"آل مكتوم العالمية": طلاب الأزهر يواصلون تقديم إسهامات مؤثرة في قصة نجاح تحدي القراءة العربي    تعرف على أسعار الأسماك اليوم الأحد الموافق 25-5-2025 فى سوهاج    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الأحد 25-5-2025 بسوهاج    «مدبولي»: 47 مليار دولار استثمارات 1800 شركة أمريكية في مصر    رئيس كوبا يتضامن مع طبيبة فلسطينية فقدت 9 من أطفالها جراء هجوم إسرائيلي على قطاع غزة    كييف: إسقاط 45 صاروخ كروز و266 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    مبعوث ترامب: الحكومة السورية توافق على التعاون لكشف مصير المفقودين الأمريكيين    كاف يكشف عن التصميم الجديد لكأس الكونفدرالية    إحالة معلمة للتحقيق لتصويرها امتحان الرياضيات للصف الثالث الابتدائي بالقليوبية    أحاول الطقس اليوم الأحد الموافق 25-5-2025 بسوهاج    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    شركة السويس للأكياس توقع اتفاقية مع نقابة العاملين في صناعات البناء والأخشاب    بيسيرو: حاولت إقناع زيزو بالتجديد.. والأهلي سمعه أفضل من الزمالك    بعد التعادل مع صن داونز.. بعثة بيراميدز تعود إلى القاهرة    أرقام قياسية منتظرة في الجولة الأخيرة من الدوري الإنجليزي    منافس الأهلي.. رائعة ميسي لا تكفي.. إنتر ميامي يسقط مجددًا في الدوري الأمريكي    معركة الخمسة الأوائل وسباق المركز الثامن.. ماذا تنتظر الأندية في ختام الدوري الإنجليزي؟    نائب وزير الإسكان يستقبل بعثة الوكالة الفرنسية للتنمية لبحث مجالات التعاون    مدبولي: مصر لها تاريخ طويل من الشراكات المثمرة مع أمريكا    في يومها الرابع.. مدير «تعليم مطروح»: انتظام امتحانات نهاية العام لصفوف النقل والأسئلة واضحة    ضبط 53.3 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    إجازة عيد الأضحى 2025.. أول أيام العيد الكبير وتوقيت الصلاة    في يوم إفريقيا.. مجلس "الشباب المصري": شباب القارة ركيزة تحقيق أجندة 2063    "أُحد".. الجبل الذي أحبه النبي الكريم في المدينة المنورة    هيئة الرعاية الصحية: «اطمن على ابنك» تستهدف إجراء الفحوص الطبية ل257 ألف طالب وطالبة    فوائد بذور دوار الشمس الصحية وتحذيرات من الإفراط في تناولها (تفاصيل)    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    محافظ أسيوط: طرح لحوم طازجة ومجمدة بأسعار مخفضة استعدادا لعيد الأضحى    افتتاح أول مصنع لإنتاج كباسات أجهزة التبريد في مصر باستثمارات 5 ملايين دولار    بعد قليل.. بدء أولى جلسات محاكمة "سفاح المعمورة" أمام جنايات الإسكندرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد.. ويلتقي بعض المرضى للاطمئنان على الخدمات المقدمة لهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    بكاء كيت بلانشيت وجعفر بناهي لحظة فوزه بالسعفة الذهبية في مهرجان كان (فيديو)    جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    الكشف على 680 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بقرية العروبة بالبحيرة    نموذج امتحان الأحياء الثانوية الأزهرية 2025 بنظام البوكليت (كل ما تريد معرفته عن الامتحانات)    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 25 مايو    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    مصرع ميكانيكي سقط من الطابق الخامس هربًا من الديون بسوهاج    نائب إندونيسي يشيد بالتقدم الروسي في محطات