حذرنا أكثر من مرة علي مدار سنوات طويلة مضت من فوضي الفتاوي التي يصدرها غير المتخصصين.. فالقنوات الفضائية بما لديها من شيوخ تليفزيونيين مشكوك في قدراتهم العلمية وسلامتهم النفسية ورجاحة عقولهم أصبحت رافدا من روافد تلك الفتاوي. ومنابر المساجد ما أكثرها أصبحت بوقا لتلك الفتاوي وخطبائها سواء يحملون درجات علمية أو لا فإنهم نصبوا انفسهم متحدثين باسم الدين أيضاً. ومواقع الإنترنت والفيس بوك وتويتر تحولت جميعاً إلي أبواق للمهووسين يصدروا منها فتاوي يساراً ويمينا.. يكفرون ما يشاءون أو يصبغون نعمة الإيمان علي من يتفق معهم في الآراء. تلك الفتاوي زادت بعد الثورة رغم أنها بدأت قبل رحيل النظام السابق كنتاج طبيعي للتطور التكنولوجي وكثرة الروافد الإعلامية ومساحة الحرية التي نعيش فيه حالياً. خطورة تلك الفتاوي أنها تحظي بقبول نسبة كبيرة من المجتمع الذي تزيد فيه الأمية علي 40% والخوف أن تتأصل تلك الفتاوي داخل نفوس الأميين من أبناء المجتمع فيتحولون إلي قنابل موقوتة وأسلحة دمار تتفجر في كل المعارضين للأنظمة السياسية التي تترك من يصدروا تلك الفتاوي دون عقاب أو محاسبة. الكارثة الأكبر هي أن كل من يريد شهرة أو مالا يطلق علي نفسه لقب شيخ أو فقيه لأنه سيجد من ينصت عندما يطلق فتاويه أو سمومه. وآخر هؤلاء الفتوي المنسوبة للدكتور محمود شعبان بأن المعارضة كافرة. وأنه يهدر دم الدكتور محمد البرادعي وحمدين صباحي تلك الفتوي تتساوي مع فتوي قتل المناضل السياسي المعارض شكري بلعيد في الشقيقة تونس.. ومن قبل صدرت فتاوي بهدم الأهرامات وأبوالهول لأنها حرام شرعاً ووجودها يعد من الوثنية التي يرفضها الإسلام. ما أعرفه هو أن للفتوي شروطا أهمها أو في مقدمتها أن الشخص عالما بكل فروع الدين الإسلامي وحافظ للقرآن والسنة ولديه إجازة من الأزهر الشريف وإلا فما الداعي لوجود دار إفتاء في بلدنا ولوجود جبهة للعلماء ولدينا أعرق مؤسسة دينية إسلامية في العالم هي الأزهر الشريف؟ حسنا ما فعله مجمع البحوث الإسلامية برئاسة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب أنه لا يجوز قتل نفس المؤمن إلا بالحق.. وأن هذه الفتوي بعيدة عن الإسلام وصحيح تعاليمه. إن تكفير المعارضة معناه أن تخرج المليشيات لقتل كل من هم في ميادين المحافظات تنفيذا لحكم الفتوي التي أصدرها أحد الاشخاص تحت ستار الدين. إننا ننتظر فتاوي أخري كثيرة تحث علي التلاحم والتراحم والوحدة ونبذ العنف والحض علي العمل والانتاج حتي تعود مصر كما عاهدناها ولا نترك الفرصة لمن يحاولون أن يسمموا افكار الناس بما يخالف شرع الله.. ولله في خلقه شئون.