اعتاد قراء "المساء" ومحبو الفنون التشكيلية بخاصة. أن يطالعوا- في هذه المساحة- كتابات الزميل الدكتور صبحي الشاروني عن حياتنا الفنية التشكيلية. متابعة تحرص علي التحليل والتقييم وإبداء وجهة النظر التي تمتلك رؤية شاملة ودقيقة وواعية لبانوراما الحركة التشكليلية. منذ استخدام المصري القديم أزميله في صنع أول أثر فني. حتي التيارات المحدثة. بأجيالها واتجاهاتها المختلفة. إذا كان صبحي الشاروني قد غاب عن حياتنا. فإن الثقافة المصرية. والعربية بعامة ستظل تذكر له إسهاماته في مجال الفنون التشكيلية الذي يعاني قلة المتخصصين. ممن يستندون إلي دراسات متعمقة. وتعرف حقيقي إلي واقع الحركة التشكيلية. واتصالها بالتراث الفني في مصر. وفي المنطقة العربية فضلا عن المدارس والتيارات الفنية العالمية. بدأ الشاروني مشواره النقدي منذ طالعت "المساء قراءها- للمرة الأولي- في أكتوبر 1956. ثم عاد إليها في مطالع الستينيات بعد غياب فرضته ظروف نشاطه السياسي. كانت "المساء" تنفرد بين صحف الفترة بتخصيص صفحة اسبوعياً للفن التشكيلي. وتعددت اسهامات الشاروني إلي جانب اسهامات الناقدين الكبيرين حسن عثمان وكمال الجويلي. إضافة إلي كتابات النخبة من النقاد المرموقين والأكاديميين. بحيث صار دور "المساء" ومحرري صفحته التشكيلية معلماً مهماً في حياتنا الثقافية. تفرغ الشاروني للنقد علي حساب فن النحت الذي كان قد اختاره مجالاً لإبداعه وواصل المسيرة- بمفرده - بعد أن ترك عثمان والجويلي العمل الصحفي. وإن مارس هواية التصوير الضوئي. وقدم من خلالها لوحات تشي بحس فني متفوق. وامتلك - أثناء مشواره الفني - أرشيفاً هائلاً عن الحركة الفنية. مثل ذاكرة مصر في مجال الفن التشكيلي. وأفاد منه الشاروني في العديد من مؤلفاته. بالإضافة إلي ذلك فقد كان الشاروني مثلاً للمثقف الذي يؤمن بوحدة الفنون. فهو يقرأ الأعمال الإبداعية النثرية والشعرية. ويشاهد الأفلام والمسرحيات ويحرص علي المشاركة في الندوات ويجعل من التوجهات السياسية الوطنية خلفية لكل ما يصدر عنه من كتابات . وكانت آراؤه تتسم بالسهولة والبساطة والعمق. بحيث تصل أكبر المعاني إلي القاعدة الأوسع من القراء. بصرف النظر عن حصيلتهم المعرفية. غطت متابعات الشاروني الأحداث الفنية المختلفة ما بين معارض ولقاءات وندوات ورسائل جامعية. واحتفظت المساء بتميزها في رعاية الحركة التشكيلية . واحتفظت من ثم بقرائها من الذين وجدوا في متابعتها رصداً دقيقاً وموضوعياً لواقعنا التشكيلي.