يبدو أنه لا مفر من الصدام مع أثيوبيا بسبب سد النهضة الذي تنفذه حالياً والذي يؤثر علي حصة مصر من مياه النيل. وأن هذا الصدام قادم لا محالة ويمكن أن يؤدي إلي صدام عسكري إذا استمرت أثيوبيا في تصعيد مواقفها ضد مصر. علينا أن نعد أنفسنا من الآن لهذا الصدام المحتمل وأن يهييء الشعب لتحمل مخاطره مهما بلغت. ولابد من حملة توعية تبدأ من الآن ليلتف الشعب كله ويتكاتف لمواجهة المؤامرة الأثيوبية المدعومة من بعض الدول الأفريقية والغربية لتعطيش مصر وحرمانها من حصتها المقررة من مياه النيل طبقاً للاتفاقات الدولية الموقعة في هذا الصدد منذ النصف الأول من القرن الماضي. نحن الآن مشغولون بالحرب ضد الإرهاب في شبه جزيرة سيناء وفي داخل مصر. وهو عمل مقصود لإنهاك مصر من الداخل وشل حركتها حتي لا تستطيع مواجهة هذه المؤامرة التي تستهدف حياة شعبها.. وللأسف الشديد هناك من المصريين من يشاركون في هذا الإرهاب. وهناك من يشجعونه. وهناك من يمولونه ويخططون له ظناً منهم بأنهم بذلك سوف يستعيدون حقاً ضيَّعوه بأنفسهم ومكاسب فرَّطوا فيها بسوء تصرفهم. هذه الفئة لو كان عندها غيرة وطنية علي بلدهم لنبذت مثل هذا العنف والإرهاب وأعلنت صراحة حرصها علي مصلحة الوطن أكثر من حرصها علي مصالحها الخاصة.. فالكل يجب أن يتوحد في مواجهة الخطر الداهم الذي لايفرق بين مواطن وآخر ولا بين فصيل أو جماعة.. ولكن هل يتفهمون ذلك ويعقلونه؟ أشك في ذلك. أثيوبيا ماضية في إنشاء سد النهضة في عناد تام دون النظر إلي ما يحدثه من آثار ضارة علي مصر.. وهي تتحرك إفريقياً وعالمياً لتأييد موقفها والحصول علي تمويل لاستكمال مشروع السد الذي تم انجازه بنسبة 30 في المائة كما أعلنت.. وفي هذا الصدد أكد الحزب الحاكم في أثيوبيا أنه تمكن من تحسين علاقاته مع الغرب والسودان والصين لصالحه.. وأن هناك 6 دول إفريقية أخري تدعم الموقف الأثيوبي. وإمعاناً من أثيوبيا في موقفها المعاند والمعادي لمصر أعلنت أنها ستواصل تنفيذ خطة قديمة لها لإنشاء أربعة سدود أخري علي النيل هي: ماندايا وألبارو وأكوبو وكارودبي لتتمكن فنياً من الاستفادة القصوي من سد النهضة الذي تنفذه حالياً. إذن.. أثيوبيا أغلقت كل الأبواب في وجه مصر وأعلنت عداءها السافر لمصالح مصر واحتياجاتها المائية.. بل إنها تطالب الولاياتالمتحدة بعدم إمداد مصر بطائرات الفانتوم 16 التي تستطيع الوصول إلي مكان إقامة سد النهضة.. وهي تتحرك في كل الاتجاهات لإنجاز السد. وهناك مصانع في كل من إيطاليا وفرنسا تساهم في إنتاج المعدات اللازمة للسد الأثيوبي!! فأين نحن من كل هذا التحدي الذي تبديه أديس أبابا ضدنا؟ مازالت جهودنا بطيئة وعلي استحياء وتتم عبر وزير الخارجية ووزير الموارد المائية أحياناً وهي جهود لم تؤت أي ثمرة حتي الآن لأنها جهود فردية تعتمد علي اتصالات وزيارات يقوم بها الوزيران لبعض الدول. وليست هناك خطة للدولة تسير في اتجاهات متعددة وتتصاعد كلما زاد التحدي الأثيوبي. نحن مشغولون بخلافاتنا الداخلية.. والإرهاب الذي نواجهه مقصود ولشل حركتنا. ومطلوب أن تتوجه الدولة بكل إمكاناتها وأجهزتها وفي مقدمتها الإعلام لحشد الطاقات من أجل هذه المشكلة التي تهدد حياتنا جميعاً. ولابد أن نضع في حسابنا جميعاً أنه ربما يأتي اليوم الذي نخوض فيه معركة فاصلة لحسم هذه المشكلة.. وقديماً قالها الرئيس أنور السادات: إن الحروب انتهت في المنطقة.. وإذا قامت حرب فإنها ستكون من أجل المياه.. وقد كانت رؤيته صحيحة ونظرته ثاقبة.. رحمه الله.