجلس ليس أكثر من تجمع للمحظوظين والمرضي عنهم والمطلوب شمولهم بالرعاية والحماية والحصانة.. ويستخدم كجزرة في يد النظام يغري بها المشتاقين للمال والسلطة والنفوذ وليس مطلوبا منهم أكثر من ان يتكلموا أو يتكلموا حتي النهاية.. ثم ترفع تقاريرهم لمن لا يقرأ ولا يهتم". لقد انشيء مجلس الشوري في مرحلة التوجه السياسي صوب امريكا حتي يقال للسادة الأمريكان: نحن نقلدكم ونسير علي طريقتكم.. لدينا مجلسان كما لديكم مجلسان.. لدينا مجلس الشعب ومجلس الشوري ولديكم مجلس النواب ومجلس الشيوخ.. اذن لدينا ديمقراطية كما لديكم ديمقراطية- وفي الحقيقة كان مجلسنا مجرد ديكور مزيف.. وكانت ديمقراطيتنا مزيفة. لو نجحنا في انتخاب مجلس واحد قوي ومعبر عن ارادة الشعب فهذا يكفي.. وعندما تتسع الديمقراطية ونشعر أننا في حاجة إلي مجلس آخر ساعتها يمكن ان ننشيء هذا المجلس ليسد حاجتنا.. ولكن يجب ألا يكون لدينا مجلس للشوري لمجرد التقليد الأعمي.. والوجاهة السياسية. ليس في حياتنا الجديدة مجال لهذا الزيف.. وليس في ميزانيتنا مجال لهذا الترف.. يكفينا مجلس الشعب لو قام بدوره التشريعي والرقابي علي الوجه الأكمل.. ولنوفر أموال مخصصات الشوري لما ينفع الناس. وما يقال عن مجلس الشوري يقال أيضا عن المجلس الأعلي للصحافة بتشكيلته القديمة العجيبة.. والمجالس القومية المتخصصة التي ليس لها أي دور فاعل في حياتنا.. وكل الدراسات والتقارير التي تقدمها مكررة ومعادة ومرصوصة في مجلدات خرساء علي الارفف لا يقربها أحد.. وكذلك المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة والمجلس القومي لحقوق الانسان. وبحسبة بسيطة فإن الأموال التي تنفق علي هذه الديكورات الديمقراطية الزائفة كفيلة بأن تساهم في تشغيل مصانعنا المعطلة أو تساهم في حل مشكلة الاسكان والبطالة والعلاج.. وفي أقل تقدير يمكن أن تساعد في تقديم أجر عادل لاصحاب المطالب الفئوية حتي تتوقف مظاهراتهم ويتفرغوا للعمل والانتاج بدلا من اهدار المال العام في مظهريات كاذبة لا تفيد.