كثر الحديث عن تطوير الإدارة وإقامة جامعات وكليات لتدريس الإدارة وإرسال بعثات إلي الخارج للحصول علي شهادات عالمية في هذا المجال بهدف التخلص من الروتين الممل في كافة مواقع القطاعات الخدمية. في تصوري اننا لا نحتاج إلي مثل هذه الدراسة حتي نتعلم كيف نتعامل مع المواطن البسيط فالمواطن البسيط لا تعنيه الوجاهة أو المنظرة لكن ما يهمه هو إنهاء مشكلته بالطريقة السهلة التي لا تكلفه أو تكلف الدولة أي أعباء أو مجهود والقضاء علي الروتين المعقد الذي يختلقه بعض الموظفين الذين يتفننون في عكننة خلق الله دون ردع أو ذجر هذا ما نعاني منه حقيقة. المواطن البسيط لا يحتاج إلي إدارة مرفهة أو أسلوب الخواجة. لكنه يحتاج إلي يد حنون تمتد إليه لتعينه علي قضاء مصلحته وتشعره بآدميته وكرامته في الحصول علي الخدمات المجانية التي كفلها له القانون. أما الإدارة الحديثة التي نتحدث عنها هذه الأيام فهي إدارة تعمل تحت مسمي حل مشاكل الناس "بالإنترنت" وأصحابها ليس لديهم قدرة أو وقت للتلاحم أو سماع مشكلة "عم سيد" و"أم صابر" و"عزوز الغلبان" الذي داخ السبع دوخات بين المصالح لاستخراج ترخيص كشك سجائر. أو الحصول علي شهادة صحية.. إلخ. لم يجد من يتفاعل معه لحل مشكلته وتاه بين جدران المكاتب للبحث عن مكاتب المديرين المسئولين لكنه وجد نفسه أمام باب الخروج. إن فنون الإدارة تتمثل في الاتصال الشخصي والمباشر بين المدير والموظفين والمواطنين للتحقق من المشاكل علي الطبيعة. ونسأل: متي يجيئ اليوم الذي نشاهد فيه المسئول الذي يبحث عن مشاكل الجماهير قبل أن يبحثوا هم عنه؟! المعاملة الطيبة لا تحتاج إلي دراسة أكاديمية أو تعليم أوروبي وإنما تحتاج إلي قلب طيب يسع مشاكل الجماهير ويهتم بمصالح الناس. لابد أن نفصل بين النجاح في الإدارة الحديثة علماً فقط وبين الإدارة الحقيقية علماً وعملاً. والإدارة هي عصب الأداء في أي مؤسسة أو عمل إذا انصلح حالها تقدمت المؤسسات وازدهرت وإذا فشلت يحدث النقيض وتنهار المؤسسات والكيانات ولاشك أن أحد أسباب تأخر الأداء هو ضعف الإدارة أو انحرافها ولا أقصد انحرافاً مالياً إنما انحراف أدائي يؤدي إلي إذلال المواطنين في التعامل مع المصالح الحكومية وعدم قدرة المسئول علي السيطرة علي موظفيه أو التعامل معهم في نطاق القانون حتي يتعاملوا مع المواطنين بكل يسر وسهولة كل هذا ينعكس علي نظرة المواطنين لإدارة المصالح الحكومية والمعاناة التي يعانونها.