تعجبت كثيراً أثناء متابعتي للحوارات الدائرة في الساحة هذه الأيام حول تجسيد الانبياء علي الشاشة الفضية بمناسبة عرض فيلم من إنتاج أمريكي يتضمن تجسيد شخصية سيدنا نوح صلي الله عليه وسلم. وزاد العجب حين أفاض بعض الكتاب والمفكرين في حديثهم الذي تناول هذا العمل في جرأة يحسدون عليها فقد اعتبره بعضهم عملا فنيا يقدم الجوانب المشرقة لهذا الرسول الذي أرسله الله لقومه فظل بينهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلي عبادة الله وحده وآخر مع غيره اعتبروا ذلك عملا تنويراً وأنه قد آن الأوان للتخلص من الجمود وعرض أمثال هذه الأعمال لكي تستفيد منها الأجيال المتعاقبة والأكثر من هذا أن أحد الكتاب طالب شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بذكر الأدلة التي تحرم ذلك العمل من الكتاب. وذكر هذه الأدلة لكي تتضح الصورة للعامة؟! كلام جميل يحمل في طياته الكثير من المغالطات ويبدو بمثابة السم في العسل لأن كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية بمصر والبلاد العربية ودار الافتاء قد أصدرت فتاوي تحرم تلك الأعمال وأن شخصيات الانبياء لا يجب أن يمثلها أي ممثل مهما يكن قدره أو دوره. لأنه يتعين أن نعطي هؤلاء الانبياء قدرهم. وإذا كنا فيما بيننا نتحدث عن أي شخصية من الشخصيات يكن ماثلا في الذهن والقلب أقدار هؤلاء ومكانتهم فما بالنا بالانبياء الذين عصمهم الله سبحانه . وأنه لم يجب أن ننساق وراء أي أفكار أو أعمال قادمة إلينا من الغرب أو أمريكا أو غير ذلك من أنحاء الدنيا. ويجب أن نحترم مقدساتنا والرسل الذين جاءوا وارسلهم لهداية البشرية وفضلهم علي سائر البشر. لكن للأسف لقد تجاهل هؤلاء هذه القيم وانجرفوا في هذا التيار وبالتالي البست الحقائق أمام العامة من البشر والغالبية من الذين لا يعرفون هذه الحقائق فصاروا لا يعرفون الفرق بين التنوير والتضليل؟! التنوير يا سادة لا يكون بتجاهل القيم والمباديء التي جاءت بها الكتب السماوية ولعل أبسط الحقائق وأيسرها ما جاء في سورة المجادلة إحدي سور القرآن الكريم " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون. "1-2" الحجرات . فإذا كان مجرد رفع الصوت مرفوضاً في حضرة النبي وأنه ليس كسائر البشر فإن تجسيد شخصيته عمل مرفوض من باب أولي لكن الهواة المغرمين بكل قادم من الخارج يزعمون أن ذلك من باب التنوير ونشر الثقافة .. والأمثلة التي تأخذ بأية الأجيال نحو لاقتداء بهؤلاء الأسوة الحسنة. لكن مرحباً بأي أعمال تجسد سيرة هؤلاء الانبياء عليهم الصلاة والسلام دون تجسيد شخصياتهم لأن العبرة بالأعمال والمهام التي خاضوها في هداية البشر نحو الطريق المستقيم ولدينا هنا في مصر أعمال فنية مثل "ضحي الإسلام" و"فجر الإسلام" وهي تتناول هذا الدور للأنبياء بعيداً عن تجسيد شخصياتهم في إطار تقديرنا لرموزنا الإسلامية. إن العقيدة الحق هي التي يلتزم صاحبها بتلك المباديء ولعلنا نضع أية سورة الحجرات التي أشرت إليها نصب أعيننا. ولا شك أن احترامنا لأنفسنا وتقديرنا للانبياء الذين جاءوا بالمعتقدات وتعاليم الله يجب أن نضعهم في مكانتهم إذ لا يليق أن نري ممثلا في عمل فني يكون مثار استيائنا وغضبنا ثم نراه يمثل شخصية نبي من الأنبياء إنه بلا شك امتهان لرموزنا وقيمنا وإهدار لشخصياتنا ولا يجب أن نبحث عن الأدلة التي تحرم فالحقائق واضحة لكل أمرئ مخلص يرعي الله وقيمه. وإذا كان الواحد من هؤلاء لا يرضي هذا العمل لابيه أو شخصية مرموقة في مجتمعاتنا فالأنبياء يجب أن يظلوا في تلك المكانة الرفيعة. انشروا أعمالهم والمشاق التي بذلوها في سبيل هذه الرسالة الرفيعة. وابتعدوا عن شخصيات الرسل لأنه يعرض الآن للكثير من الشطط والفتن وكفانا ما نحن فيه من هموم وفتن نسأل الله أن يجنبنا من شرورها. أعتقد أن الفرق واضح بين التنوير والتضليل لكل ذي عينين ويجب أن نحترم شخصيات أنبيائنا وقيما. خاصة أن علماءنا وهيئة كبار شيوخ الأزهر قد أفاضوا في توضيح هذه الحقائق ولا يجب أن نلهث وراء هؤلاء الذين يريدون تناول شخصية الأنبياء ليس حباً في هؤلاء المعصومين ولا يجب أن يغيب عن فطنتنا التشويه غير في بعض اللقطات أو العمل بصورة تقتضيها الحبكة الفنية . هدانا الله جميعا سواء السبيل يا سادة .. انصاعوا لكلمة الأزهر ورجالاته والذين نكن وتكنون كل التقدير والاحترام لهم أي ادعاء أو مزاعم بأن المنع يعتبر حجر عثرة أمام الإبداع كل ذلك حجج للتنصل من المسئولية وكم من الجرائم ترتكب باسم الإبداع!!