أسئلة كثيرة وردت إلي باب "فتاوي وأحكام" يسأل أصحابها عما يفيدهم في أمور الدين والدنيا عرضناها علي فضيلة الشيخ عبدالحفيظ المسلمي كبير الأئمة بمسجد الفتح بميدان رمسيس بالقاهرة. فكانت إجاباته كالتالي: * يسأل عبدالرحمن بدوي قائلا: ما حكم النذر للأولياء والصالحين؟ ** جاء في كتاب الأصناف أن النذر الذي يقع للأموات من أكثر العوام وما يؤخذ من أموال وشمع وزيت ونحوها مما يوضع في ضرائح الأولياء تقربا إليهم. كأن يقول يا سيدي فلان إن رد غائبي أو قضيت حاجتي فلك كذا وكذا من النقود أو الطعام أو الشمع أو الزيت فهو بالإجماع باطل وحرام وذلك لوجوه منها أنه نذر لمخلوق والنذر لمخلوق لا يجوز. لأنه عبادة وهي لا تكون إلا لله تعالي. كما أن المنذر له ميت. والميت لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً. وكذلك لا يملك لغيره نفعاً ولا ضراً. وأنه ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون الله تعالي فاعتقاده ذلك كفر والعياذ بالله تعالي. وجاء في سبل السلام للصنعاني وأما النذور المعروفة في هذه الأزمنة والتي تكون لأصحاب القبور والمقابر. فلا خلاف في تحريمها ويجب النهي عنها. لأنها من أعظم الحرمات. وليعلم الأخ السائل أن النذر لأصحاب الأضرحة والأولياء والصالحين باطل بإجماع الفقهاء. * يسأل شوقي عامر: هل تجوز الصلاة عن الميت بمعني أن أصلي وأهب ثواب الصلاة لوالدي المتوفي أو والدتي المتوفاة أو أي شخص آخر؟ ** من المقرر فقهاً أن الإنابة لا تصح في العبادات البدنية مثل الصلاة باستثناء الحج. فإن له أحكاماً خاصة. وبناء عليه فإن إنابة الابن لأداء الصلاة عن والده حياً أو ميتاً لا تجوز لعموم قوله تعالي: "إن الصلاة كانت علي المؤمنين كتاباً موقوتاً" "النساء- 103" وأما عن هبة ثواب الصلاة بمعني أن يصلي الابن لنفسه نافله مطلقة ويدعو بمثل ثواب هذه الصلاة لأبيه أو لغيره من الأموات. فإنه جائز وهذا يعد من باب الدعاء للميت بثواب معين وهو جائز بالإجماع. * يسأل أسامة عبدالحميد قائلا: هل صحيح أن سيدنا الخضر الذي كان مع سيدنا موسي عليه السلام مازال حياً. وهل هو من الملائكة أم البشر؟ ** ليس من المستحيل العقلي ولا الشرعي أن يكون الخضر عليه السلام أو غيره من الخلق حياً. ولا ينبغي للمسلم أن يبادر برفض كل ما يعتد عليه. ولم يكن في نطاق المعتاد والله عز وجل يمد في عمرو من يشاء وقد يكون ذلك الإمداد لإقامة الحجة كإنظاره إبليس عليه لعنة الله فهذه ليست كرامة له ولا تشريفاً. أما غير إبليس من الصالحين كالخضر عليه السلام فقد يكون ذلك كرامة له أو لحكمة لا نعلمها. وقد ذكر مسلم في صحيحه حيث الرجل الذي يقتله الدجال. وتعقيب أبي اسحاق عليه حيث روي بسنده. عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال حكاية عن الدجال: "...... أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا قال: فيقتله ثم يحييه. فيقول حين يحييه: والله ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن قال: فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه قال أبو اسحاق: يقال إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام. وروي أنسي رضي الله عنه. عند وفاة النبي صلي الله عليه وسلم قائلا: فدخل رجل أصهب اللحية جسيم صبيح. فتخطا رقابهم فبكي. ثم التفت إلي أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم. فقال: "إن في الله عزاء من كل مصيبة. وعوضاً من كل فائت. وخلفاً من كل هالك. فإلي الله فأنيبوا. وإليه فارغبوا. ونظرة إليكم في البلاء. فانظروا فإنما المصاب من لم يجبر" وانصرف فقال بعضهم لبعض: تعرفون الرجل؟ فقال أبو بكر وعلي: نعم هذا أخو رسول الله صلي الله عليه وسلم الخضر عليه السلام. وعن أنس رضي الله عنه كذلك. قال: خرجت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في بعض الليالي أحمل له الطهور. إذ سمع منادياً. فقال: "يا أنس. صه" فقال: اللهم أعني علي ما ينجيني مما خوفتني منه. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: "لو قال أختها. فكأن الرجل لقن ما أراد رسول الله. فقال: وارزقني شوق الصادقين إلي ما شوقتهم إليه. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: "هيا يا أنس. ضع الطهور. وائت هذا المنادي. فقل له أن يدعو لرسول الله صلي الله عليه وسلم أن يعينه علي ما ابتعثه به. وادع لأمته أن يأخذوا ما أتاهم به بنيهم بالحق" فأتيته فقلت: ادع لرسول الله صلي الله عليه وسلم أن يعينه الله علي ما ابتعثه. وادع لأمته أن يأخذوا ما أتاهم به نبيهم بالحق. فقال: ومن أرسلك؟ فكرهت أن أعلمه. ولم أستاذن رسول الله صلي الله عليه وسلم فقلت: وما عليك رحمك الله بما سألتك؟ قال: أولا تخبرني من أرسلك؟ فأتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم فقلت له ما قال. فقال: "قل له أنا رسول رسول الله" فقال: لي مرحباً برسول الله ومرحباً برسوله. أنا كنت أحق أن آتيه أقرئ رسول الله صلي الله عليه وسلم السلام. وقل له: الخضر يقرئك السلام ويقول لك: إن الله قد فضلك علي النبيين كما فضل شهر رمضان علي سائر الشهور. وفضل أمتك علي الأمم كما فضل يوم الجمعة علي سائر الأيام فلما وليت عنه سمعته يقول: اللهم اجعلني من هذه الأمة المرحومة المرشدة المتاب عليها. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن الخضر في البحر. واليسع في البر. يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج. ويحجان. أو يجتمعان كل عام. ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلي قابل وقال أكثر العلماء أن الخضر عليه السلام حي باق وأنه نبي لقول الله تعالي: "وما فعلته عن أمري" قوله "آتيناه رحمة من عندنا" أي الوحي والنبوة. وعلي ذلك نري أن الخضر عليه السلام مازال حياً بين أظهرنا إلي يومنا هذا. وأنه كان بشراً. وقد يلتقي ببعض الناس كرامة له. وكرامة لمن لقيه. ولكن لا ينبغي أن يفتح الباب للمدعين. كما صح أنه نبي كما ذكر العلامة الرملي.