بحيرة عين الصيرة مأساة تعكس واقعاً أليماً.. ففي الماضي كانت تمثل محمية طبيعية بقلب القاهرة ومن أهم أماكن الاستشفاء التي اشتهرت بمياهها الطبيعية.. أما الآن فقد طالتها أيادي الإهمال من كل جانب ففي السنوات الأخيرة ارتفع منسوبها علي معدله الطبيعي بحوالي 6 أمتار نتيجة لإلقاء مخلفات المباني والقمامة داخلها. البحيرة لم تعد قادرة علي استيعاب مخزونها من المياه الأمر الذي أدي إلي فيضان المياه علي المناطق والطرق المجاورة ووصلت إلي الطريق الموازي.. والمصيبة الكبري وصول المياه إلي المقابر المجاورة للبحيرة وغرقها حتي طفت الجثث علي سطح المدفن في مشهد غير إنساني لانتهاك حرمة الموتي وكل هذا لم يحرك ساكناً.. فكل ما فعلته محافظة القاهرة انها رصدت 10 ملايين جنيه لتعلية مستوي الطرق لانقاذه من طفو المياه الجوفية من حين لآخر. "المساء" رصدت الصورة علي الطبيعة وتحاورت مع القائمين علي حراسة المدافن والمتضررين من ارتفاع منسوب البحيرة.. في البداية يقول عزت سيد حارس إحدي المقابر: نعيش مأساة حقيقية منذ عام 86 بسبب تكرار ارتفاع منسوب مياه بحيرة عين الصيرة التي كانت تعد في الماضي محمية طبيعية ومكاناً للاستشفاء من جميع الأمراض وكان يفد المواطنون إليها من داخل وخارج مصر فهي تقع علي مساحة 30 فداناً بمصر القديمة ولكن للأسف أيادي الاهمال امتدت إليها واختلطت مياه البحيرة بالصرف الصحي ومخلفات المباني والقمامة مما أدي لارتفاع منسوب المياه وأصبحت المقبرة لا تصلح لدفن أي جثث أخري فالمياه التهمت جميع المقابر المحيطة وتسببت المياه المالحة في تآكل الجدران والأسطح فمنذ 17 عاماً تقريباً طفت رفات الجثث علي سطح المقابر في منظر مرعب وغريب وللأسف لم يتحرك أحد. يقول ثابت محمد حارس إحدي المقابر: ما يحدث بمقابر الامام الشافعي بعين الصيرة استهانة بحرمة الموتي ودليل واضح علي اهدارالمال العام. يقول إبراهيم عطية حارس إحدي المقابر: ان محافظة القاهرة رصدت 10 ملايين جنيه لتطوير عين الصيرة ولكن هذا المبلغ لم يدخل في تطوير منطقة المدافن فهو فقط لتعلية مستوي الطريق ورصفه بحيث لا تصل المياه إلي الطريق الموازي للبحيرة وهو شارع الخيالة. يشير إلي أن الحل هو القيام بعمل محطة معالجة لمياه البحيرة حتي تقل نسبة الكبريتات إلي النسبة المسموح بها حتي يمكن صرف الزائد منها إلي شبكة الصرف الصحي وبعدها يتم تطهير ورفع التعديات الموجودة علي ضفاف البحيرة وهذا الحل سوف يخفض منسوب سطح مياه البحيرة ويمنع تكرار غرق المقابر. يقول محمد عبدالمطلب حارس إحدي المقابر: كل ما تقوم به شركة المقاولون العرب عبارة عن مسكنات فقط وليس حلاً جذرياً لمشكلة غرق مقابر الامام الشافعي. يضيف: أن مسئولي المحليات السابقين قاموا بنهب كل الميزانيات التي خصصتها الحكومة لتطوير هذه المنطقة علي مدار ال 10 سنوات الماضية ولا نعلم أين ذهبت هذه الأموال. يؤكد حمدي عبدالرحمن صاحب مقبرة: لابد من إعادة ترميم المقابر