الجيل الاول من الفنانين المصريين يضم الفنانين الذين ولدوا قبل بداية القرن العشرين "قبل 1900".. ورغم اهمية الاساسات التي وضعوها والجهود التي بذلوها في ظروف الظلام الاجتماعي الذي كان يعادي الفنون الجميلة. فإن الاجيال الجديدة لاتعرف عنهم سوي اسمائهم. ولهذا وجب علينا ان نذكر الاجيال الجديدة بهم باعتبارهم نماذج نفخر بها ونمجدها.. الفنان محمد ناجي كان اكبر ابناء جيل الرواد سنا فقد ولد بالاسكندرية في 27 يناير عام 1888. وتوفي بمرسمه بمنطقة اهرام الجيزة يوم 5 ابريل سنة .1956 هو واحد من الذين وضعوا اساس النهضة الفنية الحديثة. وقد عاش في الاسكندرية وكان له تأثيره الايجابي علي الحركة الفنية فيها. درس الفن في فلورنسا بايطاليا. وكان زميلا للمصور الفرنسي "ماركيه". كما تعرف إلي "كلود مونيه". عاد من اوروبا قبيل الحرب العالمية الاولي ليبشر بنهضة فنية جديدة واسعة النطاق. وكان ثائرا علي التعقيدات المدرسية والاكاديمية في الفن. واتجه إلي الاعتماد علي اللون متأثرا بالمدرسة الثانوية. وفي اعماله يميل إلي ربط ماضي مصر الفني القديم بحاضرها. مع شغف بالطبيعة والارتباط بها. كما استلهم الرسم الحائطي عند المصريين القدماء. وتتميز لوحاته بشفافية اللون وتناغمه مع قوة التركيب وتوازنه. وتعتبر اللوحات التي رسمها عام 1932 عن الحبشة من اروع واجمل لوحاته. وقد كان ملونا بارعا. كما كان يضع حسابات رياضية محكمة لتحقيق اعلي اثر جمالي عند المشاهدين. وكان صديقا للفنان والمفكر الفرنسي "اندريه لوت" وكانا يتراسلان ويتشاوران في المشاكل الجمالية التي تواجههما. التحق بجامعة ليون سنة 1906 حيث حصل علي ليسانس القانون سنة 1910. ثم سافر إلي فلورنسا بإيطاليا حيث قضي اربع سنوات درس خلالها الفن. ثم عاد إلي فرنسا بعد الحرب العالمية الاولي عام ..1918 واقام في "جيفرني". والتقي المصور الفرنسي "كلود مونيه" فتشبعت نفسه بالتأثرية الحديثة وامتداداتها. عين بوزارة الخارجية في 16 يونيه سنة 1925 فمثل مصر ملحقاً في سفارتيها بباريس ثم ريودي جانيرو بالارجنتين. ثم عاد إلي مصر بعد خمس سنوات انتهت باستقالته من السلك الدبلوماسي في 15 مارس سنة .1930 ثم سافر إلي الحبشة في بعثة فنية عام 1931 حيث صور الطبيعة بالوانها الصاخبة. كما صور الامبراطور ورجال بلاطه ورجال الدين والكثير من الشخصيات البارزة. دعا إلي انشاء جماعة اتيلية الاسكندرية عام 1932 وانتخب رئيسا لها. وقد اقام معرضا للوحاته التي رسمها بالحبشة بصالة الفنون الجميلة في لندن سنة 1937. فعرض حوالي 45 لوحة واهدي احدي لوحاته لمتحف "تيت جالاري" بلندن. وقد وقع عليه الاختيار ليشغل منصب مدير المدرسة العليا للفنون الجميلة "كلية الفنون الجميلة حاليا". وكان اول مصري يتولي هذا المنصب في 13 سبتمبر سنة .1937 ثم انتقل إلي وظيفة مدير متحف الفن الحديث في عام 1939 فتوفر له من الوقت ما اعانه علي التفرغ لفنه. وقد عمل مديرا للاكاديمية المصرية للفنون الجميلة في روما. وملحقا ثقافيا لمصر في ايطاليا سنة 1947. ثم عاد إلي الوطن سنة 1950 وقد بلغ من العمر الثانية والستين. ودعا إلي انشاء اتيليه القاهرة. وانتخب رئيسا له في 14 مارس 1953 ليؤكد التعاون ويوثق الروابط بين الفنانين والادباء المصريين والاجانب المقيمين في القاهرة. وقد سافر إلي قبرص سنة 1955 ليرسم قائد ثورتها "الاسقف مكاريوس" في جهاده ضد الاستعمار الانجليزي. وعاد بعد شهور فسافر إلي الاقصر في نوفمبر سنة 1955 واقام بقرية "القرنة". حيث كانت تطيب له الحياة. وعاد من الاقصر ليقضي الاشهر الاخيرة من حياته متنقلا بين مصر والاسكندرية. وتوفي في مرسمه بضاحية الاهرام سنة .1956 وقد تحول هذا المرسم إلي متحف لبعض اعماله ويتبع وزارة الثقافة في مصر. وقد تم تجديده واضافة مبان جديدة له. واعيد افتتاحه في حفل رسمي كبير في يناير عام .1991 وقد صدرت اربعة كتب عن حياته وفنه: الاول عن المجلس الاعلي لرعاية الفنون والآداب عام 1957 مصاحبا لمعرض للوحاته في الذكري السنوية الاولي لرحيله اشرف علي اعداده الناقد صدقي الجباخنجي وطبع بالعربية والفرنسية. والثاني صدر عن كراسات شبرامنت" بمساعدة البعثة الفرنسية للبحوث والتعاون بالسفارة الفرنسية بالقاهرة. وعنوانه "محمد ناجي الفنان التأثيري المصري". وقد صدر بالعربية والفرنسية وهو بدون تاريخ نشر. والثالث صدر عن المركز القومي للفنون التابع لوزارة الثقافة بمناسبة الذكري المئوية لميلاده عام 1988 من اعداد نبيل فرج. وصدر الكتاب الرابع بمناسبة اعادة افتتاح متحفه بمنطقة الاهرامات عام 1991 عن المركز القومي للفنون.