لاشك أن إنشاء المدن الصناعية في مصر الغرض منه خلق قاعدة صناعية مصرية تساعد علي زيادة النمو الاقتصادي في المجال الصناعي ووضع مصر علي خريطة الصناعة العالمية. وتعتبر المدينة الصناعية بأكتوبر أحد أهم المناطق الصناعية وتحتل المرتبة الثانية بعد مدينة العاشر من رمضان حيث تقع علي مساحة 9 آلاف فدان مقسمة إلي 9 مناطق وبها ما يقرب من 3500 مصنع ما بين مصانع كبيرة ومتوسطة وصغيرة توفر 300 ألف فرصة عمل وبحجم استثمارات يقترب من 27 مليار جنيه. في الفترة الأخيرة واجه المستثمرون بها مشاكل كبيرة أدت إلي غلق نسبة كبيرة منها وتعثر أخري وتراجع الإنتاج إلي 40% من طاقة المصانع. يرجع أصحاب المصانع ذلك لعدة أسباب أهمها زيادة أسعار الخامات مع التدهور المستمر في سعر العملة وما صاحبه من حالة ركود بالأسواق وايضا للانفلات الأمني وعدم القدرة علي سداد قروض البنوك وزيادة الاعتصامات والاضرابات العمالية وهجرة العمالة الماهرة وغزو المنتج الصيني. أكد رئيس جمعية الصناعات الصغيرة أن الجهات المنوط بها حل مشاكل المستثمرين مثل هيئة التنمية الصناعية وهيئة الاستثمار وجهاز تنمية أكتوبر هي التي تخلق مشاكل لأصحاب المصانع وأدت إلي ما نحن عليه الآن. في حين يري رئيس جمعية مستثمري المدينة الصناعية بأكتوبر ضرورة فتح أسواق جديدة والاستعانة بخبرات عالمية والتدخل لدي البنوك لإيجاد حلول لمشكلة القروض ومساعدة من لديهم الرغبة في معاودة الإنتاج. يقول المهندس محمد نجيب صاحب مصنع لتوريد قطع الغيار الميكانيكية إن المشاكل التي تعوق الإنتاج في المدينة الصناعية بأكتوبر وتؤثر علي حجم الإنتاج والتي قد تؤدي إلي الإغلاق وهروب المستثمرين كما يحدث الآن علي أرض الواقع هي عدم وجود العمالة الفنية المدربة بشكل جيد والانخفاض المستمر في قيمة الجنيه أمام الدولار وهذا يعرضنا لخسائر كبيرة لأننا ملتزمون بتوريد إنتاجنا بأسعار متعاقد عليها مهما زادت تكلفة أو أسعار شراء الخامات. ايضا هناك إجراءات التراخيص المعقدة والتي تؤدي لإعاقة وجود المستثمرين العرب والأجانب ولابد من اختصارها في جهة واحدة كما أن جهاز مدينة 6 أكتوبر لا يساعد علي التوسع الصناعي بالمدينة. يؤكد محمد حسن "صاحب مصنع" أن جهاز تنمية أكتوبر يبيع الأرض دون وجود خطة لإدخال المرافق فكيف تتم عملية التوسعات بالمصانع دون وجود طرق ممهدة أو كهرباء كما أن مصلحة الضرائب لم تراع الفترة الصعبة التي تمر بها الصناعة بعد الثورة وضعف التسويق والإنتاج المنخفض وهذا يؤدي لمشاكل كثيرة وإغلاق نسبة كبيرة من المصانع لعدم مقدرة المستثمرين علي الوفاء بالتزاماتهم. يشير إبراهيم حسن "صاحب مصنع" إلي أنه من الصعوبة عودة المصانع المغلقة للإنتاج مرة أخري بسبب حالة الركود الشديد بالأسواق وملاحقة البنوك لأصحاب هذه المصانع لسداد القروض والفوائد المتراكمة عليهم. يطالب بإعادة جدولة هذه الديون ووقف الفوائد حتي تتمكن هذه المصانع من توفيق