سمعت كلاماً كثيراً.. مفاده. أنه ما كان يجب أن تستأنف مسابقة الدوري. وندخل في أحداث مؤسفة نحن في غني عنها.. لأن حال البلد لا يتحمل الدوري أو غيره.. وأصحاب هذا الرأي يشيرون إلي ما يحدث من الجماهير في المدرجات. وعدم انصياع البعض للتعليمات الأمنية.. ويستدلون علي أحداث مباراتي الزمالك مع الأفريقي التونسي. وموقعة الجبلاية الشهيرة. ثم مؤخراً ما حدث في ستاد القاهرة أثناء مباراة الأهلي وزيسكو الزامبي. وتحول المدرجات وأرض الملعب إلي ساحة حرب بسبب الشماريخ اللعينة. ولكن.. هل نلاحظ أن هذه الأحداث وقعت في مباراتين افريقيتين. لا مهرب منهما. وأن الأهلي مستمر في بطولته الافريقية.. إذن. من يقول إن الدوري يلم يكن له داع لعودته. فهو يتكلم كلاماً غير موزون. وينقصه الدقة.. لأن ما يحدث هذه الأيام من انفلات في كل شيء. ليس له علاقة بدوري الكرة أو أي نشاط آخر.. إنما هو انفلات في كل شيء نتيجة غياب المحاسبة المجتمعية. أو الإعلامية.. أو لأن الإعلام انقلب في اتجاهات معاكسة. بعد أن كان مربوطاً بالنظام السابق. أصبح مشتتاً بين ارضاء القوي الجديدة التي قفزت علي سطح الأحداث. بعد أن عاشت سنوات تحت الأرض وفي الخنادق.. وإلا كيف نفسر هذا الحجم الرهيب جداً من الجرائم الفردية أو الجماعية. وآخرها تلك الجريمة الرهيبة في إمبابة بالاعتداء علي كنيستين. وسقوط 12 قتيلاً وما يزيد علي 200 جريح. وهو عدد كبير. لا يسقط إلا في المعارك الحربية الكبيرة والحامية. مما يعني أننا بالفعل نعيش حالة احتقان بالغة. وانفلات خطير. ولا دخل بذلك للغياب الأمني. الذي يمكن أن يحد من هذا الخراب. ولكنه لن يمنعه تماماً.. وهنا ومن منطلق المواجهة مع النفس يجب أن نسأل أنفسنا كمواطنين. إلي أين نحن ذاهبون. ومن هؤلاء الذين يسعون إلي سرقة وخطف مكاسب الثورة. والانفراد بها. أو اختلاس حقوق شعب بكامله في الاستقرار والأمن والرخاء وحرية التعبير والمشاركة في المواطنة والقيادة.. فهذه هي الجريمة الكبري. والتي تندرج تحت مسمي "الطائفية" التي لم يكن لها وجود في مصر. إلا مع المصائب الكبري. أو عندما تكون هناك أياد خفية تريد لهذا الشعب أن يروح في دوامة الصراعات المفتعلة بفعل الأشرار منه.. والذين قد يتخفون من أطر الثياب وأجمل الأقنعة. وأوقع الكلمات والأطروحات. بينما الشر يملأ عقولهم. قبل قلوبهم. لأنهم لا يريدون لهذا البلد خيراً.. ويريدون لأنفسهم كل الخير. لنعيش في فساد من نوع آخر. لا يختلف كثيراً عن فساد من يحاسبون الآن أمام القضاء.. أخشي أن نستبدل فساداً بفساد. ونتحول إلي مجتمع يسوده الاجرام والمجرمون. حتي وإن تحلت وجوههم بذقون الورع والتقوي.