قديماً قالوا إن شعار الخسة والوضاعة هو إحداث الوقيعة.. وإيجاد التنافر والصراع.. والمؤكد أن هذا الشعار مازال مستمراً. وفي وثائق التاريخ القديم كما يقول المؤرخ الكبير حسن فتحي إنه في عام 1567 قبل الميلاد.. وكان قد مضي علي وجود الهكسوس وهم قوم شرقيون وضيعون.. من الرعاة أغاروا علي مصر واستولوا علي الوجه البحري.. مضي علي تواجدهم نحو 250 عاماً وراحوا يثيرون المشاكل مع الملك المصري الجالس في طيبة وبدأت الاشتباكات بين أمراء مصر ومعهم الملك من جهة وبين عصابات الهكسوس من جهة أخري.. وبعد وفاة الملك خلفه ابنه "كاموس" كما ذكرت لوحة كتبت في السنة الثالثة من حكمه في معبد الكرنك.. وقرر أن ينظم جيشاً لمحاربة الهكسوس وطردهم من البلاد. ولكن الهكسوس أرادوا في حربهم أن يضعوا الخسة والوضاعة ضمن أساليب حربهم.. وأن يطعنوا كاموس من الخلف فأثاروا عليه حكام النوبة وكانوا خاضعين لسلطانه فاضطر كاموس أن يترك الحرب مع الهكسوس في الشمال ويتفرغ للقضاء علي الفتنة في الجنوب وأخمد الثورة ثم تفرغ بعد ذلك للجهاد ضد الهكسوس فواصل زحفه شمالاً واستطاع طردهم من مصر الوسطي حتي الاشمونين "المنيا" إلا أن الموت لحق به. وخلفه أخوه أحمس وطردهم عن آخرهم من البلاد. وفي عام 1550 قبل الميلاد اضطر الملك أمونونيس الأول إلي غزو النوبة للمرة الثانية لاستتباب الأمن بعد أن امتدت الوشايات وانتشرت الفتن وزاد عدد العصاه.. فجرد الحملات وأعاد الأمن والأمان والاستقرار لربوع النوبة. ومرة ثالثة في عام 1510 قبل الميلاد ثارت خلافات وحدثت وقيعة كبري في النوبة حول أحقية العرش بين الملكة حتشبسوت وتحوتمس الثاني.. الذي تولي الملك وتزوج من أخته حتشبسوت.. فقام بإرسال حملة عسكرية سحقت ثورة النوبة.. وانتهي الأمر. وهكذا لعبت الوقيعة الدور الأكبر بين ملوك طيبة وحكام النوبة.. وكانت البداية عندما أراد الهكسوس تحويل انظار الفرعون كاموس من مطاردتهم في الشمال وإشغاله بثورات النوبيين في الجنوب. والغريب أن أسلوب الوقيعة التي تمت منذ آلاف السنين تكرر هذه الأيام - كما ذكرت الأنباء حيث اهتزت مدينة أسوان الهادئة بدوي طلقات الرصاص بين أبناء قبيلة الهلايل وبين أبناء العائلات النوبية وسالت دماء القتلي والمصابين بالعشرات علي قارعة الطريق في منطقة السيل الريفي وسط مؤشرات بتورط عناصر إخوانية في اشعال الفتنة بين القبيلتين.. وتناثرت الأنباء بأن فصيلاً من الهلالية يؤيدون الإخوان وفريق آخر اشعلها ناراً والمواطنون يجمعون أموالاً لشراء أسلحة. إنها صور غريبة علي مجتمع أهل النوبة وأهل أسوان وكل المؤشرات تؤكد علي إحداث وقيعة ودسيسة بين أطراف الشجار وكأن عهد الهكسوس قد عاد مرة أخري ليثير الفتنة بين القبائل.. خصوصاً أن هناك عبارات كثيرة مسيئة ومشينة كتبت علي الجدران.. كما ذكرت الأنباء التي لم تتأكد بعد.