أوضاعها. يقول أحمد السعيد "صاحب مصنع": بعض المصانع أغلقت أبوابها بسبب الانفلات الأمني وانتشار البلطجة والسرقات وفرض الأتاوات علي المصانع كل هذه الأمور تعاني منها المدينة الصناعية بأكتوبر ولأن رأس المال جبان فإن رجال الأعمال يفضلون الإغلاق تفادياً لخسائر أكبر في حالة الاستمرار خصوصاً مع الزيادة الكبيرة في تكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار الطاقة والوقود. بينما يري صلاح الناهي "مشرف عمال" أن العمال ساهموا في زيادة حالات إغلاق المصانع بسبب كثرة المطالب ووقفهم للإنتاج إذا اعترض أصحاب المصانع علي تلبية مطالبهم وأن عدم توفير مساكن للعمال بسعر اقتصادي ومناسب لهم أدي إلي هروبهم. وتساءل كيف يتم بناء مدينة صناعية دون الأخذ في الاعتبار توفير مساكن للعمال؟ يشير أسامة حسن "مستثمر" إلي أن المدينة الصناعية بأكتوبر تعمل تحت ظروف غاية في الصعوبة أدت لتوقف ما يقرب من 250 مصنعاً عن الإنتاج من إجمالي ما يقرب من 3 آلاف مصنع وتوفر 300 ألف فرصة عمل داخل المناطق الصناعية وعددها 9 مناطق هي جملة المدينة الصناعية بأكتوبر. يحذر من زيادة عدد المصانع المتوقفة وتدهور الإنتاج بسبب حالة الارتباك في الأسواق وعدم وضوح الرؤية. يضيف: أن المنتج الصيني أصبح يشكل خطورة شديدة علي الصناعات المصرية لانخفاض سعره رغم قلة جودته. يقول حسن سعد رئيس مجلس إدارة جمعية الصناعات الصغيرة: إن التباين بين القوانين الضريبية يضر بالصناعة المصرية فكيف يكون هناك ضريبة عقارية علي مباني المصانع والمنشأت علماً بأن المصنع وما عليه خاضع لضريبة الأرباح الصناعية والتجارية والمباني جزء أساسي من مكونات رأس المال. يقول ناجي ألبير عضو مجلس إدارة جمعية مستثمري 6 أكتوبر إن الجمعية تعمل علي حل مشاكل المستثمرين من أصحاب المصانع مع البنوك وتدخل كوسيط لحل مشكلة القروض وجدولتها كما تقوم بتأجيل اشتراكات المستثمرين مراعاة للظروف الحالية. يضيف أن الجمعية تعمل الآن علي وضع نظام أمني تابع للقطاع الخاص للمدينة الصناعية بأكتوبر للقضاء علي حالة الانفلات الأمني وتأمين المصانع والمنتجات وسوف تتحمل الجمعية التكلفة. يؤكد مجدي عبدالمنعم رئيس مجلس إدارة جمعية مستثمري 6 أكتوبر أنه لا يوجد أرقام حقيقية للمصانع المتعثرة وأسباب تعثرها أو إغلاقها ولكن كلها اجتهادات شخصية. يضيف أن الجمعية بصدد عمل اتفاقية مع إحدي الجهات العالمية المتخصصة في مجال رصد مشاكل المصانع وأسبابها وطرق العلاج وسيتم توقيع الاتفاقية في القريب العاجل وذلك من أجل الوقوف علي قاعدة معلومات صحيحة لمعرفة أسباب الغلق والمساعدة علي العودة للإنتاج إذا كان المصنع أغلق بعيداً عن رغبة المالك وليس بإرادته. أوضح أن لجنة تنمية الاستثمار بالجمعية اتفقت مع معظم الملحقين التجاريين في الدول العربية وأوروبا وافريقيا لعمل رحلات للمستثمرين المصريين لعرض إنتاجهم وفتح أسواق خارجية لمن لديه منتج صالح للتصدير.