في الحواديت. أن رجلاً أخرج المارد من القمقم. ثم حاول - لتعاظم المارد وتصرفاته العنيفة - أن يعيده إلي القمقم.. لكن المارد أصر علي الحرية التي حصل عليها. وأقدم علي فعل الكثير من التصرفات الخاطئة. دون أن يضع حساباً لأي شيء. أستعيد تلك الحدوتة القديمة وأنا أشاهد المأساة التي يعيشها - منذ فترة طويلة - ميدان رمسيس. مشكلة الباعة الجائلين امتدت إلي معظم ميادين وشوارع القاهرة. وإن اختلف ميدان رمسيس في أنه الميدان الرئيسي بالعاصمة. بالإضافة إلي اكتظاظه لحد الاختناق بالباعة الجائلين وسيارات السرفيس والقادمين من - والمتجهين إلي - محطة القطار. لوحة سوريالية كما وصفتها من قبل. تشكلت فسيفسائها بداية من لعبة عسكر وحرامية التي أجادها رجال الشرطة والباعة. يختفي الباعة عند ظهور الشرطة في مشهد لا يخلو من طرافة. يحملون بضاعاتهم ويفرون إلي الشوارع الجانبية. ومن تفاجئه الشرطة فإنها تصادر بضاعته. تحملها سيارات شرطة المرافق فلا تعود - أو بعضها - إلا بعد دفعة الغرامة المقررة. يهدأ لميدان يوماً أو يومين. ثم يبدأ الباعة في التسلل. وشيئاً فشيئاً تعود ريمة لعادتها القديمة. لأن الشرطة - فيما يبدو - ملت اللعبة. فقد مضي أشهر علي الصورة الحالية للميدان. وهي صورة تزداد اتساعاً وضخامة. توالي الأيام يغري المزيد من الباعة. يعرضون في أي خرم إبرة. وعلي حركة الميدان أن تبطيء. أو تتوقف. قيل إن السبب هو الحصانة التي يحظي بها الباعة بواسطة الخناجر والسيوف وقنابل المولوتوف. والتي أعدت لاستخدامها في أية محاولة لاجلائهم من الميدان. كرة الثلج تزداد ضخامة في سقوطها من أعلي الجبل. أخشي أن ذلك هو ما بلغته الأحوال في ميدان رمسيس - وربما في أماكن أخري - بحيث تلزم الشرطة سكوتاً من ذهب عن تفاقم الوضع في الميدان. فالشرطة تطالعنا ببيانات عن حملات إزالة في ميادين وشوارع العاصمة. قادها السادة اللواءات وشارك فيها العشرات من الضباط والجنود. لا إشارة إلي ميدان رمسيس. كأنه لم يعد من قاهرتنا التي كانت - ذات يوم - جميلة. وهو ما تذكرك به أفلام السينما ما بين الثلاثينيات والستينيات. بل إن المشكلة بلا حل - حتي الآن. في أهم ميادين وشوارع القاهرة. فأين تمارس حملات الإزالة نشاطها؟ السكوت عن المشكلة لا يلغيها. بل يضيف إلي تأثيراتها الخطيرة. وإذا لم نحاول استعادة رمسيس والميادين الأخري. وشوارع وسط البلد. من الباعة. فإن النتيجة التي لن نملك تغييرها. هي بقاء الحال علي ما هو عليه. دعك من محاولات نقل الباعة إلي أسواق خاصة. بعيدة. فقد ثبت فشلها. لقد زعم الفرزدق - في بيت الشعر الشهير - أنه سيقتل مربعاً. فقيل لمربع: أبشر بطول سلامة. ظني أنك تعلم من هو الفرزدق. ومن هو مربع. في هذه اللعبة السخيفة!