لم تعد خطورة استخدامات المواد البلاستيكية المستخدمة في حفظ الأغذية وخصوصا الساخنة محل شك بل صارت حقيقة علمية أثبتتها دراسات وبحوث حذرت من حفظ المواد الحمضية والملحية في العلب البلاستيكية لسهولة تفاعلها مع المكونات الغذائية. تتسبب الأكياس والعلب البلاستيكية المستخدمة في تخزين الطعام في أمراض عديدة كالسرطانات والعقم والإجهاض وخلل المناعة وتشوهات الأجنة ومرض السكر. ولا تتوقف أضرار البلاستيك عند هذا الحد بل تحدث أضرارا بالبيئة أيضا لأن جميع أنواعه مصنعة من المشتقات البترولية ومواد كيماوية وأنها تظل عالقة بالأرض دون تحلل لما يقرب من 200 عام حتي تتحلل وهو ما يؤدي لتسمم التربة ومياه الشرب ويعوق نمو النبات. مصانع البلاستيك لا تلتزم بمعايير وشروط السلامة والصحة وتستخدم أصباغا ومواد كيماوية خطرة وتعيد تدوير مخلفات القمامة والمستشفيات بما يؤدي لكوارث خطيرة. "المساء" طرحت القضية علي الخبراء في التحقيق التالي: يقول د.سيد عبدالخالق حسانين أستاذ الكيمياء الحيوية ورئيس قسم كيمياء التغذية والتمثيل الغذائي بالمعهد القومي للتغذية إن هناك بعض المواد الكيماوية مثل "الفاتبيليت ومركبات كلورايد الفنيل تدخل ضمن مكونات الصناعات البلاسيكية وينشأ عن حرق مخلفات البلاستيك مركبات الديوكسين المحرمة دوليا وخاصة السرنجات وعبوات المحاليل والتي تصيب بالأورام السرطانية وتحدث خللا في هرمونات الجسم خاصة لدي الإناث وتعجل بظهور علامات البلوغ المبكر والاضطراب في الدورة الشهرية وسرطان الرحم. ولها تأثير سلبي علي الذكور أيضا. حيث تؤثر بشكل مضاد علي الهرمون الذكري "السيتوستيرون" المتحكم في النمو والنشاط الجنسي للذكور ويؤدي الخلل فيه إلي ضعف النشاط الجنسي والعقم. أضاف د.حسانين: إن هذه المواد الخطرة تنتقل للإنسان عن طريق الغذاء والماء المحفوظ في عبوات بلاستيكية وتتراكم مع الوقت وتلحق الضرر بجسم الإنسان وصحته. توضح د.رحاب عبدالحي أستاذ الصحة العامة بطب قصر العيني أن أكياس البلاستيك بعد فترة من استخدامها في نقل وحفظ المواد الغذائية تؤدي للإصابة بالأمراض السرطانية مثل سرطان الثدي والمثانة. أضافت أن عبوات المياه إذا تعرضت للشمس ودرجات الحرارة العالية تصبح ذات خطورة عالية علي الصحة ولابد من المنع التدريجي لاستخدام المشتقات البلاستيكية والتخلص من العادات الضارة مثل ترك عبوات المياه معرضة للشمس والحرارة وعدم حفظ الأغذية الساخنة في ورق الالومنيوم. يؤكد د.صبري السعداوي الأستاذ بالمعهد القومي للأورام أن أكياس وعبوات البلاستيك تتوقف درجة خطورتها ومدي تسببها في الأورام السرطانية علي طريق صناعتها والمواد الداخلة في تصنيعها فهناك مواد درجة أولي يستخدم في صناعتها مواد نقية وتكون نسبة سلامتها أعلي وتخضع لمعايير ضوابط معينة في التحضير ومواد درجة ثانية يستخدم في تصنيعها مواد سبق استخدامها ويعاد حرقها لإعادة استخدامها مرةأخري كالمواد التي يجري جمعها من أكوام القمامة مثل فوارغ العبوات البلاستيكية أو مخلفات المستشفيات وهي الأشد خطرا حتي وإن لم تتعرض لدرجة حرارة ولابد من تشديد الرقابة علي هذا النوع لشدة خطورته. أما الدرجة الثالثة والأكثر رداءة وخطورة فهي الأكياس السوداء ويجب ألا تستخدم في نقل أو تخزين أي مواد غذائية حيث انها مصنوعة من مخلفات مصانع البلاستيك يجب أن تخصص لحمل القمامة وهنا لا خطورة منها. طالب د.