الطاقة النووية وتقنيات الطاقة المتجددة    قانون العمل الجديد من أجل الاستدامة| مؤتمر عمالي يرسم ملامح المستقبل بمصر.. اليوم    بعد فيديو اعتداء طفل المرور على زميله بالمقطم.. قرارات عاجلة للنيابة    استشهاد 5 فلسطينيين فى غارة للاحتلال على دير البلح    هل يتنازل "مستقبل وطن" عن الأغلبية لصالح "الجبهة الوطنية" في البرلمان المقبل؟.. الخولي يجيب    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    «هذه فلسفة إطلالاتي».. ياسمين صبري تكشف سر أناقتها في مهرجان كان (فيديو)    قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)    ناجي الشهابي: الانتخابات البرلمانية المقبلة عرس انتخابي ديمقراطي    الأردن وجرينادا يوقعان بيانا مشتركا لإقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين    نسرين طافش بإطلالة صيفية وجوري بكر جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    ميدو: الزمالك يمر بمرحلة تاريخية.. وسنعيد هيكلة قطاع كرة القدم    حلم السداسية مستمر.. باريس سان جيرمان بطل كأس فرنسا    للحفاظ على كفاءته ومظهره العام.. خطوات بسيطة لتنظيف البوتجاز بأقل تكلفة    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تُراثنا المُهمل- متحف "محمد ناجي": عُزلة في الحياة و"زيارة كل فين وفين"
نشر في مصراوي يوم 11 - 02 - 2014

وسط مساحة واسعة من الصحراء الممزوجة ببعض الخضرة، وعلى مقربة منش قمة أهرامات الجيزة في كفر غطاطي، يقبع مرسم الفنان "محمد ناجي"، والذي استقى منه الإلهام لمعظم لوحاته الزيتية، والذى تحول بعد رحيله إلى متحف يضم معظم أعماله الفنية، متروكة في متحفه لا تستقبل سوي بعض الطلاب أو الأجانب أو من أصحاب الفضول لمشاهدة لوح الفنان.
حالة الهدوء والسكينة التي تحيط بالمرسم كانت أساس اختيار "ناجي" للمكان، والذى تشابه مع كثير من الرسام والفنانين من أجل هدوء يعطي للإبداع مساحة على لوحاته، لكن حالة الهدوء تحولت إلى عُزلة تفرض نفسها على المتحف، والذى لا يعرفه الكثير من أبناء المنطقة حوله، لولا لوحة كبيرة كُتب عليها أسم المتحف، وفندق شهير بجانب متحفه، لما عرف أحد الطريق إلي المرسم.
وكأنها قدره المحتوم، عزلة لاختارها الفنان في جُل وقته لمزيد من الإبداع وترك العنان لريشته، وعزلة على كنوزه من اللوحات الزيتية، فهنا في مرسمه ظلت مقتنيات "ناجي" تخبرك عن حياته، أثاث بسيط، كرسي هزاز، وصندوق خشبي يحوي بضع من بدله الأنيقة، و"شيفونيرة" عتيقة ترك الزمن عليها مجموعة من الأتربة، وبعضاً من عوامل التعرية.
وعلي يد "فاروق حسني" وزير الثقافة الأسبق، تحديداً في عام 1991، تم افتتاح المتحف في ثوبه الجديد، بعد أن تحول المرسم إلى مباني بيضاء، تحوي صالتين أساسيتين لعرض أعمال الفنان، الأولي هي بالأساس كانت المرسم الخاص به، والثانية مستجدة من قبل وزارة الثقافة لعرض لوحاته، بجانب مكتبة ومخزن تحوي بعض الأعمال والمقتنيات.
"ناجي". نشأة فنية بروح القانون
ألواح زيتية وبعض من مقتنياته، بقيت للفنان التشكيلي السكندري هنا في محافظة الجيزة، تري في أعماله ومقتنياته بعض من روحه، بقيت حتي بعد رحيله، "ناجي" من مواليد 17 يناير عام 1888 ابن الإسكندرية من قرية "أبو حمص" على ترعة المحمودية، لأبوين من عائلة عريقة وميسورة، كانت تهوي الفن، وتنفق كل مليماً علي الشعر والرسم والموسيقي ل"ناجي" وشقيقته "عفت"، حيث شب الطفل في جو مشبع بالثقافة والفن، وتلقي دروس الرسم والموسيقى كالكمان والعود.
