منذ أكثر من ثلاثين عاماً تم تحرير واستعادة سيناء الحبيبة إلي حضن الوطن الأم. هذا التحرير ارتوي بدماء الأبطال فوق رمال أرض الفيروز. وتمت استعادة طابا. تلك المنطقة الغالية بعد معركة لرجال القانون والسياسة. وخبراء التحكيم الدولي. ومع تعاقب الأيام والاحتفالات التي تجري كل عام. ويتم وضع أكاليل الزهور علي قبر الجندي المجهول. وعلي كل قبر يضم رفات أي بطل من الأبطال. كل ذلك له الاحترام والتقدير. لكن علي الجانب الآخر. ماذا فعلنا من أجل تعمير هذه المساحة الكبيرة من أرض الفيروز؟!.. وما هي المشروعات التي تم إنجازها لتنمية سيناء؟!.. وكم من الأراضي تم استصلاحها وتهيئتها للزراعة؟!.. وما هي الإجراءات التي تم اتخاذها لاستغلال الكنوز في باطن هذه البقعة المباركة؟!.. وأين المشروع القومي الذي وقفنا وراءه حتي ينتشر العمران وتصبح الكثافة السكانية هي العائق الوحيد أمام أطماع الغزاة والحاقدين؟! مع شديد الأسف لقد ظلت سيناء تبحث عن مشروعات التنمية دون استجابة في عمل جاد علي أرض الواقع حتي مشروع ترعة السلام الذي سمعنا عنه كثيراً والأفدنة التي سيتم استزراعها قد تواري الحديث عنها. لقد كانت هذه السنوات كفيلة بأن نري عمراناً وتنمية تسعي لاستغلال كل شبر من هذه الأرض الطيبة. وكل ما جري أعمال ومشروعات محدودة لا تتناسب مع إمكانياتنا وعزيمتنا التي كانت تتدفق حماساً ونشاطاً عقب عودة سيناء. وكم سمعنا عن خطط وإعداد لمشروعات تتضمن استغلال طاقات الشباب وإتاحة الفرصة لتخفيف الكثافة السكانية عن مدن وقري الدلتا والوادي الضيق. وذلك في أعمال التعمير والبناء وتشييد نهضة تتواءم مع تلك المعارك التي خضناها في عمليات التحرير!! لقد انشغلنا طوال هذه السنوات وظلت سيناء عبارة عن أرض جرداء ومساحات تغري الطامعين. فها هي الخطط التي تدبر لاستغلال سيناء واستقطاع جزء منها لتوطين الفلسطينيين من أجل تهيئة الأوضاع لإسرائيل لتحقيق أطماعها. كما أن حكاية توطين ثلاثة ملايين في هذه الأرض الطيبة قد ذهبت أدراج الرياح. وفي خضم التطورات التي نشهدها هذه الأيام رأينا جزءاً غالياً من هذه البقعة المباركة قد تحول لأوكار تضم بعض العناصر المتطرفة التي تشتبك في معارك مع رجال القوات المسلحة والشرطة. وكأنه قد كتب علي هذه المنطقة أن تظل ساحة للقتال والكر والفر. ولا تزال قواتنا تكافح هذه الأنشطة المتطرفة التي تتخذ من الأدغال والجبال أماكن لتدريب عناصرها التي ترتكب كل فترة وأخري أعمالاً إجرامية يروح ضحيتها أبرياء من رجال الشرطة والقوات المسلحة. حقيقة لابد من العودة سريعاً لإحياء المشروعات القومية لتنمية وتعمير كل جزء من هذه الأرض واتخاذ التدابير التي تكفل إعداد برامج علي فترات زمنية محددة لاستصلاح آلاف الأفدنة وإقامة مصانع والبحث عن المعادن بحيث يتم إنشاء هيئة مثل "هيئة السد العالي" تتولي الإشراف علي الشركات والمصالح التي يتم إسناد العمل إليها مع اختيار العناصر الوطنية المشهود لها بالكفاءة من أجل إنجاز هذه المهام القومية. بالإضافة إلي تدبير الحوافز للفلاحين والمزارعين والشباب وفق ضوابط محددة. إن العزيمة الوطنية يجب أن تتحرك داخل وجدان حكومتنا ولدي كل مواطن حتي نري عملاً متكاملاً بحيث تتحول أرض الفيروز إلي ساحة للعمل والإنتاج والتعمير وأن نري الخضرة قد أخذت تبدو ملامحها بين وديان وجبال سيناء وأن نري مشاركة من أبنائها الذين ذاقوا الكثير من المعاناة. وخاضوا معارك وضحوا بالكثير من الأبناء!! ولا شك أن العزيمة الوطنية لدي أبناء أرض الكنانة قادرة علي قهر المستحيل. والرجال الذين قاموا بإنجاز مشروع السد العالي قادرون علي إنجاز المشروع لقومي لتنمية وتعمير سيناء. نريد عملاً علي أرض الواقع يُحيي هذه الأرض ويبعث النشاط في كل ركن من أوديتها. إن التعمير والبناء أفضل الوسائل لوقف عمليات قواتنا المسلحة ضد أوكار الإرهابيين والمتطرفين. ولكي تتفرغ هذه القوات لمهامها الأخري في حماية الأمن القومي وغير ذلك. في النهاية.. ونحن نحتفل بالذكري الثانية والثلاثين لعيد تحرير سيناء نأمل أن نري استجابة للدعوة التي وجهها المستشار عدلي منصور. رئيس الجمهورية التي أشار فيها إلي أن مصر في حاجة ملحة إلي مشروع قومي شامل لتنمية سيناء. مشروع وطني بسواعد شبابها وأبنائها. ويجب أن نبادر اليوم قبل الغد من أجل تحقيق هذا الأمل ومواجهة التحديات التي تواجهنا من هؤلاء الإرهابيين الذين اتخذوا من هذه الأرض مواقع لتدريب الكوادر وتوجيه ضربات لأبناء قواتنا ورجال الشرطة. أعتقد أن المدة التي انقضت تكفي. وعلينا أن نبدأ العمل في هذا المشروع القومي والالتفاف حوله بكل قوة وعزيمة لا تعرف اليأس أو التقاعس!!