التوافق الوطني علي "الفول"!

..وماذا بعد ؟

تعجبني جدا "التغريدات" - إذا جاز التعبير - التي ينشرها الزميل جمال العليمي نائب رئيس تحرير المساء في الجريدة يوميا تحت عنوان "كلمة مباشرة".
ولن أكون مبالغا إذا قلت انها من أفضل التغريدات بكافة الصحف القومية والحزبية والخاصة حيث تتميز بالتركيز الشديد وتتناول كل شيء وأي شيء في أقل من 10 كلمات وبحرية تامة ودون حساسيات أو توازنات أو خطوط حمراء أو اسقف وبلغة محترمة لا اسفاف فيها.. وهو أمر يحسب للجريدة.
توقفت أمس كثيرا بألم وحسرة.. وأيضا بابتسامة حزينة.. أمام "تغريدة" العليمي التي قال فيها ان الحاجة الوحيدة في مصر اللي عليها توافق وطني "الفول"!.
انها ليست كلمة مباشرة فحسب.. بل أيضا طلقة رصاص أو دانة مدفع.. ويمكن أن تكون كذلك نوبة صحيان لمن يريد أن يصحو فعلا.. لأنها تكشف عورات وتعري مواقف وتفضح واقعا مرا وتؤكد حقائق سوداء.
معني الكلام.. اننا لم نتوافق وطنيا علي الدستور والقوانين التي يري الكثيرون انها تصدر بليل للتخديم علي مصالح فصيل واحد بما يتناسب مع توجهاته
ومعناه.. اننا لم نتوافق وطنيا علي سبل تحقيق الديمقراطية الحقيقية من قوانين منظمة للانتخابات وطريقة الاقتراع.. ولم نتوافق أيضا علي مختلف القوانين التي ترسخ الحريات عامة وتحمي حرية الرأي والتعبير خاصة.
ومعناه.. اننا لم نتوافق وطنيا علي كيفية الخروج من المستنقع الاقتصادي الذي نغوص فيه حتي الأذقان ويحتاج إلي افكار مبتكرة وأسس سليمة وشفافة تتضافر فيها كل الجهود والتوجهات بلا استثناء أو اقصاء.
ومعناه.. اننا لم نتوافق وطنيا علي دعائم تحقيق العدالة الاجتماعية وابسط قواعد الحفاظ علي الكرامة الإنسانية وتفعيل المساواة الحقة بين كافة المواطنين ذكورا وإناثا وسبل حماية المرأة والطفل من العنف.
ومعناه.. اننا لم نتوافق وطنيا علي دور الأمن في المجتمع.. هل منوط به حماية المواطن والممتلكات العامة والخاصة.. أم يكون اداة بطش وتنكيل؟؟
ومعناه.. اننا لم نتوافق وطنيا علي استقلال حقيقي للقضاء وحمايته من التغول علي سلطاته والحيلولة دون اضعافه واسقاطه.. ولم نتوافق ايضا علي احترام القانون وضرورة تطبيقه علي الكافة بلا تمييز أو انتقاء أو تربص أو محاباة.
ومعناه.. اننا لم نتوافق وطنيا علي أسس العلاقات الخارجية بما يحافظ علي كرامة الدولة واستقلالها وسيادتها وحماية أملاكها من الطمع والسيطرة والسطو الممنهج.
ومعناه ومعناه ومعناه.. الكثير جدا بما يجعل في حلوقنا غصة ومرارة.. ويزيد هذه المرارة ان التوافق الوطني الوحيد في مصر هو علي "الفول"! نتيجة المستوي المعيشي المتدني للغالبية العظمي من المصريين.. وهي مصيبة أخري!!
انها صورة كئيبة لحياتنا كنا نتمني جميعا تغييرها إلي الأفضل بعد الثورة.. قدر الله وما شاء فعل.. ولكننا لن نيأس في التغيير.