لم يصدر بيان من الحكومة المصرية يعقب. أو يبدي ملاحظة علي المشروع الإسرائيلي الأردني الفلسطيني بإنشاء قناة تصل البحرين الأحمر والميت. ربما لأن الخبراء الإسرائليين والأردنيين أكدوا أن المشروع محلي. ولا قيمة له. ولن يمس الأمن القومي في شيء. وجهة نظر هؤلاء الخبراء أن البحر الميت بحيرة صغيرة. ومياهها منغلقة لا حياة فيها. ومستواها منخفض عن سطح البحر. وتقضي الاتفاقية بفتح مياه البحر الأحمر علي مياه البحر الميت لتقليل الملوحة. وفتح مجالات للاستثمار علي شاطئ البحر الميت للأطراف الثلاثة التي يشملها الاتفاق. واتساقاً مع تلك التأكيدات فقد أعلن الخبير الأردني اللواء حسين عبد الرازق أن الأمن القومي المصري سيظل آمناً. ولن يؤثر فيه أحد. وأن قناة السويس ستظل طريق التجارة الأول والرئيس لجميع دول العالم. بل إن قيمتها ستزداد بهدوء الأوضاع الأمنية في البلاد وتدشين مشروع تنمية إقليم قناة السويس. إذا سألنا عن صحة تلك التأكيدات . فلعلنا نشير إلي أن المشروع من أفكار مؤسس الصهيونية تيودور هرتزل. وقد طرح فكرته كبديل لقناة السويس. ودعا إلي تنفيذها في أواخر القرن التاسع عشر. من قبل أن تنشأ دولة إسرائيل علي الأرض العربية. وكذلك من قبل أن تنشأ إمارة شرقي الأردن لتتحول- في 1951- إلي المملكة الأردنية الهاشمية . ولم يكن تصور الزعامات الفلسطينية- والزعامات العربية بعامة- أن المخططات الصهيونية ستمضي نحو التطبيق. فتنشأ دولة إسرائيل التي اعتدنا في طفولتنا أن نصفها بالمزعومة. ثم نزعنا الصفة - فيما بعد - امتثالاً للواقع. التفصيلات حول جدوي المشروع كثيرة: توليد الطاقة الكهربائية. إقامة مجمعات زراعية وسياحية واستثمارية. إنشاء محطة تحلية مياه لتزويد إسرائيل والمناطق الشمالية من الأردن بالمياه الصالحة للشرب. تجهيز البنية التحتية لإنشاء المزيد من المستوطنات الإسرائيلية. وجهة النظر المقابلة. التي أعلنها علماء وساسة. أن تنفيذ المشروع سيترتب عليه اخلال في التوازن البيئي. فضلا عن أن تلك المنطقة عرضة للزلازل. ويتساءل هؤلاء العلماء: لأن مياه البحر الأحمر عربية. فإن الخط الذي سينقل المياه إلي البحر الميت- 180 كيلو متراً في الأراضي الأردنية- ومحطة التحلية في مدينة العقبة الأردنية . فلماذا تشترك إسرائيل في المشروع. مع ملاحظة أنها هي المستفيدة دون جهد ما. بل إنها ستتقاضي ثمن المياه بواقع 27 قرشا للمتر المكعب الواحد. المشروع تحوطه ظلال كثيرة. ويشي بالكثير من التوقعات والمخاطر التي ربما لم يدركها المفاوضان الفلسطيني والأردني وهما يوقعان علي اتفاقية البدء في تنفيذ مشروع هرتزل مؤسس الصهيونية. أيا تكن الأسباب التي استندا إليها في موافقتهم علي هذا المشروع. فإن من حق المواطن المصري أن يتعرف إلي موقف الحكومة المصرية. شريطة أن يستند هذا الموقف إلي دراسات وأبحاث وبيانات وأرقام ونظرة استشرافية. تحاول التعرف إلي الحقائق. بعيداً عن النيات الطيبة.