بدأ "ناجي" حياته شاعراً حيث كتب مجموعة من الأشعار المصرية والفرنسية، ثم عرف الطريق إلى الفن من القانون، بعد حصوله على درجة الليسانس من جامعة ليون بفرنسا في 1910، سافر بعدها إلى فلورنسا بإيطاليا، لتكون المدينة الاوروبية منشأ "ناجي" الفني، وملهمته الأولى لأن يمسك بفرشاته وألوانه يعبر عن جمالها، متأثراً بأستاذه الفنان الإيطالي "بياتولى"، وبالجو الفني هناك.
وتنقسم لوحات "ناجي" كما انقسمت حياته إلى ثلاث مراحل، في إيطاليا ثم الحبشة، حين حصل علي بعثة قضي فيها سنة كاملة هناك، ليختتم رحلته في مصر، تركت عروس البحر في نفس الفنان أثراً كبيراً ظهر في لوحاته،
ويحوي متحف "ناجي" مجموعة أعماله تخبرك عن أثره، فهنا في صالة 2 توجد لوحات آثار بومبي الإيطالية وبرج فلورنسا بإيطاليا، وأيضاً لوحة لحديقة أنطونيوس بالإسكندرية، تأثر فيها بما قدمه من لوحات ايطالية، لتجد بجانبها صورة للريف المصري في نهاية الثمانينيات، وتتعرف عليه من لوحات ناجي، مثل لوحة "الرحايا" التي التقط فيها النساء يطحن الحبوب بجلابيبهن السوداء.
لوحات "الريف"..تنقل العادات قبل الصورة
لم تلتقط فرشة الفنان التشكيلي فقط مظاهر الريف من الخارج، لكنه كان يبرز في لوحاته العادات المنتشرة في الريف، مثل ما رصده في لوحة "الطب في الريف" الذى التقط فيها العادات الطبية أثناء علاج الاطفال، أو العلاج بالقرآن برسمه للمقرئ المتواجد أثناء العلاج.
كما رسم "ناجي" مجموعة من اللوحات من خياله عن الفن المصري الفرعوني، كما ترك مجموعة من اللوحات عن العادات المصرية في الأقصر، أثناء زيارته إلى قرية "القرنة" هناك، رسم فيها عادات النساء في الأفراح، ورسم الندابات اللاتي يتواجدن بعد الوفاة، كما رسم عادات المصريين أثناء صيد الحيوانات، كما رسم الشيخ "عبد الرسول" صاحب الفندق الذى كان يقيم فيه هناك.
كما تأثرت لوحات "ناجي" بمناخ الاستقلال والنهضة الذى صاحب الحركة الوطنية المصرية، ويترك في أثره الزعيم الوطني "مصطفي كامل" أثراً كبيراً، خاصةً بعد حادثة دنشواي، ليهديه "كامل" صورة فوتوغرافية تبقى في ممتلكات "ناجي" حتي الآن، ليبحث بعد ذلك الفنان على الأم الروحية لمصطفى كامل وراعية دعوته الوطنية "جوليت آدم" ويرسمها في لوحة كبيرة تزين متحفه حتى الآن.
وفى الصالة الأخرى لعرض لوحاته، زُين سقف غرفتها بلوحة بيضاوية ضخمة للفنان أسمها "جني البلح"، والتي صور فيها عادات المصريين في الريف في قطف ثمار البلح، كما تأثر الفنان الشهير بالقرآن الكريم، ورسم لوحة يجسد فيها قصة سيدنا "موسي"، رسم فيها رجل من عبي فرعون يلتقط طفل من الماء، وخلفه سيدة تراه، تجسيداً لوالدة "موسي"، في لوحة رسمها في عام 1939.
ألواح "الحبشة"..ثمار بعثة "ناجي" هناك
تأتي بعثته إلى الحبشة في عام 1932 مثمرة بمجموعة من اللوحات الزيتية، التي صور فيها "ناجي" مظاهر الحياة في أثيوبيا، مثل الأمير النجاشي الذى يخرج للناس على حصان، والأمير ابنه الذى يخرج خلفه، ويرسم "ناجي" العبيد هناك، ويهديه ملك الحبشة "وحيد القرن" ليبقي في ممتلكاته هو الآخر.
