ما المقصود بالضلال في قول إخوة يوسف عن أبيهم يعقوب عليه السلام: "إن أبانا لفي ضلال مبين"؟ يذكر الإمام ابن الجوزي رحمه الله ان معني قول إخوة يوسف "إن أبانا لفي ضلال مبين" أي لفي خطأ من رأيه. وقال ابن زيد: أي في شقاء وقال فريق ثالث من المفسرين: لفي ضلال عن طريق الصواب الذي يقتضي تعديل المحبة فيما بيننا. والذي يتضح لي أن مراد أولاد يعقوب عليه السلام بهذا الضلال الذي وصفوا أباهم به. إنما هو الذهاب عن علم حقيقة الأمر كما ينبغي ويدلله لهذا ورود الضلال بهذا المعني في القرآن الكريم وفي كلام العرب حيث يقول تعالي "قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم". إذن فإخوة يوسف عليه السلام. لم يقصدوا بالضلال الذي وصفوا أباهم به ضلال الدين. إذ لو أرادوه لكانوا كفارا. ولكنهم أرادوا به الضلال عن رعاية المصالح في الدنيا لا البعد عن طريق الرشد والصواب وعلي هذا فمعني قوله تعالي "إن أبانا لفي ضلال مبين" ان أباهم لفي خطأ من فعله في إيثاره يوسف الصديق وأخاه من أمه علينا. والحقيقة ان النتيجة التي توصل إليها إخوة يوسف بقولهم "إن أبانا لفي ضلال مبين" خاطئة وذلك لأنها نشأت عن مقدمات خاطئة. فالمقدمة الأولي "أحب إلي أبينا منا" لها مبررات والمقدمة الثانية "ونحن عصبة" وما دمتم عصبة فأنتم لا تحتاجون إلي مثل رعاية الصغيرين يوسف وأخيه فأنتم كبار أقوياء. ولهذا فإن النتائج الضالة لا تنشأ إلا من مقدمات باطلة. ولا جدال ان قصة يوسف الصديق تعلمنا انه لا يغني حذر عن قدر. وعلينا أن نعرف ان الله عز وجل يرتب الأمور ويجري الأحداث علي وفق علمه تعالي وارادته وصدق الله العظيم إذ يقول: "إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون" إذن لا يمنع حذر من قدر. اللهم إنا نعوذ بك من شر خلقك ومن شر أعين خلقك ونعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي علي صراط مستقيم. اللهم ارحمنا وتجاوز عن ذنوبنا ويسر لنا كل أمر عسير.