نريد أن نفرح بالثورة.. نريد أن نشعر بالتفاؤل.. نريد أن نتأكد أن الأيام السوداء قد ولت إلي غير رجعة.. وأن العدالة الاجتماعية سوف تتحقق. وأن الرخاء آت. نريد أن نتخلي عن نداءات شد الأحزمة علي البطون وأن تتوقف عن الظهور طوابير الخبز وأنابيب الغاز. نريد أن نري السلع الغذائية غير منتهية الصلاحية وبلا هرمونات أو مواد كيماوية سامة. وبأسعار معقولة. نريد أن نعلم بأن في مقدور كل شاب العثور علي شقة بسعر مناسب وأن يستطيع تكوين أسرة.. نريد أن نجد العلاج بشكل آدمي وبمعاملة إنسانية.. نريد أن نشعر أن هناك تغييراً في شكل المجتمع. وأن هناك احتراماً متبادلاً بين الناس. وأن لغة الحوار قد اختلفت. وأن الكلمة للعقل والمنطق وليست لأصحاب العضلات والصوت المرتفع..! نريد صياغة شكل جديد للمجتمع تختفي فيه الفجوة الهائلة بين الأغنياء والفقراء. وتعود فيه الطبقة المتوسطة لذكريات الزمن الجميل لتمارس دورها الطبيعي في حماية المجتمع ولتشكل حاجزاً ضد التطرف والإرهاب..! ولكننا نشعر بالخوف. لأن المقدمات والأحوال لا تبشر بذلك. فهناك ثورة تطلعات وطموحات لا تتناسب مع ما هو موجود علي أرض الواقع. وهناك آمال عريضة يقابلها مصاعب جمة وعوائق مخيفة. فنحن في مرحلة الكلام والتوهان. مرحلة اتهامات ونبش في الماضي. مرحلة تجريح وتشويه. مرحلة انتقام وتلذذ وشماته. مرحلة تعويض كل ما فات دفعة واحدة وفي زمن قياسي.. وهي مرحلة تتداخل فيها كل الحسابات وتختلط فيها كل الأوراق. ويكون ناتجها تخبطاً وفوضي في كل المجالات بما يفتح الباب لضياع الأنظمة والقوانين والأمن والاستقرار.. وهي مرحلة أصبح فيها الشارع بلا صاحب.. يحدث فيه كل شيء الآن. ولا يوجد من نلجأ أو نشكو إليه. وهو شارع أن استمر الحال فيه كما هو عليه الآن فهو يمهد الطريق لثورة من نوع آخر لن يقودها شباب الفيس بوك ولكن سيقودها شباب التوك توك والميكروباصات والنصف نقل. فهي ثورة العاطلين والجياع والمحرومين الذين أصبحوا يقودون الشارع ويتحكمون فيه الآن في ظل غياب أمني واضح وسيستمر طويلاً قبل أن يستعيد رجال الأمن هيبتهم. وقبل أن تعود الثقة بينهم وبين الجماهير..! وفي هذا نقول إننا كنا نشعر بقدر أكبر من الأمان مع وجود اللجان الشعبية في كل حارة وفي كل شارع وأمام كل بيت.. وعندما كان الجميع في حالة تأهب ويقظة دفاعاً عن العرض والشرف والممتلكات العامة والخاصة.. أما الآن فإن هناك حالة من التوحش والترصد والتأهب تسود فئات معينة. وهي فئات تراقب وتنتظر وربما تستعد أيضاً للإنقضاض بعد أن أدركت سهولة التحرك وسهولة الإختراق وسهولة الإقدام علي أي عمل والهرب سريعاً. كما حدث في الإنقضاض علي كارفور المعادي وغيره. وحيث ثبت أن هناك من ينتظر ويتحين الفرصة للتخريب والإنقضاض واصطياد الفريسة. ويساعد علي ذلك الآن أن هناك حالة من الركود الاقتصادي. وهناك مشاكل تواجه رجال الأعمال وهناك تردد في ضخ استثمارات جديدة. وهناك حالة من الجمود تسيطر علي حركة البيع والشراء. وهناك خسائر في الكثير من القطاعات. وهناك عجز عن سداد المرتبات والأجور يقابله مطالبات جماعية بزيادة الأجور وبالعلاوات والمكافآت وتحسين الأوضاع..!! إننا نعبر عن مخاوفنا حتي نواجه أزماتنا بواقعية وبفهم وبإدراك لما قد يحدث بدلاً من أن نعيش أحلاماً وردية لثورة فجرت وحركت داخلنا كل الأحلام الجميلة بينما الواقع حولنا بالغ الصعوبة. ويحتاج إلي أن نبدأ الطريق بداية سليمة صحيحة. وهي بداية تتلخص في أن نتوقف عن الكلام وتبادل الاتهامات.. وأن نبدأ مرحلة العمل والبناء ولا شيء آخر..! ** ملحوظة أخيرة: شعبان عبدالرحيم سيغني عمرو موسي هو أبويا.. وبكره ربنا يستر علي عمرو موسي..!!