يعاني سوق الدواء من ازمة خطيرة تتمثل في اختفاء العديد من الاصناف والتي وصلت حاليا ل240 صنفا خاصة بمعظم الامراض المزمنة مثل القلب والسكر والضغط ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلي 400 صنف خلال الأيام القليلة القادمة. ولأن الدواء يهم ملايين المرضي فان الحفاظ علي صناعته وتوفيره هو قضية تتطلب تضافر جميع جهود القائمين عليه وبدون مراعاة الربحية في مصانع الدواء فان الصناعة لن تستطيع الصمود والاستمرار. خبراء الدواء ومسئولو الصيدليات أكدوا أن نقص الاصناف يرجع إلي تعسف وزارة الصحة ورفضها تحريك الأسعار بشكل يتناسب مع التكلفة التي ارتفعت بشكل كبير خلال الآونه الأخيرة كما أن الوزارة تضع العراقيل أمام تسجيل اصناف جديدة يساعد بدورها في سد العجز حيث تصل مدة تسجيل أي دواء إلي فترة تتراوح بين 5 إلي 7 سنوات. اشاروا إلي ان ارتفاع سعر الدولار ادي إلي وجود صعوبة في توفير الادوية المستوردة وكذلك صعوبة في توفير مستلزمات الانتاج التي تعتمد علي الاستيراد منها بشكل كبير مما ادي إلي تراجع الكميات بشكل كبير. اكدوا أنه بدون مراعاة الربحية في عمل المصانع فان الصناعة تواجه شبح الإنهيار خاصة بالنسبة لشركات قطاع الأعمال التي توفر 90% من الدواء المتداول في السوق. * د. فوزي بباوي رئيس مجلس إدارة احدي شركات الدواء يرصد وصول العجز في اصناف الدواء إلي اكثر من 240 صنفا ومن المتوقع أن يصل إلي 400 صنف خلال الشهور القليلة القادمة رغم أن المتداول في السوق المصري يصل إلي 13 ألف صنف. اضاف أن السبب في نقص الأدوية يرجع إلي تعسف وزارة الصحة في عدم تحريك الاسعار التي تم تحديدها منذ أن كان الدولار ب3.5 جنيه ووصل الان إلي 7.5 مما يكبد الشركات خسائر باهظة خاصة في ادوية الكحة وحساسية الصدر بالاضافة إلي عدم استجابة الوزارة لتسجيل ادوية بديلة في وقت قصير حيث تصل المدة إلي 5 أو 7 سنوات. اشار إلي أن لجان التسعير ترفض التعامل بمرونه مع المنتجين كما أن الوزارة حددت شركات بعينها لاستيراد المادة الخام مما يجعلها تتحكم في الأسواق وتفرض السعر الذي تريده. أشار إلي أن ارتفاع سعر الدولار سوف تظهر اثارة في الفترة القادمة حيث ان معظم الادوية المستوردة الموجودة في السوق حاليا عبارة عن استوكات قديمة وعندما تنفذ لن يجد المريض ما يريده من دواء. ضرب أمثله ببعض الأدوية التي اختفت من الاسواق مثل هيموناليم لعلاج الكبد والكلي والعديد من القطرات الهامة لمرضي المياه البيضاء والزرقاء. البعد الاجتماعي * د. علاء السمان المستشار الفني لغرفة صناعة الدواء يؤكد ان العاملين بهذه الصناعة لديهم الحس الوطني ويراعون البعد الاجتماعي وبالتالي هناك من ينتج ادوية خاسرة بالفعل لذلك ينبغي النظر إلي المشاكل التي يعانون منها مع ضرورة حلها حتي يستطيعون الاستمرار في العمل دون حدوث انهيار أو تراجع لهذه الصناعة الهامة والحيوية. اضاف أن صناعة الدواء تمر بمنعطف خطير وتواجه تحديات من ضمنها ارتفاع التكلفة نتيجة ارتفاع اسعار الدولار وخفض التصنيغ الائتماني لمصر الذي يقلل من فرصة حصول الشركات علي تسهيلات ائتمانية من الموردين في الخارج إلي جانب تعثر بعض الاستثمارات الحديثة. اشار إلي ضرورة وضع استيراتيجية محددة لضمان تقديم الدواء للمستهلك