الموجودة أمام بحيرة عين الصيرة بأسرع وقت لأن تجديد كل مقبرة يتكلف 10 آلاف جنيه ولا نستطيع أن نوقف مياه البحيرة فهي تتسرب من باطن الأرض إلي المقابر ورغم تجديدها إلا انها تعود مرة أخري. يضيف: من الضروري أن تتجه الدولة إلي إصلاح الطريق ورفع المخلفات الموجودة علي ضفاف البحيرة. يقول محمد عبدالسلام أحد المواطنين: هناك حالة من اللامبالاة والفوضي فمن غير الطبيعي أن تتواجد مخلفات الردم ومياه الصرف الصحي داخل بحيرة عين الصيرة وتتسبب في رفع منسوب المياه عن معدلها الطبيعي. وخلال جولة "المساء" حول بحيرة عين الصيرة شاهدنا شركة المقاولون العرب تقوم بتعلية الأرضفة لحماية الطرق من الغرق بسبب ارتفاع منسوب البحيرة المتكرر.. يقول سمير محمد أحد العاملين بشركة المقاولون العرب: مياه العين ارتفع منسوبها هذا العام بشكل ملحوظ حوالي 21.6 متر مربع مما أدي لغرق منطقة المقابر بصورة مستمرة لذلك ينحصر عملنا في تعلية الطريق بطبقة من الرمل تقدر بحوالي 5 سنتيمترات وتربة زلطية تقدر ب 30 سنتيمتراً وأيضا طبقة أسفلتية 12 سنتيمتراً لعلاج الطرق المؤدية من وإلي البحيرة. يقول حازم محمد أحد العاملين بالشركة: بعد الانتهاء من تطوير الطرق المؤدية لمنطقة عين الصيرة سوف يتم طرح مشروع تطهير البحيرة ويشمل إنشاء ستار معدني لا يقل عن 7 أمتار من طول البحيرة المواجهة للشارع الرئيسي لمنع تسرب المياه إلي الطريق. أكد العقيد أحمد عبدربه رئيس حي مصر القديمة: أنه تم تشكيل لجنة فنية من معهد بحوث المياه لبحث مشكلة بحيرة عين الصيرة وإعادة مياه العين إلي طبيعتها الأولي بعد أن اختلطت بمحطة الصرف الصحي بمنطقة الخيالة. أوضح اللواء عادل عباس رئيس حي الخليفة انه تم تكليف شركة المقاولون العرب بمشروع تعلية مستوي الطريق ورصف شارع الخيالة أمام بحيرة عين الصيرة بعد أن وجدنا ارتفاعاً في منسوب البحيرة الذي وصل إلي 6 أمتار عن المعدل الطبيعي وسيتم استخدام بعض المواد المضادة للمياه الجوفية التي تمنع وصول المياه إلي منطقة المقابر بهدف خفض منسوب البحيرة علي أن يتم الانتهاء من العمل خلال شهرين. أضاف: ان إحدي الشركات التي كانت تقوم بأعمال البناء في حي مصر القديمة هي المسئولة عن القاء مخلفات الهدم داخل البحيرة الأمر الذي أدي إلي ضيق البحيرة وطفحها بالمياه خارج ضفافها لتتسرب إلي شارع الخيالة والمقابر المقابلة. د. محمد كامل أستاذ المركز القومي لبحوث المياه يقول: ارتفعت نسب التلوث ببحيرة عين الصيرة لذا سيتم تحليل المياه وتطهيرها بالمعالجة البيولوجية وهي إلقاء بعض الكائنات الدقيقة علي هيئة بودرة داخل مياه العين وعزل جميع المواد الملوثة وبعدها سوف يتم الحصول علي بعض العينات من المياه بعد التأكد من خلوها من المواد الملوثة. يضيف: انه يتم إنشاء خط ري يصل البحيرة بأراضي حدائق الفسطاط للاستفادة من المياه الزائدة لري المسطحات الخضراء وتطوير الشكل الجمالي للشاطئ بإزالة جميع المخلفات.