السعداوي بغلق جميع مصانع بير السلم لأنها تستخدم مواداً شديدة الخطورة علي صحة الإنسان وهذا النوع موجود بكثرة في الأسواق الشعبية ويظهر في كيس البلاستيك نقط سوداء وغامقة ويشتم منه رائحة كريهة أحيانا. أما د.أبوذكري عبدالرحمن أستاذ ورئيس قسم الفيروسات والمناعة بمعهد الأورام فتقول إنه لا توجد في مصر دراسة حول أضرار العبوات وأكياس البلاستيك ونعتمد علي الخارج حتي الآن رغم خطورة هذه المواد علي الصحة العامة ويمكن تلافي تأثيرها الضار وذلك بعدم تعرضها للحرارة أو أشعة الشمس وهنا مكمن الخطورة وتتحول هذه المواد إلي مواد قاتلة ومدمرة لاحتوائها علي مواد كيماوية في تصنيعها وتتفاعل مع الحرارة وتذوب مع الغذاء حتي تصل إلي دم الإنسان وتصل بالتالي لجميع مناطق الجسم وتجعله عرضة للأمراض الخبيثة. أوضح أن التخلص من هذه العبوات وخصوصا مخلفات المستشفيات عن طريق الحرق وخاصة المكشوف الذي يؤدي لإطلاق غازات سامة من الديوكسينات وحمض الهيدروليك السام وهذه المواد هي الأكثر سمية وتأثيرا علي الإنسان والحيوان كما أنها تزيد من الاحتباس الحراري. ويشير د.حسين النحاس الأستاذ المساعد بمركز تكنولوجيا الإشعاع بهيئة الطاقة الذرية إلي أنه لابد من البعد عن العادات الغذائية المدمرة مثل تعبئة الأطعمة الساخنة بالعبوات البلاستيكية كما يحدث مع الفول والكشري والخبز وهما ذات درجة حرارة عالية ينتج عنها تفاعل يخرج ما يسمي بالشقائق الحرة المتأينة والتي تخترق الخلية البشرية وتسبب أمراضا كثيرة. يقول د.يحيي عبدالله مدير عام المخلفات بوزارة البيئة إن جميع مصانع البلاستيك في مصر مخالفة للمعايير الدولية للسلامة والصحة العامة ويعد انتشارها كارثة بيئية فالأصباغ المستخدمة في مصانع الأكياس غير قابلة للتحلل العضوي وتبقي دون تحلل لفترات طويلة قد تمتد لأكثر من 150 عاما وصارت مشوهة للوجه الحضاري وتسبب مشكلة كبيرة في المناطق الساحلية مثل البحر الأحمر وجنوب سيناء حيث تشوه المياه وتسد مسام الشعاب المرجانية وتخنقها وتدمرها وتقود بسرعة الرياح لانتشارها في أماكن مختلفة وزيادة التلوث البيئي. أضاف د.يحيي إن هناك حلولا كثيرة مثل استخدام أكياس ورقية سهلة التحلل غير المؤثرة علي البيئة أو الصحة العامة وهذه التكنولوجيا والمواد المستخدمة بها متوفرة لكن اقبال مصانع البلاستيك عليها معدوم لارتفاع أسعارها وتطالب وزارة البيئة بتعميم هذه النوعية لسهولة التخلص منها وإعادة تقنين أوضاع مصانع البلاستيك ومحاسبتها خصوصا التي تقوم بإعادة تدوير المخلفات وإحكام سيطرة الدولة عليها وأن يكون هناك نصوص قانونية يمكنها محاسبة هذه المصانع وتنظيم العمل بها والتحكم في درجة الملوثات الصادرة عنها وهناك مشروع لإنشاء مجمع لإعادة تدوير العبوات البلاستيكية المستعملة من قبل وزارة البيئة فور توفر الميزانية لذلك.