ومات أخي وصديقي وزميلي النقي محمد عيداروس. مات وهو يشارك في تغطية مهرجان أفلام البيئة في دبي. مات دون أن أودعه وكنا علي موعد أن نلتقي بعد عودته. مات مصابا بأزمة قلبية مفاجئة. مات ومات معه اقبالي علي هذه الدنيا الفانية. مات كما مات من قبله صديقي وأخي وزميلي هشام غباشي الذي مازلت اقرأ علي روحه الفاتحة وادعو له بالرحمة من يومها وحتي الآن في صلاتي. ما هذه الدنيا وهذه الأقدار وهذه الفجأة التي لا نضمن معها نفسا يدخل بعد ان يخرج؟ سبحان الحي القيوم الذي يفني كل شيء إلا وجهه الواحد القهار الذي احتفظ لنفسه بالأجل فلا تدري نفس بأي أرض تموت. سافر محمد عيداروس إلي الإمارات ليلقي ربه في أرض غير تلك الأرض التي ولد فيها وغير تلك الأرض التي نشأ فيها وغير تلك الأرض التي عمل فيها وغير تلك الأرض التي أصيب فيها بالضغط والقهر والاحباط بسبب من كانوا يلاحقونه بالصراعات. سافر وكان عاقد العزم بعد عودته أن يبدأ تنفيذ حلم طالما حلمنا به سويا. سافر وتركني وحدي اجتر وجعي وأمضغ حزني عليه وادعو الله ان يريحني من هذا الوهم الكبير الذي نحيا فيه ويعجل باختياري لأسكن إلي جواره. بدأت رحلتنا الحميمية معا بعد قرار أصدره خالد بكير رئيس مجلس ادارة مؤسسة دار التحرير السابق لتأسيس موقع بوابة المؤسسة الالكترونية "تحرير أون لاين" كنت أنا المؤسس لموقع جريدة المساء الالكتروني وكان هو المؤسس لموقع البوابة. كان الموقعان وقتها في حاجة إلي جهد كبير ليتحقق وجودهما علي أرض الواقع. تواصلنا وتواصل الجهد وكان كلانا ينافس الآخر ويفاخر بما تحقق علي موقعه الذي يديره ويشرف عليه من انجازات سواء علي مستوي عدد الزائرين أو علي مستوي السبق الصحفي والانفراد بالخبر. وتشملنا روح المحبة والصداقة وحب العمل والتضحية بالوقت والجهد من أجله رغم انه كان عملا تطوعيا دون أجر. عرفت عيداروس واقتربت منه وادركت كم هو إنسان نقي لا يحمل الكراهية لأحد. حتي تجاه من اختلفوا معه وكان يحكي لي عنهم في وجود الزميل أحمد شعبان رئيس قسم البرمجة والتطوير بمركز تكنولوجيا المعلومات لدينا. محتسبا جهده عند الله. وكم كان هناك من حاربه من الزملاء واستكثر عليه ان يثمر جهده النجاح لكنه كان يواجههم بابتسامته وجملته المعهودة "مش مستاهلة صراع". مات محمد عيداروس في رعيان شبابه تاركا خمس زهرات صغيرات. مات تاركا وراءه الدنيا وما فيها ومخلفا ألما في صدري لن يشفيه بكائي عليه ما حييت. رحمه الله رحمة واسعة وجعله من شهداء الغربة.