وفي نفس الوقت تضمن استمرارية الإنتاج والصناعة نظرا لأن تجميد الأسعار لفترات طويلة أحد الأسباب الرئيسية لأزمة صناعة الدواء التي تفاقمت مؤخراً. طالب بضرورة وضع حد لمشكلة التسعير وتحريك السعر بشكل تدريجي وفقا لمتطلبات السوق وبما يتناسب مع الزيادات المتلاحقة في سعر الدولار امام الجنية لأن جنون الدولار يضع مصانع وشركات الدواء في مأزق ويعرضها للخسائر المتتالية وإلا فالبديل سيكون انتشار الغش والتهريب. أوضح ان غرفة صناعة الدواء تقوم بدراسة كافة الحلول المطروحة مع المسئولين بإدارة الصيدلة بوزارة الصحة وصولاً إلي حلول جذرية لأنه منذ قيام الثورة وحتي هذه اللحظة مازالت مشاكل الدواء تنتظر والازمات تتزايد. أسعار متدنية * د. مجدي عزت صاحب أحد مصانع الدواء وعضو بغرفة صناعة الدواء.. اوضح ان ثبات أسعار الأدوية التي تقوم الشركات بانتاجها منذ سنوات طويلة حوالي 10 سنوات ورفض الدولة أي تحريك اصبح لا يساوي ثمن العبوة وليس الدواء وبالتالي فهناك عدد كبير من مصانع الادوية غير قادرة علي الإنتاج والعمل في ظل الظروف السائدة ومع عدم ثبات سعر الدولار من ناحية أخري. قال إنه لا توجد اسعار متدنية للدواء إلا في مصر علي الرغم من عدم ثبات أسعار السلع الأخري فكل شئ قابل للزيادة إلا الدواء وللأسف الشديد نطرح القضية برمتها علي المسئولين والوزراء ويبدو أنه لا أحد يريد اتخاذ قرار ينقد هذه الصناعة الاستراتيجية ويكفي أن نعلم أن خسائر شركات قطاع الأعمال وصلت إلي أكثر من 160 مليون جنيه بسبب التسعير. اضاف أن جميع مستلزمات الدواء من مواد خام وتغليف ارتفعت أسعارها اضافة إلي ارتفاع مرتبات العاملين بالمصانع والشركات إلي جانب زيادة اسعار الكهرباء والمياه ويكفي القول أن هناك بعض الامبولات تباع بجنيه فقط علي الرغم من أن سعر الامبول فارغاً قبل تعبئة الدواء يصل إلي جنيه. وبالتالي من حق شركات الدواء ان تحقق ربحا لأن لديها التزامات تجاه العمالة والصيانة وأعمال التطوير والأبحاث وشراء المواد الخام والا فترك الأمور دون حل يعني توقف الكثير من الشركات عن الإنتاج وتسريح العمالة وهذا يعني سيطرة الدواء المستورد فقط علي السوق المحلي. خسائر متتالية د. أحمد أباظة رئيس قطاع التصدير باحدي الشركات الخاصة.. اكد علي ضرورة تدخل الدولة لحماية المصانع وشركات قطاع الأعمال التي ستنهار وتتوقف إدا لم يتم مراجعة أسعار الأدوية التي تقوم بإنتاجها حيث انها توفر ما يقرب من 60 إلي 70% من الادوية المطلوبة في السوق. اضاف أن هذه الشركات بحاجة إلي تطوير مستمر حتي تستطيع العمل والاستمرار ولكن في ظل الخسائر المتتالية لثبات السعر لن تستطيع بأي حال من الأحوال العمل والإنتاج وبالتالي فهي لم تعد في رفاهية للانتظار لحين التوصل إلي حل. أما بالنسبة للقطاع الخاص فالأمر يختلف فلابد من دراسة أوضاع الشركات علي حدة لأن هناك بعض الشركات تقوم بإنتاج أكثر من مائة صنف من ضمنها 3 أو 4 فقط بحاجة إلي تحريك للسعر. موضحا أنه يجب الفصل بين القرارات السياسية والقرارات الاقتصادية لأن الدواء صناعة يجب أن تكون مربحة للقائمين عليها كما أن المصانع المصرية من أفضل المصانع علي مستوي العالم في انتاج الدواء حيث تعد هذه النصاعة من أقدم الصناعات في الشرق الأوسط. طالب