.في الوقت الذي مازال يواجه فيه مسلسل "الحسن والحسين" هجوما شديدا ودعوات قضائية تلاحقه من كل اتجاه للمطالبة بإيقاف عرضه لتجسيده شخصيات الحسن والحسين حفيدي رسول الله وبعض الصحابة والمبشرين بالجنة مثل الزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وظهور الامام علي بن أبي طالب والخليفة عثمان بن عفان صوتيا .. تجهز إيران حاليا فيلما سينمائيا عن حياة الرسول محمد (صلي الله عليه وسلم) يظهر فيه ولأول مرة مجسدا الأمر الذي يعتبره عشرات الملايين من المسلمين السنة تحديا جديدا لمشاعرهم ، خاصة وأن أغلب الفتاوي الإسلامية تحرم تماما تجسيد الأنبياء والصحابة وآل البيت علي الشاشة بشكل عام وشخصية الرسول عليه الصلاة والسلام بشكل خاص .. هذا ما أدي إلي حدوث العديد من المشاكل التي يزداد حجمها كل يوم مع قرب انتهاء تصوير احداث الفيلم وتحديد موعد عرضه.. التفاصيل داخل السطور القادمة .. شرارة الازمة اندلعت عندما قرر سينمائيون إيرانيون إنتاج فيلم جديد عن حياة الرسول محمد (ص)، علي أن يقوم أحد الممثلين الإيرانيين بتجسيد شخصية الرسول الكريم لأول مرة علي الشاشة، وذلك رغم كل المواقف الرافضة لعلماء المسلمين السنة الذين يعارضون تجسيد نبي الإسلام في أي عمل درامي أو تسجيلي وهو ما ينطبق ايضا علي سائر الأنبياء والرسل وكذلك الصحابة وآل البيت. وقد قرر المنتج مهدي هيدريان، والسينارست الشهير كامبوزيا باتروفي، والمخرج ماجد مجيدي، عمل الفيلم من ثلاثة أجزاء، ترصد حياة الرسول منذ ولادته، مؤكدين أن حياة النبي أكبر من اختزالها في فيلم واحد. .. الفيلم سيقدم في ثلاثة أجزاء كما صرح منتجه "مهدي هيدريان" ومخرجه "ماجد مجيدي" لوكالة طهران تايمز ويرصد في الأجزاء الثلاثة حياة الرسول منذ ولادته وحتي وفاته، مؤكدين أن حياة النبي أكبر من اختزالها في فيلم واحد. أن صناع العمل سافروا بالفعل إلي دولة المغرب التي سيتم التصوير في صحرائها وقابل صناع العمل السيد محمد باكريم مسئول التواصل في المركز السينمائي المغربي وتمت اتفاقات مبدئية بينهما، ولكن مازال مخرج العمل ماجد مجيدي يبحث عن طفل يجسد طفولة الرسول محمد "صلي الله عليه وسلم" من خلال مسابقة أما شخصية الرسول رجلا فسوف يجسدها المخرج ماجد مجيدي بنفسه. مصادر غير شاملة ..! .. أشار المخرج ماجد مجيدي أنه لسوء الحظ لا توجد مصادر شاملة كاملة حول طفولة الرسول صلي الله عليه وسلم، فيما المصادر المتاحة تحوي بعض البيانات المتكررة والمزيفة وهو ما اعتبره محللون إشارة إلي المصادر السنية حول طفولة الرسول .. وأن الإيمان، والأخلاق، والقيم الروحية، هي الشغل الشاغل في السينما، وهذه القيم تظهر في أفلامي بطرق مختلفة، وسيظهر النبي في الفيلم باعتباره رمزًا للأخلاق والقيم الروحية الحميدة. الجاهلية الحديثة ..! .. ويدرك المخرج الايراني وفقا لتصريحاته إشكالية إنتاج فيلم عن الرسول محمد يجسد شخصيته، ويدرك كذلك كم الهجوم المتوقع عليه، إلا أنه يبرر إقدامه علي هذه الخطوة فمن الطبيعي ألا يعرف المسلم كثيرا عن حياة نبيه العظيم بسبب قلة الأفلام التي تم إنتاجها عن حياته الشريفة ، كما أن إنتاج فيلم عن طفولة النبي في الوقت الحاضر الذي تشهد فيه الهوية الإنسانية أزمة خانقة للغاية، بعد سقوط بعض القيم الأخلاقية والإنسانية لدرجة جعلتنا نعيش فيما يسمي بالجاهلية الحديثة، سيجعل من الفيلم مشعلاً يضيء الدرب للجيل الراهن والمستقبل". .. ثم أكد إن نشر كتاب (آيات شيطانية)، وإنتاج أفلام تسيء لشخصية النبي والقرآن الكريم والقيم الاسلامية، ونشر صور كاريكاتورية ضد نبي الرحمة في الدنمارك، كان الدافع لي لإنتاج مثل هذا الفيلم الكبير، لكشف غبار التضليل عن الوجه الناصع لهذا النبي الكريم." ثم أشار أنه سيبذل سأبذل قصاري جهده لتقديم فيلم يتجاهل أي أغراض دعائية أو قضايا سياسية، وفي حال تنفيذ الفيلم سيترجم إلي اللغات العربية والفارسية والإنجليزية بآلية لم يعلن عنها بعد. إلا أن الجدل الأكبر حقًّا سيكون في الجزء الثاني، الذي سيظهر فيه الرسول الأكرم لأول مرة علي الشاشة، بعد أن امتنع صنَّاع الفن في العالم العربي والإسلامي من الاقتراب من تلك المنطقة المحظورة والشائكة، نظرا لكثرة الفتاوي الاسلامية التي تحرم تمامًا تجسيد الأنبياء والرسل وآل البيت علي الشاشة بشكل عام، وشخصية الرسول بشكل خاص .. وزار مجيدي المغرب لاختيار أماكن التصوير في المراحل التحضيرية للفيلم، والتي اقتضت