عاد الحديث من جديد عن استبدال الدعم السلعي بالدعم النقدي خاصة بعد وصول الدعم إلي مستويات كبيرة خلال العام المالي الجاري والذي يقدر باب الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية فيها بنحو 212 مليار جنيه ويمثل دعم الطاقة الجانب الأكبر في هذا البند. ومؤخراً بدأت الحكومة بعض الإجراءات الخاصة بإدخال الدعم النقدي علي الخط مع الدعم السلعي من خلال برامج "التحويلات النقدية المشروطة وغير المشروطة" والتي تتولي ملفها إدارة العدالة الاقتصادية وهي الإدارة الجديدة التي انشأها الدكتور أحمد جلال وزير المالية السابق ويأتي هذا الإجراء علي خلفية أن الدعم لا يصل إلي مستحقيه. من جانبهم تحفظ خبراء اقتصاد ورجال أعمال علي تطبيق الدعم النقدي في الوقت الحالي فيما أيده البعض الآخر. يري محمد المصري نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية أن استبدال الدعم السلعي بدعم نقدي يحتاج إلي مزيد من الدراسة والبحث قبل تطبيقه محذراً من سرعة التحول إلي الدعم النقدي الذي لا يمكن تطبيقه في يوم وليلة لمنع تهديد السلام الاجتماعي. قال "المصري" إن الأمر يتطلب دراسة متأنية للتعرف علي المواطنين المستحقين للدعم.. وكيفية التوصل إليهم والصرف لهم.. فالأمر بالنسبة للموظفين مثلاً قد يكون سهلاً لكن من الصعب التوصل لفئات مهمشة أخري مثل الباعة الجائلين وساكني العشوائيات والحرفيين الذين لا يعملون سوي أيام قليلة في الشهر. كما أن القضية تحتاج إلي وضع قواعد وإعداد بيانات خاصة للمواطنين وتحتاج تحركاً حكومياً بعيداً عن البيروقراطية والتعقيدات أثناء حصر الفئات المستحقة للدعم النقدي. طالب "العربي" ببدء تطبيق التجربة علي مناطق محددة للتعرف علي إيجابياتها وسلبياتها مثلما فعل وزير التموين الحالي مع منظومة الخبز المدعم والتي بدأ تطبيقها بمحافظة محدودة السكان مثل بورسعيد. ويتحفظ د. حمدي عبدالعظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية السابق أن الدعم السلعي أفضل لمصر مشيراً إلي أن الاتجاه للدعم النقدي سوف يؤدي إلي ارتفاع كبير بالأسعار لن يصمد معه الدعم النقدي - فالمواطن الذي يشتري 20 رغيفاً بجنيه واحد لن يستطيع شراءه خارج هذا النظام سوي ب 25 قرشاً علي الأقل أي أنه يحتاج إلي خمسة جنيهات علي الأقل لشراء نفس كمية الخبز.. ومعني ذلك أن الدعم النقدي لو تم تحديده ب 150 جنيهاً فسوف يتم صرفه علي بند واحد هو الخبز وإذا تم تحديده ب 300 جنيه مثلاً سوف يستهلك 50% منه علي الخبز في حين يتحمل المواطن إلغاء الدعم علي كافة البنود الأخري مثل الغاز والبوتاجاز والكهرباء والزيت والسكر والأرز. أضاف "عبدالعظيم" إذا كان هناك فساد في الدعم السلعي فيجب علاجه بدلاً من التحجج بهذا الفساد للتحول إلي الدعم النقدي الذي سوف يترك آثاراً سلبية علي حياة الفقراء وشرائح عريضة من الفئة المتوسطة. يري "عبدالعظيم" صعوبة التطبيق خاصة كيفية إثبات استحقاق المواطن للدعم والمعايير الخاصة لتحديد المستحقين. تري سعاد الديب رئيس الاتحاد القومي لجمعيات حماية المستهلك أن الدعم العيني رغم الأرقام الهائلة المخصصة له لم يحل مشكلة المواطن البسيط فغالبية هذا الدعم لا تصل إليه باستثناء دعم البطاقات التموينية والخبز مشيرة إلي وجود فئات غير مستحقة تستفيد من الدعم بشكل أساسي خاصة دعم الطاقة. وبحسب سعاد الديب فإن الدعم النقدي تجربة تستحق التنفيذ ليحصل المواطن علي نصيبه من الدعم كاملاً دون وسطاء كما يستطيع أن يشتري به سلعاً جيدة يختارها بنفسه.. لكن نجاح التجربة مرهون بوجود رقابة قوية علي الأسعار وتوفير السلع بكميات كبيرة حتي يشعر المواطن أن الدعم النقدي يكفي ضروريات الحياة ولا يعود إلي جيوب التجار بعد زيادة أسعار السلع. النقدي هو الحل بدوره يؤيد قدري أبوحسين محافظ حلوان السابق التحول إلي الدعم النقدي وقال إنه بحكم تجربته كمسئول تنفيذي تبين له فشل الدعم النقدي لأنه لا يصل إلي مستحقيه بسبب فئات من الانتهازيين التي تحصل علي جانب كبير منه قبل وصوله للفئات المستهدفة.. فلا يحصل المواطن علي الرغيف المدعم بمواصفات جيدة ولا يحصل علي اسطوانة البوتاجاز بسعرها الحقيقي. قال التجارب السابقة أكدت فشل الدعم السلعي.. ويجب أن نجرب الدعم النقدي باعتباره الأفضل حيث يحصل عليه المواطن دون نقصان ليكون هو صاحب القرار في كيفية صرفه وفقاً لأولوياته الخاصة.