بضرورة انشاء هيئة مستقلة للدواء تتبع رئاسة الوزراء وتكون هي المسئولة عن التسجيل والتسعير كما هو متبع في بلدان العالم والبلدان العربية. قال ان شركات الدواء تلبي احتياجات السوق بنسبة 90% أي أن اعتمادنا علي المستورد بنسبة 10% فقط ومن هنا فالتأخير في حل المشكلات التي تواجه الصناعة وعلي رأسها التسعير أمر خاطئ وخطير. قواعد راسخة د. مكرم مهني رئيس غرفة صناعة الدواء سابقاً طالب بضرورة تحريك أسعار الدواء الثابتة منذ فترة طويلة حتي تستطيع الشركات الاستمرار في عملها دون خسائر أو توقف في بعض خطوط الإنتاج. أوضح أن المنظومة الدوائية لها قواعد راسخة لكن الأزمة تكمن في تزايد الضغوط علي المصنع في ظل تدني ارباحه في مقابل مطالب وزارة الصحة بالتوافق مع أخر ما وصلت إليه الصناعة عالمياً وهو أمر تسعي إليه المصانع بهدف مواكبة التطورات في المنتج لكن مع وجود التدني في الارباح فأن الكثيرين لن يستطيعون الاستمرار وهو ما يؤدي إلي انهيار صناعة عملاقة تمثل الملاذ الأول والأخير لملايين المرضي. أشار إلي أن مشكلة الحصول علي التمويل باعتباره أحد العناصر الاساسية التي تعتمد عليها الصناعة في التوسع والإنتاج أو اقامة مشروعات جديدة مؤكدا ان جميع بلدان العالم تلجأ إلي تحريك الأسعار قياسيا علي الدولار وفي حالة عودة الدولار لسعره قبل عملية التحريك فإنها تقوم بخفض قيمة الدواء مرة أخري. أوضح أن الحكومة مطالبة في هذه المرحلة بضرورة الموافقة علي الطلبات المقدمة من جانب المصانع والشركات برفع الأسعارحتي يستطيع الجميع مواجهة الزيادة في تكلفة الإنتاج والمواد الاساسية لصناعة الدواء وكذلك باقي عناصر الانتاج التي تشهد زيادة كبيرة بدورها. نقص السيولة د. أيه محمود مديرة باحدي الصيدليات قالت: اصبح من الطبيعي وجود نقص في العديد من الأدوية لمجموعة من الاسباب اولها عدم وجود سيولة في البلد مما يجعل اصحاب الصيدليات لا يقومون بسداد المديونية التي عليهم فتتوقف الشركات عن الإنتاج وايضا بسبب سوء الأحوال الاقتصادية تتراجع الشركات عن إنتاج تشغيلات جديدة خوفاً من عدم قدرتها علي التوزيع بسبب سوء الأحوال. ضربت أمثله بالعديد من الأدوية الناقصة مثل اتروفين. د وبلكيز ونازوكرم الخاصة بامراض الانف والحساسية وكذلك نقط البروزولين الخاصة بامراض العين وادنكور لمرضي القلب ومراهم فيسيكورت والجازون واسبراي كلينن لحساسية الصدر ويوجد عليه اقبال كبير من المرضي وسؤال دائم وجلوفاس لمرضي السكر والنافو دوكسين لمنع القئ بالاضافة إلي معظم أنواع الأدوية المستوردة للصعوبة الشديدة في الحصول عليها بسبب ارتفاع سعر الدولار. * د. محمد أشرف صاحب احدي الصيدليات يؤكد أن سوق الدواء يعاني من نقص شديد في الاصناف بسبب سوء الأحوال الاقتصادية وعدم قيام الشركات بانتاج تشغيلات جديدة بحجة عدم مواءمة اسعار البيع لسعر التكلفة. اضاف هناك العديد من الاصناف التي اصبح الحصول عليها صعب جدا بالنسبة للمرضي مثل هيموجت لعلاج الانيميا وقطرات تريليرج وهيبوتيدذ. توقع ان تزداد الأمور صعوبة في الأيام القليلة القادمة إذا لم تقم الشركات بانتاج خطوط جديدة أو التوسع في الاستيراد لسد العجز الذي يدفع ثمنه المريض الذي يضيع وقته في البحث عن الدواء في الصيدليات المختلفة دون جدوي.