اللافت في تقدير يوسف الشاروني أن سمو الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة تبرع بما يزيد علي العشرين مليون دولار. حتي يسدد اتحاد الكتاب نفقات علاج أعضائه. وأن وزارة الثقافة تؤكد ولو من أخبار الصحف أن صحة المبدعين بعض اهتماماتها. لكن التطبيق الفعلي للرعاية الصحية يصطدم بعقبة تخصيص مبلغ محدد لعلاج المبدع لا يتجاوزه. وعليه أن يتصرف في تدبير ما يزيد علي المبلغ المحدد. الأمر يتكرر في حالات كثيرة يصاب أصحابها بأمراض يعجز المبلغ الذي تم تحديد عن علاجها. والمفروض لكي تصبح الرعاية مكتملة أن يمتد العلاج حتي يتم الشفاء تماماً إن كان ذلك هو ما يراه الأطباء. أما التحديد المسبق لنفقات العلاج فهو انعكاس لنظرة بيروقراطية تجد في المرضي مجرد حالات علي الورق. دون تعرف الي طبيعة المرض واحتمالاته. بالإضافة الي ذلك. فإن الجهة المسذولة قد تحيل المريض الي مستشفي ينقصه العلاج المناسب. لمجرد أنه المستشفي الذي تعاقدت معه تلك الجهة. إن تقرير طبيعة المرض. والاشراف علي العلاج والتوصية بالاجراءات التي يجب أن تتخذ في كل المراحل هي مسئولية أطباء متخصصين. وليست براعة موظف صغير يتباهي بأنه وفر للجهة التي يتبعها ما قد تتفاقم معه صحة المريض. إذا كنا ندين ذلك في إدارات التأمين الصحي. فإن الإدانة أشد ان كانت الجهة المسئولة تتعامل مع المبدعين. باعتبارهم حالات استثنائية؟ والكل يعلم في تقدير الشاعر أحمد محمد مبارك أنه ليس في مصر أديب ثري. كما أنه من النادر أن يكون في مصر أديب لا يعاني. خاصة هؤلاء الذين تجاوزوا سن الشباب وأضاءوا بإبداعهم وفكرهم آفاق الأدب والثقافة في وطننا الحبيب. من ثم فإنه من الواجب علي الدولة ممثلة في حكومتها أن تشمل هؤلاء الأدباء بالرعاية والتكريم.. خاصة الرعاية الصحية التي لا يقدرون علي تكاليفها إذا ما كان الأديب بحاجة الي عملية جراحية أو علاج دائم لمرض مزمن. والواقع أن اتحاد كتاب مصر يساهم مساهمة ايجابية في حدود امكانياته في هذا المجال.. لكن الامكانيات المادية لدي الاتحاد لا تكفي في كثير من الأحيان. وتستلزم اجراءات قانونية كثيراً ما لا تسعف في الحالات العاجلة. لذا فإنه من المتعين علي الدولة وهو في نظري حق للأدباء وليس منة أن يكون تدخلها واجباً وعاجلاً في هذا المجال.. فالأدباء الحقيقيون المتفاعلون مع قضايا الوطن والمعبرون عن آماله وآلامه وطموحاته والذين يجعلون من أقلامهم مشاعل للاستنارة لهم حق علي الدولة ممثلة في حكومتها في المطالبة برعايتهم صحياً واجتماعياً بغير النظر الي انتماءاتهم أو آرائهم السياسية. ويري د.