تأملت في الواقع المعاش فأثار انتباهي شيء لافت. وهو أننا كشباب كاد يقضي علي وطنيتنا حتي ان سماعنا للاغاني الوطنية صار من قبيل الترنم وليس الاحساس المتعمق المنطوي داخل الفؤاد. وصارت كذلك احتفالياتنا بالعبور والتحرير والنصر كأنها فقط يوم للإجازات والخلود إلي الراحة. قتلت في نفوسنا نشوة الحب الوطني والاعتزاز المكاني بالبلد ولكن كان هذا الاحساس المؤلم قبل مولد الثورة التي غيرت من أفكارنا وحولتها إلي الشعور الحقيقي بالحلم الضائع وهو الوطن الذي استرددناه من بعد فقده وضياعه. دبت فينا روح التمسك بالوطن وسرت فينا الرغبة في حبه والعمل علي بنائه ونهضته. وازدادت رغبتنا هذه بتوالي العوائق التي تعتري واقعنا ومازال يحدث هذا التحدي بين الحب المثمر الباني وبين من يحولون دونه. اليوم أشعر أنا ومن حولي أن هذا البلد بلدي وليس بلد أحد آخر. هي مسئوليتنا وليست مسئولة من غيرنا. وانطلاقا من هذا الاحساس الرائع الجديد بدأت أنا وأصدقائي في العمل الدءوب كل علي قدر استطاعته قد حددنا أهدافنا وقدمنا أولوياتنا في كيفية نهضة بلدنا ودعمه وبنائه. وليس الاتكال علي حكومة أو غير حكومة- نحن كشعب بكل فئاته نسعي لأن نصنع مستقبلنا ومستقبل بلدنا. نبدأ أولا في تغيير ذواتنا. نتجنب ما كنا نفعله حين كنا لا نشعر بالانتماء. ثم نثقف انفسنا ونوعي غيرنا. نحن الآن بصدد انتخابات تشريعية قد بدأنا في حملات توعية سياسية حول الانتخابات نعرف الناس ما لهم وما عليهم وما هي مهام مجلس الشعب وما هي مهام أعضائه وكيف نختار الأصلح والأنفع. نبدأ في البناء والنهضة فغايتنا كانت هي الاصلاح والنماء ولم تكن ابدا الهدم المذموم. غايتنا كانت العدل والحرية. ولم تكن القهر والعبودية. غايتنا كانت التعبير الحر ولم تكن الاستئثار بالرأي ونبذ الآخر. علينا أن نبدأ في البناء أولا بالتوحد والتكاتف والتلاحم وعدم الفرقة والتشرذم. نلتف جميعا حول حصننا المنيع "قواتنا المسلحة" فهي المنوط بها إكمال دورة العملية الثورية وسوف تكتمل هذه الدورة اذا تكاتفنا سويا الشعب والجيش لنعينهم ونعين انفسنا علي بناء بلدنا ونفوت الفرصة علي أي مغرض أو مندس يسعي إلي الوقيعة والفتنة لئلا تكتمل عملية البناء ونعود إلي حيث بدأنا ونرجع إلي ما كنا نعاني.