الكتاب الذي نستعرضه اليوم بعنوان "رحمة الله بين الرجاء واليأس" للدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر يؤكد فيه أنه ما من إنسان إلا وهو فقير إلي الرحمة لاسيما رحمة الله التي هي مصدر كل رحمة ومنبع كل خير وذلك لأنها تشمل رحمة الدنيا والآخر. يقع الكتاب في أربعة فصول الأول "رحمة الله بين الرجاء واليأس" والثاني "مظاهر رحمة الله تعالي " والثالث "ظرفية الرحمة" والرابع "السبيل إلي رحمة الله تعالي".. يذكرنا المؤلف في الفصل الأول يقول سبحانه وتعالي "إن رحمة الله قريب من المحسنين".. والإحسان هنا كما جاء من حديث جبريل عليه السلام "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تره فإنه يراك" ولا يعني التصور الذي يجري علي ألسنة الناس خصوصا السائلين من إعطاء المساكين والمحتاجين بعض النقود.. فالمحسن لابد أن يكون مؤمناً صحيح العقيدة عاملا الصالحات مراقبا الله عز وجل في جميع أحواله كما أنه يرجو رحمة الله.. أما الكافر فهو اليائس من رحمة الله لأنه لم يؤمن وقد جاءته الآيات بينات وجاءته الرسل بالمعجزات.. ثم ذكر أن رحمة الله تشمل الأنبياء وغيرهم وساق الكثير من أدلة القرآن الكريم. يقول د. عطية إن في القرآن الكريم وقفات مع رحمة الله عز وجل عن طريق الاستفهام الذي يحمل الإنسان علي الإقرار بأنه لا رحمة إلي من الله سبحانه واستعرض الكثير من الآيات التي تدل علي ذلك.. ثم ذكر أن رحمة الله تشمل المؤمن والكافر علي حد سواء يقول تعالي: "ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليما".. فقد يكون المستقبل حافلا بالخيرات.. فالمرتد في الإسلام لا يقتل من أول لحظة وإنما يستتاب وكذلك تارك الصلاة والكفار لا يقاتلون في باب الجهاد إلا بعد دعوتهم إلي الإسلام فإن أبوا عرضت عليهم الجزية فالإسلام ليس بذي شهوة إلي إراقة الدماء لا إقامة الحدود فالدين دين الرحمة لا العذاب والعجلة بالتدمير ليست واردة فيه جملة وتفصيلا.. يتناول بعد ذلك د. عطية في فصل آخر مظاهر رحمة الله فيقول إن الكتب السماوية ورسول الله رحمة للعالمين والأهل والأخ الصالح والد الرحيم والزواج والتمكين في الأرض والمطر والليل والنهار والقوة وألا يعجل العذاب وأنه لم يملك أحدا خزائن رحمته وتشريع العفو وتحلة الإيمان والنجاة وصون المال وما تري في خلق الرحمن من تفاوت والأنعام والدواب ويمسك السماء أن تقع علي الأرض ولين رسوله وأن ترفع الدابة حافرها عن ولدها كل ذلك وغيره من مظاهر رحمة الله سبحانه وتعالي بعباده. وفي نهاية الكتاب يستعرض المؤلف شروط الراجي رحمة ربه وأهمها التوحيد واليقين بأن الرحمة بيد الله وحده وأن يدعو بها الإنسان ويترقبها وأن يكون مهاجراً مجاهداً في سبيل الله وأن يرجع إلي الإصلاح ويتوب توبة نصوحا وأن يكون متواضعاً من المستغفرين الصابرين وغير ذلك حتي ينال رضا الله سبحانه وتعالي ورحمته. يقع الكتاب في 180 صفحة من القطع المتوسط.