أن تشمل رحلة التصوير التنقل بين بلدان عدة، ومنها إيران. وسيتم تصوير غالبية المشاهد في المغرب، بعد أن تكررت زيارات المخرج لمواقع التصوير خلال السنوات القليلة الماضية، ورغم نفي محمد باكريم، مسؤول التواصل في المركز السينمائي المغربي، أن يكون المغرب قد وافق علي تصوير الفيلم علي أرضه، إلا أن المخرج الإيراني والمنتج ما زالا يقومان بالمراحل النهائية للتحضير لتصوير الفيلم. الإختلاف مع الأزهر..! .. أكدت الدكتورة أمنة نصير أستاذ الفقه والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر وعميد كلية البنات سابقا أن تجسيد الأنبياء والصحابة لا يمكن أن يتم من خلال أي جهة فالأنبياء معصومين ومن منا من البشر معصوما .. ولا حوار في هذا الموضوع فالتجسيد مرفوض رفضا تاما وهذا العمل يعتبر وصمة عار علي القائم بهذا العمل .. وبالرغم من ذلك فلا تجد مانعا من تجسيد الصحابة والخلفاء والفقهاء فهي بذلك تختلف مع الازهر الشريف فالأئمة و القادة من الضروري أن يعرف المجتمع الإسلامي سماتهم وصفاتهم الشخصية حتي يكونوا قدوة امامهم بعد إختفاء الكثير من السمات الأخلاقية داخل مجتمعنا .. منع التمثيل ..! وقال الدكتور عبد المعطي بيومي عميد كلية أصول الدين أن معرفة تفاصيل كل المراحل العمرية في حياة الرسول مسجلة ومدونة في السيرة النبوية سواء في القرآن الكريم أو بالسنة النبوية فليست المشكلة في التوثيق فهي موثقة داخل الكتب لكن هناك ضوابط لابد من مراعاتها للقيام بهذا العمل .. وهذا ما دفع الأزهر الشريف وجمهور العلماء لمنع تمثيل الرسل والأنبياء فمن سيقوم بتمثيل الرسول صلي الله عليه وسلم قد يذهب إلي تمثيل الشخصية في صورة مختلفة لذلك يمنع الأزهر الإقدام علي هذا العمل لكن بالنسبة للصحابة يمكن ان يتم مراعاة العمل الفني بحيث يكون هناك شروط فيمن يمثل صورة الصحابي وفي قيامه بالأعمال الفنية الفائقة هذا ويجب ان يكون النص يحتفظ لكبار الصحابة هيبتهم وإحترامهم فهم في أعلي الطبقات من القيم والأخلاق .. تعهدا بعدم التمثيل ..! وأكد الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية واستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بالقاهرة أن الأزهر الشريف أصدر قرارا في مجمع البحوث الإسلامية يحذر بتمثيل الأنبياء والرسل وأهل البيت والمبشرين بالجنة فمن ناحية الرسل والأنبياء فهم مختارون من البشر إصطفاهم الله عز وجل من بني الإنسان ليبلغوا رسالات الله إلي البشر .. فعقد قال الله عز وجل " إن الله غصطفي أدم ونوحا وال غبراهيم وأل عمران علي العالمين " , وقال " الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس" ويحكي القرآن الكريم أن الملائكة خاطبت مريم أم المسيح عليه السلام قائلين لها " يامريم إن الله إصطفاكي وطهرك وإصطفاك علي سائر العالمين " .. فإن كان الرسل والأنبياء علي هذه الدرجة من الإصطفاء والإختيار فلا يمكن ان يكونوا من سائر البشر ولابد من أن لهم طابع خاص فهم فوق سائر البشر والممثل في أداء شخصية الرسول وتجسيدها كأنه يقول للمشاهد أنا مثل الرسول أتكلم واتحرك مثله فضلا عن ان الذي يمثل دور الرسول قد يمثل أدوارا أخري لا تنتمي لأعمال الدين بأي صورة لذلك يجب ان يتم أخذ تعهدا عليه بعدم التمثيل مرة اخري في أي أدوار كما حدث في هوليوود عندما تم اخذ إقرارا كتابيا علي الممثل الذي قام بدور عيسي عليه السلام لكن الرد أنه مهما كان الجزاء علي هذا العمل فلا يمكن تمثيل الرسول صلي الله عليه وسلم فهو يختلف تماما عن سائر البشر ومن ناحية اخري فإن أهل بيت الرسول صلي الله عليه وسلم من زوجاته وبناته واحفاده لا شك انهم في مكانة خاصة وتمثيل شخصياتهم يجب أن يحفظ هذه المكانة ومهما بالغ الممثل في القيم لا يمكنه ان يصل بها إلي أخلاق أو حركات الرسول صلي الله عليه وسلم ولا يمكنه أن يكون صورة طبق الاصل منه .. فمن الخطر ان يدخل في مجال الكذب علي الرسول صلي الله عليه وسلم وقد بالغ الرسول في الذنب الكبير في الكذب عليه فقال " إن الكذب عليّ ليس كالكذب علي أحد ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " .. هذا وقد اكد مجمع البحوث الإسلامية هذا القرار بتحذير تمثيل الرسول وأهل البيت أكثر من مرة وكانت المرة الاخيرة هي ما يختص بالحسن والحسين فقد منعه الأزهر الشريف إتفاقا مع قراراته السابقة وإستجاب وزير الإعلام لقرار الازهر فمنع تداول المسلسل علي القنوات التابعة للدولة.