جمال عبدالناصر أن المسئولية مشتركة. وعلي اتحاد الكتاب الجزء الأكبر من هذه المسئولية. ثم يأتي دور وزارة الثقافة. أي الدولة ممثلة في وزارة الثقافة. أي أن المسئولية مشتركة كذلك. للأديب دور في تحمل بعض نفقات العلاج. في كل الثقافات لابد أن يسهم المبدع بقسط في تكلفة العلاج. ولا يعتمد فقط علي الجهتين السالف ذكرهما. المفروض أن يكون لدينا نظام يعرف بالتأمين الصحي. وهو نظام فاشل جداً للأسف في كل الأماكن. وأنا أتعجب من طرح السؤال في الأصل. لأنه لا يوجد في الدول الغربية مؤسسة أو هيئة واحدة تتكلف. فهو مواطن ومن حقه مثل غيره فرصة العلاج. إنه يدفع ضرائب باهظة. بحيث تنعكس علي احتياجات حياته. المشكلة أن حياتنا تسير بشكل عشوائي. وعلينا أن نعيد النظر في منظومة التأمين الصحي حتي تتناسب مع ما يعانيه الإنسان المصري في مرضه. ويذهب الروائي فؤاد قنديل الي أن مسئولية علاج الأدباء يتحملها عدة أطراف: أولها الأديب نفسه. ثم الهيئات الأدبية. ثم الدولة ممثلة في الوزارات المعنية. أنا أرجو من الأدباء أن يعيدوا النظر في موضوع الصحة. لأن ألاحظ أن هناك اهمالاً كبيراً من جانب الأدباء في ما يتصل بصحتهم. فلا يجذبهم سوي الكتب والكتابة. وقد ينشغلون بلقاءات المقاهي مع الأصدقاء. دون أن يولوا الصحة عناية. مع أنهم الخيل التي تجر العربة. بالطبع فإن علي النقابات والاتحادات أن تقدم أقصي رعاية وعناية للمبدع. بحيث تتحمل كل ما تستطيعه من أجل تحقيق ذلك. يجب أن نحرص علي الصحة الرفيعة للمبدعين. فلا تتوقف حتي يتم الشفاء بإذن الله وفي حالة عدم توفر امكانية الانفاق من الكاتب بما يحقق الشفاء التام. فإنه علي الدولة ممثلة في أجهزتها الرسمية أن تتدخل وتنهض بمهمة علاج الكاتب حتي تمام الشفاء. في اطار مراعاة كرامته ونفسيته. فلا يترك علي الاطلاق لمجاهدات بدنية. ولا متاعب في التنقل والمرور بطوابير والوقوف أمام شبابيك. الأمر الذي يعد اهانة للدولة نفسها قبل أن يكون للكتاب. يؤكد الروائي صلاح والي أن المسئولية تقع علي اتحاد الكتاب يقول: أنا مصاب بمرض السكر. وقيمة العلاج حوالي 400 جنيه وللأسف علي أن أحصل علي ورقة مختومة من العناية المركزة. لذلك فأنا أدفع مبلغاً قاسياً. في الحقيقة أنه من الصعب علي الأديب أن يمرض. وإلا فسيواجه الموت. لا يوجد تحويل لطبيب من الدلتا الي التأمين الصحي في القاهرة. النظام للأسف مزبلة. والتعامل مع البشر غير آدمي. من يذهب الي التأمين يرجع أكثر هماً ومرضاً. التأمين الصحي يعامل الناس علي أنها حالات منتهية. موتي يمشون علي الأرض. لقد تكلفت حتي الآن أكثر من 60 ألف جنيه علي العلاج الطبيعي. فأنا أعالج علي نفقتي طيلة الوقت. حدد لي اتحاد الكتاب ثلاثة آلاف جنيه للعلاج. ماذا تفعل أمام توالي الأشعة والتحاليل والأدوية في كل أسبوع ؟ فاجأني وأحزنني قول الرجل في المعمل الذي أتردد عليه بأنه سيجري تخفضاً لكثرة ترددي عليه. أنا ألجأ الي مشروع العلاج. حتي يحولني الي مستشفي. يفعل اللازم حتي يتم شفائي. سواء كان ذلك علي نفقة اتحاد الكتاب أم الدولة. المريض يعاني من التنقل والاجراءات. ومن يعطي المريض كأنه يعطيه من جيبه. ولعلي أسأل: هناك وديعة لدي الاتحاد.. لماذا تم تجميدها لصالح ميزانية الاتحاد؟! لابد لمجلس الإدارة أن يتحرك ويتبني مشروع علاج متكامل للأدباء في حالة عدم مقدرة النقابات المدنية في دفع نفقات العلاج.