كما نقلت فرشاة "ناجي" النيل الأزرق والأحمر في الحبشة، وصور سعادة أبناء الجنوب بحلول الفيضان، وغناء النساء وفرح الاطفال بموسم مائي جديد، وصور رائد الفنان عادات صيد الغزال، ولوحة "محاكمة في الهواء الطلق" الذى نقل فيها صور لمحاكمة بعض الجُناة هناك، ونقل عادات العزف عندهم في لوحة "موسيقي بريتون" الذى رسم فيها الأداة الموسيقية الشهيرة، ولم يترك صورة الطبيعة الحبشية الخلابة بالخضرة وسمرة أبنائها دون أن ينقلها أثناء بعثته.
كما عرفت فرشة "ناجي" الطريق إلى نفسه، حيث رسم نفسه بألوانه الزيتية، وكذلك رسم بوتريات لعائلته مع الخدم في لوحة زيتية تتوسط معرضه، ورسم نفسه فيها أيضاً، كما ترك بوتريه لشقيقته "عفت ناجي"، مصورها وهى تحمل قطتها، والتي رسمته هي الأخرى في لوحة أخري، ورسم أيضاً بوتريات لفنانين من معلميه.
وهنا في مكان عرض لوحاته، رسم "ناجي" بريشته لوحة فنية يقلد فيها اللوحة الفرنسية الشهيرة "المولود الجديد"، والموجودة في متحف اللوفر، ونسخ منها الفنان لوحة متواجدة في متحفه، كما رسم "ناجي" لوحة كبيرة لمبايعة "محمد علي" والياً على مصر، صور فيها مبايعة رجال الدين للوالي العثماني، بعلم كُتب عليه "محمد علي الوالي المصلح".
ودفعت لوحات "ناجي" ليكون رائد الفنون الجميلة، رسم في حياته بألوان عديدة وعلى مواد مختلفة مثل ألوان الباستيل والزيت وغيرها، على الورق والقماش والخشب والأبلكاش وغيرها، وتبقى في متحفه لوحة تكريم من الرئيس الفرنسي حصل عليها "ناجي" في حياته، وشهادة واحدة من محافظ الإسكندرية "نعيم أبو طالب" تذكر فيها المسؤولون في مصر قيمة الفنا بعد وفاته بربع قرن.
متحف "ناجي".. "زيارة كل فين وفين"
تأثر "ناجي" بالإسكندرية جعله يترك لوحة كبيرة تضم كل من تأثر بهم من الإسكندرية، ويرسم فيها بعض من العظماء في ذلك الوقت من الأدباء والشعراء وزعماء السياسة، فرسم هدي شعراوي وتوفيق الحكيم وطه حسين وأحمد شوقي، متأثراً فيها بالفن الإيطالي، ولم تقتصر لوحات الفنان علي متحفه، فقد ترك لوحة جدارية كبيرة على جدار مستشفى المواساة بالإسكندرية.
"زيارة كل فين وفين" هكذا عبرت "مها" موظفة المتحف عن الزيارات التي تأتي إليه، كل عام يتذكر "ناجي" مجموعة من أفراد لجنة الجرد من وزارة الثقافة، كما تقول "مها"، من أجل الاطلاع على صوره ولوحاته، والتدقيق في عدد لوحاته ومقتنياته المتروكة في مخزن متحفه، والتي لا تجد مكاناً لعرضها حتي بقيت في المخزن، والتأكد من أن العته لم تأكل بدله الأنيقة.
ثماني وستون عاماً عشها "ناجي" وسط مرسمه، حتي وافته المنية وسط لوحاته كما عاش بينها، كانت لوحاته هي الكنز الوحيد الذي تركه لمحبي الفن، دون أن يوجد له وريث، فهو تزوج مرة واحدة من امرأة ايطالية لها ولدان من زوج آخر، لتبقي مقتنياته كنزاً لمحبي الفن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.